واشنطن – أدلى جيمس كومي المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) بشهادة أمام مجلس الشيوخ الأميركي، الخميس الماضي، أكد فيها أن التحقيق حول روسيا لا يطال الرئيس دونالد ترامب شخصياً، بل مساعديه، من دون أن يوضح ما إذا كان ترامب تجاوز صلاحياته بالطلب منه غض النظر عن التحقيق في اتصالات بهذا الشأن لمستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين.
ووجه كومي الذي طرده ترامب في شباط (فبراير) الماضي، اتهامات لاذعة إلى البيت الأبيض، وقال إن «فريق ترامب حاول التشهير برصيدي وبمكتب التحقيقات، وذلك بسبب التحقيق حول روسيا». وأكد كومي أن التحقيق لم يشمل ترامب آنذاك، مشيراً إلى أنه أكد ذلك للرئيس الأميركي خلال لقاءاتهما، ورفض الإفصاح عما إذا كان هناك «تواطؤ» بين ترامب وموسكو في الانتخابات الأميركية، وقال: «هذه أمور سرية».
وخلال جلسة المساءلة، قال كومي «أعتقد أنّه تمت إقالتي بهدف تغيير طريقة التحقيق في مسألة التدخل الروسي».
وأراد أعضاء لجنة مجلس الشيوخ الـ15 الذين جلسوا قبالة كومي معرفة ما إذا كانت الطلبات الرئاسية المتكرّرة التي قُدّمت في لقاءات ثنائية في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض تشكل تدخلاً سياسياً وعرقلة لسير العدالة، وهي جنحة كبرى أدت في السابق إلى شروع الكونغرس في إجراءات إقالة بحق الرئيسَيْن ريتشارد نيكسون وبيل كلينتون.
وفي هذا الإطار، أكد كومي أنّ تدخلاً حصل من قبل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة التي جرت أواخر العام الماضي، لكنه استطرد قائلاً إنه يثق بأن التدخل الروسي لم يكن عاملاً حاسماً في تغيير نتيجة الانتخابات.
وقال كومي أمام لجنة بمجلس الشيوخ إن «التفسيرات المتغيرة» التي قدمتها إدارة ترامب بشأن إقالته أصابته بالحيرة.
وأشار كومي إلى أن ترامب لم يكن مقتنعاً بجدوى التحقيق في تدخل روسيا، وأنه دهش حين اختلى به الرئيس خلال عشاء في البيت الأبيض ليطلب منه أن يكون «مخلصاً»، وأن يتخلى عن التحقيق في صلات مايكل فلين بروسيا. وقال كومي: «شعرت بأن ترامب كان يريد مني شيئاً ما في مقابل احتفاظي بمنصبي. واندهشت للطريقة التي تحدث فيها ولم أعطه رداً، ودونت الحديث بالكامل بعد العشاء، لأنه خارج النطاق المعتاد بين السلطة التنفيذية والاستخبارات».
ورداً على سؤال عن وجود تسجيل للحديث، قال كومي: «أتمنى أن يكون هناك تسجيل للاجتماع» وهو التقليد السائد في الرئاسات الأميركية. وعلى رغم تأكيده أن ترامب لم يطلب منه إنهاء التحقيق حول روسيا، فإن كومي اعتبر أن هذا التحقيق هو سبب طرده. واعترف بتسريب بعض مذكراته عن لقاءاته مع ترامب بعد طرده والضغط لتعيين محقق خاص في القضية وهو ما فعلته وزارة العدل بتعيين روبرت مولر المدير السابق لـ «أف بي آي». وليس واضحاً اليوم ما إذا كان تحقيق مولر يشمل ترامب بعد طرده كومي.
واتهم كومي روسيا بالتدخل عمداً في الانتخابات الرئاسية الأميركية من خلال القرصنة الإلكترونية. وأكد أن هذه النشاطات بدأت في صيف 2015، أي قبل 15 شهراً من الاقتراع. وقال إن قرار التدخل أتى من الحكومة الروسية مباشرة. وأضاف كومي: «ليس لدي أدنى شك بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الأميركية». وامتنع ترامب عن التغريد خلال إدلاء كومي بشهادته، وبناء على نصيحة مستشاريه ومحامي البيت الأبيض، لكن الرئيس تابع الجلسة مع فريقه خلال تناولهم الطعام، كما أفادت «سي أن أن».
وحاول الديمقراطيون اقتناص الفرصة لإبقاء التساؤلات والمزاعم بشأن انتخاب ترامب، أملاً في توسيع نطاق التحقيق بشهادات أخرى للتأكد مما إذا كان ترامب اعترض مجرى العدالة أم لا.
وفي شهادة مكتوبة صدرت في اليوم السابق لمثوله أمام لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ قال كومي إن ترامب طلب منه وقف تحقيق للمكتب بشأن مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين.
ونسب كومي إلى ترامب قوله «أتمنى أن تكون الرؤية واضحة بالنسبة لك حتى تتغاضى عن الأمر وتتغاضى عن فلين». وقال خبراء في القانون إن شهادة كومي قد تعزز فرص أي مساءلة في الكونغرس لعزل ترامب من السلطة بتهمة عرقلة العدالة.
وقال كومي «لا اعتقد أنني من يقول ما إذا كانت المحادثة بيني وبين الرئيس محاولة لعرقلة (العدالة). أراها أمراً مزعجاً ومقلقاً للغاية. لكن هذه نتيجة أثق في أن المستشار الخاص سيعمل لمحاولة فهم ما وراءها من نوايا».
وروى كومي أنّ ترامب قال له خلال لقاء على انفراد في البيت الأبيض في 14 شباط (فبراير) الماضي «آمل أن تجد طريقة لوقف هذا، لترك فلين وشأنه. إنه رجل صالح». لكن ترامب نفى أن يكون قد قال لكومي شيئاً من هذا القبيل.
وروى كومي أيضاً تفاصيل عشاء في البيت الأبيض جرى في 27 كانون الثاني (يناير)، مشيراً إلى أنّ ترامب قال له «أنا بحاجة للولاء، أنتظر الولاء».
Leave a Reply