الدفاع ينفي المزاعم الفدرالية ويصف المتّهمين بأنّهم من هواة ألعاب الفيديو والأسلحة الترفيهية
ديربورن
يواجه ثلاثة شبان عرب أميركيين تتراوح أعمارهم بين 19 و20 عاماً، اتهامات تتعلق بالإرهاب، إثر إلقاء القبض عليهم من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، في منزلين منفصلين بمدينة ديربورن، صباح الجمعة 31 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بزعم التخطيط لشن هجوم إرهابي مستلهم من تنظيم اداعشب، عبر استهداف حانات للمثليين والمتحولين جنسياً في مدينة فيرنديل خلال عيد الهالُوين.
ووسط حالة غموض وسرية تامة، شنّ عملاء فدراليون خلال ساعات الفجر، سلسلة مداهمات متزامنة استهدفت منزلين على شارعي هورغر وميدلبوينت في شرق مدينة ديربورن بالإضافة إلى وحدة تخزين في مدينة إنكستر القريبة، ليطلّ مدير اأف بي آيب، كاش باتيل ذفي غضون ساعات قليلةذ عبر منصة اأكسب، للإعلان عن إحباط هجوم إرهابي محتمل ليلة الهالوين، مشعلاً بمنشوره المقتضب، اهتمام وتكهنات وسائل الإعلام الأميركية والدولية، وقلقاً محلياً واسعاً، لاسيما وأن المداهمات جاءت في أعقاب أسابيع من حملات التحريض والتشويه التي طالت مدينة ديربورن ذات الأغلبية العربية والمسلمة.
واستمر الغموض حول العملية لمدة ثلاثة أيام حيث تم تداول معلومات عن اعتقال خلية إرهابية من عدة أشخاص، قبل أن تتضح الصورة جزئياً بمثول متهمين اثنين فقط أمام المحكمة الفدرالية في ديترويت، وهما محمد علي وماجد محمود البالغان من العمر 20 عاماً، فيما أُخضع ثلاثة آخرون للاستجواب.
ويوم الأربعاء الماضي، وسّع الادعاء العام الفدرالي قائمة المتهمين لتشمل شاباً ثالثاً من سكان ديربورن، يبلغ من العمر 19 عاماً، وهو أيوب إسماعيل ناصر، شقيق محمد علي، وقد تم اعتقالهما في منزل العائلة على شارع هورغر.
كذلك، كشف الادعاء في قائمة الاتهام المحدثة، عن هدف آخر محتمل للخلية الإرهابية المزعومة، وهو مدينة ملاهي اسيدار بوينتب في ولاية أوهايو.
ووُجهت إلى الثلاثة، تهمٌ بالتآمر لتقديم دعم مادي لتنظيم إرهابي، وحيازة أسلحة نارية يُمكن استخدامها في ارتكاب أعمال إرهابية. وتصل عقوبة التهمة الثانية إلى السجن الفدرالي لمدة أقصاها 15 سنة، بينما تصل عقوبة التهمة الأولى إلى 20 سنة سجن.
ورفض محامي ناصر، حسين بزي، انفياً قاطعاً أي تورط أو علم لموكله بمؤامرة مزعومةب.
وأكد بزي في تصريح لصحيفة اديترويت نيوزب عدم وجود أي دليل موثوق على أن الهجوم الإرهابي قد تم التخطيط له أو مناقشته أو حتى نية ارتكابها، مشدداً على اعدم وجود مؤامرة من هذا القبيلب.
كما انتقد بزي تصريحات مدير مكتب التحقيقات الفدرالي ومسؤولين كبار آخرين، واصفاً تلك التصريحات بأنها امتهورة وغير مسؤولة، ولا تستند إلى أي أدلةب. وأضاف: ابصراحة، في هذه المرحلة، يجب التساؤل عما إذا كان ضغط واشنطن، العامل الحاسم في توجيه أي اتهاماتب.
وبحسب الادعاء العام الفدرالي، حصل المتهمون على أسلحة وذخيرة وتدرّبا في ميادين الرماية، وكانوا يبحثون عن حانات ونواد ليلية يرتادها المثليون والمتحولون جنسياً في إحدى ضواحي ديترويت خلال شهر أيلول (سبتمبر) الماضي لتنفيذ هجوم محتمل في عيد الهالوين.
وقال الادعاء إن أعضاء الخلية المزعومة استلهموا أفكارهم من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وفقاً لشكوى جنائية مكوّنة من 72 صفحة تم الكشف عنها أمام القضاء الفدرالي، وسط نفي فريق الدفاع لجميع التهم المنسوبة إلى المتهمين الذين يقول الادعاء الفدرالي إنهم كانوا جزءاً من مجموعة أكبر نشرت مواد متطرفة مرتبطة بتنظيم اداعشب، عبر الإنترنت، وفي محادثات مشفرة.
