القاهرة – يحتدم التنافس الإنتخابي في مصر بين المرشحين الرئاسيين، مؤسس «التيار الشعبي» حمدين صباحي ووزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي، الذي قدم نفسه لأول مرة إلى المصريين بصفته رئيساً مرجحاً للجمهورية، وذلك في أول لقاء تلفزيوني يجريه منذ ترشحه للرئاسة غداة استقالته من وزارة الدفاع، حيث شدد على ضرورة استعادة ثقة المصريين بالدولة، مشيراً إلى ان قراره خوض السباق الرئاسي انطلق من واجبه الوطني إزاء التحديات والمخاطر التي تمر بها مصر.
السيسي أثناء مقابلة تلفزيونية. |
وكثّف المرشّحان الوحيدان لانتخابات الرئاسة المصرية نشاطهما الانتخابي في الأسبوع الماضي من انطلاق الحملات الدعائية في إطار السباق الرئاسي، من دون أن يدخلا بعد في مواجهة مباشرة، وهو ما تبدّى من خلال سلسلة اللقاءات الإعلامية والشعبية والرسمية التي عقداها، وخصوصاً في الحوارين التلفزيونيين اللذين شاهدهما المصريون، وكانا أشبه بمناظرة غير مباشرة.
في هذا الوقت، أعلن معارضون مصريون، معظمهم مقرّب من نظام «الإخوان» السابق، عن تأسيس تحالف معارض أطلق عليه اسم «تحالف استعادة ثورة يناير»، للمطالبة باستعادة ما قالوا إنه حقوق المصريين بعد «ثورة 25 يناير المسلوبة من قبل الانقلاب»، على حد وصفهم.
وسعى كل من السيسي وصباحي، في مقابلتين تلفزيونيتين حلّ فيهما الأول ضيفاً على قناتي «أون تي في» و«سي بي سي» والثاني على قناة «النهار الجديد»، لتقديم برامجهما الانتخابية، التي تمحورت حول منظومتي الاقتصاد والأمن، وعكست التوجهات العامة للمرشحين، بين واحد معبّر عن «الدولة» (السيسي) وآخر معبّر عن «الثورة» (حمدين)، وهو ما تبدّى في مقاربتهما لسبل حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وقدم السيسي ملامح أولية لبرنامجه الانتخابي، الذي يقوم على ركيزتَي الاستقرار الأمني والتنمية الاقتصادية، مشدداً على ان ادارته للحكم ستقوم على اساس الاحترام المتبادل وتقبل الانتقادات والمعارضة، طالما لم تصل إلى مستوى التجاوزات، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه «لن يكون هناك شيء إسمه جماعة الإخوان المسلمين» خلال فترة رئاسته المحتملة.
ورأى السيسي أن «الخطاب الديني في العالم الاسلامي أفقد الإسلام انسانيته، وهذا أمر خطير»، مضيفا: «لقد قدمنا ربنا بشكل لا يليق بمقامه العظيم». ورأى ان «الدين الحقيقي ليس ذاك الذي نمارسه اليوم»، مشدداً على أن لا دولة دينية في الإسلام بل دولة مدنية».
وفيما يتعلق بالتنمية، قال السيسي: «نحن نعيش على مساحة من الأرض طوال آلاف السنين، ومنذ عهد محمد علي هذه الأرض لم تزد، لا بل ضاقت علينا، وباتت ثرواتها مقسمة على 90 مليون مصري -بصرف النظر عن عدالة التوزيع- والآن لدينا فرصة للتمدد جغرافياً وأن نؤمن عبر ذلك فرص عمل واسكاناً وزراعة وتعديناً… الخ». وأقر السيسي بأن «المصريين فقدوا الثقة، لكنهم لو وجدوا أملاً حقيقياً فسيصبرون أكثر من أي شعب في الدنيا، وبالتالي فإن دورنا هو إنهاء حالة الشك لتحل مكانها أجواء من الثقة الكاملة بالدولة والنظام وببعضنا البعض». ولفت السيسي إلى ان «ما تراكم في سنوات طويلة لن يحل بين ليلة وأخرى، وإنما خلال فترة زمنية مقبولة»، معتبراً أن «ثمة جهداً هائلاً مطلوب بذله لكي يكون مردوده ضخماً أيضاً».
كما تطرق المرشحان إلى السياسة الخارجية لمصر، حيث بدا التمايز واضحاً في تركيز السيسي على طلب الدعم من «الأشقاء العرب»، وفي مقدمتهم الملك السعودي عبد الله، الذي وصفه بأنه «كبير العرب وحكيمهم»، بينما شدد صباحي على أن العلاقة مع دول الخليج يجب ان تنطلق من الشراكة، مؤكداً على ضرورة ان تستعيد مصر دورها الريادي على المستوى العربي والدولي .
من جانبه، عبر حمدين صباحي عن ثقته بالفوز في انتخابات الرئاسة المقررة في 26 أيار (مايو) الجاري، متعهدا بـ«رفع المظالم عن الناس» ودعم العمال.
وقال صباحي في مؤتمر انتخابي بمدينة المحلة الكبرى الاثنين الماضي «سننتصر لأننا نكمل «25 يناير» و«30 يونيو»، سننتصر؛ لأننا نملك القلب الذي يريد رفع المظالم عن الناس، نريد مصر مليئة بالعدل بعد الظلم مليئة بالمحبة بعد الكراهية والاستقطاب». وحول القضايا الأمنية، قال: «لا مكان للإرهابيين في مصر، واللي هيرفع السلاح في وجه الدولة والجيش والشرطة، هنرفع السلاح في وجهه». كما أعلن المرشح اليساري عن خطة يتضمنها برنامجه الانتخابي تهدف لدعم القطاع العام الذي يعمل فيه ملايين المصريين ومكافحة الفساد فيه.
ووعد صباحي بمكافحة الفساد في القطاع العام، مشيرا إلى أن «القيادات الفاسدة هي العبء على القطاع العام وليس العامل المصري».
وأوضح أن البلاد بحاجة لتضمين الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد في قوانين مصرية، وقال: «سأصدر قانوناً لحماية المبلغين والشهود في قضايا الفساد»
ويرى مراقبون أن اختلاف طريقة العرض بين كل مرشح من هؤلاء هي الفارق الوحيد بين صباحي والسيسي، على اعتبار أن كليهما يؤكد أنه سيعمل على تطبيق أفكار «ثورة ٢٥ يناير» وموجتها التصحيحية في الثلاثين من حزيران (يوينو)، وإن اختلفت الاليات في بعض النقاط. ويتفق المرشحان على نقاط في برامجهما الانتخابية تتعلق بضرورة إعادة الأمن وتطبيق العدالة الاجتماعية ورفع معدل النمو وتقليص حجم البطالة.
Leave a Reply