وبحسب الشكوى، فقد كان المتهمون، الذين تم وصفهم بأنهم صغار جداً على شرب الكحول، يبحثون عن حانات للمثليين في فيرنديل من أجل تنفيذ هجوم محتمل.
واستند المحققون الفدراليون إلى أشهر من المراقبة، شملت استخدام كاميرا مثبّتة على عمود خارج منزل في ديربورن، بالإضافة إلى اعتراض محادثات مشفرة ومحادثات أخرى، وفحص منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال جون ميلر، كبير محللي الاستخبارات لدى شبكة اسي أن أنب، إن عميلاً متخفياً من مكتب التحقيقات الفدرالي دخل إحدى غرف الدردشة منذ أشهر بشبهة أن بعض المشاركين كانوا في الولايات المتحدة والبعض الآخر كان يتواصل مع أشخاص من خارج البلاد، يُعتقد أن لهم صلة بتنظيم اداعشب.
وقال مكتب التحقيقات الفدرالي إنه أصبح مهتماً بالشابين علي ومحمود وشخص ثالث قاصر، بناءً على معلومات حول مكالمة جماعية في تموز (يوليو) الماضي، سجلها مصدر سري، علماً بأن عملية المراقبة كانت قد بدأت قبل نحو عام كامل تقريباً، بحسب صحيفة اديترويت فري برسب.
وزعمت السلطات أن محمود اشترى مؤخراً أكثر من 1,600 طلقة ذخيرة يمكن استخدامها لبنادق من طراز ARذ15، وأن الشبان تدربو في ميادين الرماية على إعادة تعبئة الذخيرة بسرعة باستخدام بنادق رشاشة، وأنهم أشاروا مراراً إلى ايوم اليقطينب في محادثاتهم، مما دفع محققي اأف بي آيب إلى الاعتقاد بأنّ الهجوم كان مُخططاً لتنفيذه في عطلة نهاية أسبوع عيد الهالوين.
كما أفاد الادعاء بأن شخصاً قاصراً كان ناشطاً جداً ضمن مجموعة الدردشة المتعاطفة مع تنظيم اداعشب، وكان يتشاور بانتظام مع امُنظّر إسلامي محلي متطرفب بشأن ضرورة تنفيذ اعمل صالحب، غير أن ملف المحكمة لم يكشف عن هوية ذلك الرجل.
ويزعم الادعاء أن ناصر متهم أيضاً بلعب دور نشط في استطلاع مواقع هجمات محتملة في افيرنديل والغرب الأوسط الأميركيب، مستخدماً تطبيقات مراسلة مشفرة مع متآمرين مجهولين لمشاركة مواد متطرفة ومتعلقة بتنظيم اداعشب.
وأفاد المحققون أن علي ومحمود وناصر وشخصين آخرين اكانوا يشاركون في دردشة جماعية مشفرة للتخطيط لهجوم محتملب.
وتصف الشكوى الفدرالية كيف زار ناصر ورجل آخر مدينة ملاهي اسيدار بوينتب في أوهايو، يومي 18 و19 سبتمبر، حيث أظهرت لقطات من كاميرات المراقبة الأمنية وصول ناصر بسيارة علي قبل أكثر من ست ساعات من افتتاح المنتزه. كما أظهر التحقيق أن ناصر بحث في خرائط متعددة للمدينة.
وأثناء تفتيش منزله يوم الهالوين، عثر المحققون على جهاز كمبيوتر وحللوا البيانات لاكتشاف أن شخصاً ما استخدم الجهاز للبحث عما إذا كانت مدينة الملاهي ستكون مزدحمة في عطلة نهاية أسبوع الهالوين.
من جهتها، قالت وزيرة العدل الأميركية، بام بوندي، إنّ المشتبه بهم كانت لديهم اخطة مفصّلة لتنفيذ هجوم على الأراضي الأميركيةب. وأضافت بوندي، في منشورٍ على منصة اأكسب: اتمّ إحباط هذه المؤامرة قبل أن تُزهق أرواح بريئةب.
وفي حين أسفرت عمليات المداهمة عن مطادرة هواتف وسترات تكتيكية وحقائب ظهر وبنادق من طراز ARذ15 وذخيرة ومسدسات محملة وكاميرات GoPro، أكد المحامي أمير مقلد عدم ضلوع موكله محمد علي بأي مخطط إرهابي، واصفاً عملية الـاأف بي آيب بأنها اهستيرياب واإثارة للخوفب.
ووفقاً لوكالة اأسوشيتد برسب فقد وصف مقلد أفراد المجموعة التي أخضعت للمراقبة بأنهم مواطنون أميركيون من هواة ألعاب الفيديو وهواة الأسلحة الترفيهية، موضحاً أن أعمارهم تتراوح بين 16 إلى 20 عاماً وأن مكتب اأف بي آيب تسرع في اعتقالهم.
واعتبر مقلد إن المحادثات التي استند إليها العملاء الفدراليون لاعتقال موكله كانت في سياق تفاخر المراقبين ضمن غرف الدردشة الخاصة بألعاب الفيديو. وأضاف: اإذا كان هؤلاء الشباب يشاركون في منتدياتٍ ما كان ينبغي لهم التواجد فيها أو ما شابه، فسننتظر ونرى. لكنني لا أعتقد أن أياً من أنشطتهم كان مخالفاً للقانونب.
وأكد أن االواقع يتعلق بمجموعة صغيرة من الشباب تهتم بالأسلحة النارية الترفيهية، وليس خلية إرهابيةب، مشيراً إلى أن جميع الأسلحة تم الحصول عليها بشكل قانوني.
وأعرب مقلد عن قلقه من الخطاب السلبي الذي استهدف السكان العرب والمسلمين في ميشيغن، لا سيما في مدينة ديربورن، عقب تداول أنباء المؤامرة.
كما ناشد الجميع بانتظار احقائق مؤكدةب مستندة إلى التحقيقات قبل نشر استنتاجات لا علاقة لها بالواقع. وأكد، في تصريح له لشبكة اسي أن أنب الإخبارية، أنه اعلى ثقة بأنه بمجرد مراجعة الحقائق بموضوعية، سيتضح أنه لم يكن هناك أي تخطيط لهجوم جماعي أو مؤامرة إرهابية منسقة من أي نوعب.
استياء محلي
أثارت المداهمات المباغتة ومنشور باتيل حول إحباط مؤامرة إرهابية مزعومة تحاك في ديربورن، مشاعر الارتياب والقلق في أوساط المجتمع المحلي وسط تشكيك واسع بمصداقية الرواية الرسمية والأهداف الحقيقية من وراء عملية اأف بي آيب التي جاءت في أعقاب أسابيع من التحريض على مجتمع ديربورن ذي الأغلبية العربية والإسلامية.
وقال رئيس الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية، ناصر بيضون، إن السلطات الفدرالية تسعى إلى تصوير الأمر ابأسوأ صورة ممكنةب، وقال: اإلى أن تثبت إدانة المتهمين، سنفترض براءتهماب. وأكد بيضون أن ديربورن تتميز بأنها مجتمع آمن ومرحّب ومتنوع، والكن عناوين الأخبار الرئيسية لها تأثير مباشر وضار على مدينتناب، معرباً عن خشيته من األا تنتهي أبداً العنصرية ضد العرب وكراهية الإسلام التي نواجهها منذ أحداث 11 سبتمر 2001 و7 أكتوبر 2023ب.
وقال بيضون: اكما ترون الإعلام الوطني، وما يفعلونه بديربورن، والهجمات والأكاذيب… أي شيء من هذا القبيل يزيد من حماسة الناس ويغذي كراهية المسلمين وديربورن يصورونها كأنها عاصمة الشريعة الإسلاميةب.
وفي انتقاد للتغطية الإعلامية الواسعة التي حظيت بها عملية اأف بي آيب الأخيرة، قال مؤسس الرابطة الحقوقية، المحامي نبيه عياد: ابمجرد أن يقول أحدهم اديربورنب واالإرهابب، يصبح الأمر مثيراً للغاية بالنسبة للإعلامب، مؤكداً أن العرب والمسلمين في ديربورن ااكتسبوا الحق في الشك بالحكومةب.
واتهم عياد السلطات الفدرالية باستخدام تكتيكات مختلفة في استهداف العرب والمسلمين بما في ذلك استخدام الخطاب السجنهم تحسباً لأي طارئب أو استخدام عملاء أو مخبرين سريين لاستدراج الشباب العربي والمسلم إلى التورط في أعمال عنف محتملة.
واتهم عياد الحكومة الفدرالية بمراقبة العرب الأميركيين ومعاملتهم وكأنهم متهمون سلفاً بينما لا تقوم السلطات بمراقبة المشتبه بهم البيض الذين يرتكبون أعمالاً إرهابية بالفعل. وتساءل عياد قائلاً: اكم عدد الأعمال الإرهابية التي ارتكبها هذا المجتمعب؟ ليجيب بنفسه: اصفرب.
بدوره، قال داود وليد، المدير التنفيذي لفرع مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في ميشيغن (كير)، إنه تحدث إلى الكثيرين في المجتمع العربي والإسلامي منذ انتشار خبر مؤامرة الإرهاب في عيد الهالوين. وقال وليد: اكل تعليق قيل كان مفاده: ها نحن ذا، مرة أخرى، الحكومة متورطة في مؤامرة أو مخطط للإيقاع بالشبابب، مشيراً إلى أنه هناك تاريخ طويل لمكتب التحقيقات الفدرالي في استخدام المخبرين السريين، إلى جانب أموال دافعي الضرائب، للتخطيط للمؤامراتب.






Leave a Reply