القبض على حوالي ألف شخص خلال ستة أشهر .. ومركز احتجاز جديد لاستيعاب الأعداد المتزايدة
ديترويت
كما في جميع أرجاء الولايات المتحدة، شهدت ولاية ميشيغن، خلال النصف الأول من العام الجاري، ازدياداً مطّرداً في وتيرة اعتقال المهاجرين غير الشرعيين، حيث أظهر تقرير نشره موقع «أم لايف» الأخباري، ارتفاعاً كبيراً بنسبة 154 بالمئة في أعداد المحتجزين، منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي.
وتشير البيانات الجديدة إلى أن وتيرة الاعتقالات تسارعت خلال الأسابيع الأخيرة، في إطار جهود السلطات الفدرالية لتنفيذ تعهد ترامب بتفعيل «أكبر عملية ترحيل في تاريخ أميركا». إذ أعلن مستشار البيت الأبيض ستيفن ميلر، مهندس سياسة الهجرة المتشددة للإدارة الأميركية، عن تكثيف الاعتقالات لبلوغ معدل 3,000 شخص يومياً. وهو ما دفع إدارة شرطة الهجرة والجمارك الأميركية (آيس) إلى اتباع أساليب أكثر عدوانية لتحقيق الهدف المطلوب، بما في ذلك اعتقال أعداد أكبر من المهاجرين الذين ليست لديهم سجلات جنائية.
ولكن على الرغم من ارتفاع الأعداد إلى مستوى قياسي في حزيران (يونيو) المنصرم، إلا أنها لا تزال أقل بكثير من هدف ترامب المعلن بترحيل مليون شخص سنوياً.
وقد يكون من الصعب الحصول على معلومات آنية حول إجراءات «آيس»، لأن الوكالة لا تقدم سوى بيانات إقليمية محدودة عن الاعتقالات، والتي لم تُحدّث منذ كانون الأول (ديسمبر) 2024. غير أن تقرير «أم لايف» استند إلى إحصاءات الاحتجاز الوطنية، التي تُحدّث كل أسبوعين، بالإضافة إلى أرقام منظمة «مشروع بيانات الترحيل» التي تتابع الاعتقالات اليومية المتعلقة بالهجرة بموجب قانون حرية المعلومات، فضلاً عن قاعدة بيانات أنشأها «مركز تبادل معلومات الوصول إلى السجلات» TRAC في «جامعة سيراكيوز».
أرقام ميشيغن
وفقاً للبيانات التي نشرها «مشروع بيانات الترحيل»، ارتفعت اعتقالات الهجرة في ميشيغن بوتيرة حادة خلال النصف الأول من يونيو المنصرم.
ومنذ 20 يناير حتى 20 يونيو، اعتقلت «آيس» 940 شخصاً في ميشيغن –متجاوزةً تقريباً عدد الأشخاص الذين اعتُقلوا خلال العام الماضي بأكمله، والبالغ 951 شخصاً.
وقبل ولاية ترامب الثانية، كانت «آيس» تعتقل ما بين شخصين وثلاثة أشخاص يومياً في الولاية. لكن هذا العدد أخذ في الارتفاع منذ عودة الرئيس الجمهوري، لتصل إلى ما يقارب 12 شخصاً يومياً خلال الأسبوعين الأولين من شهر يونيو المنصرم.
هذا يعني أن اعتقالات «آيس» قد قفزت بنسبة 154 بالمئة في ميشيغن، عند مقارنة المتوسط اليومي للعام الماضي، بالمتوسط اليومي منذ تولي ترامب منصبه.
ويُظهر تحليل حديث أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» لبيانات «مشروع بيانات الترحيل» أن اعتقالات الهجرة في ازدياد في جميع الولايات، حيث شهدت ولايات مثل نبراسكا وساوث داكوتا ونبراسكا زيادات تجاوزت 300 بالمئة.
كما تُقدم البيانات بعض التفاصيل حول أماكن حدوث اعتقالات ميشيغن، حيث تتركز معظمها في منطقتي ديترويت الكبرى وغراند رابيدز.
وبحسب المقاطعات، تصدرت مقاطعة وين، القائمة منذ عودة ترامب بمجموع 287 مهاجراً، تليها ماكومب (136) ثم كنت (130) ثم ماكومب (40)، علماً بأن أكثر من 200 حالة اعتقال وقعت في أماكن غير محددة ضمن البيانات المتوفرة.
وتقول الحكومة الفدرالية إنها كثّفت اعتقالات المهاجرين جزئياً عبر اتفاقيات 287g، وهو برنامج متنامٍ يسمح لدوائر الشرطة المحلية بالانضمام لجهود وكالة «آيس» في ملاحقة المهاجرين غير الشرعيين. وقد انضمت خمس دوائر شرطة محلية في ميشيغن إلى البرنامج، من بينها شرطة مدينة تايلور وشرطة مقاطعة جاكسون.
وتجدر الإشارة إلى أن البيانات آنفة الذكر لا تُقدم نطاقاً كاملاً لعمليات الاعتقال المتعلقة بالهجرة، لأنها لا تتضمن أي أرقام من وكالة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (سي بي پي)، وهي وكالة فدرالية مستقلة تتمتع بسلطة قضائية ضمن نطاق 100 ميل من الحدود أو الممرات المائية الدولية، وتغطي مساحات واسعة من البلاد، بما في ذلك ولاية ميشيغن بأكملها.
من دون سوابق جنائية
على الرغم من أن إدارة ترامب صوّرت حملة «آيس» على أنها تستهدف «أسوأ المجرمين» من المهاجرين غير الشرعيين، إلا أن البيانات الوطنية الأخيرة تُظهر أن هذا ليس صحيحاً.
وتشير الأرقام المعلنة أن «آيس» اعتقلت عدداً متزايداً من الأشخاص لمجرد وضعهم كمهاجرين غير شرعيين، دون أن تكون لهم أية سوابق جنائية، إذ ارتفعت نسبة هؤلاء من إجمالي المعتقلين، من 6 بالمئة في يناير إلى 30 بالمئة في يونيو، علماً أن دخول البلاد بطريقة غير شرعية يُعدّ جريمة مدنية، لا جنائية.
وخلال الفترة نفسها، انخفضت نسبة المهاجرين المدانين جنائياً الذين تم احتجازهم من 62 بالمئة إلى 37 بالمئة.
في ميشيغن، تُظهر بيانات «مشروع بيانات الترحيل» أن حوالي ثلثي المعتقلين من قبل «آيس» في عهد ترامب ليست لديهم إدانات جنائية، مقارنة بنصف المعتقلين في عام 2024 بأكمله.
القدرة الاستيعابية
مع تزايد عدد المعتقلين، تُستنزف سعة مراكز الاحتجاز بشكل كبير. ففي العام الماضي، أي قبل وصول ترامب للحكم، خصّص الكونغرس تمويلاً يسمح لوكالة «آيس» بتوفير 41,500 سرير في مراكز احتجاز المهاجرين غير الشرعيين، ولكن هذه الميزانية استنزفت بالكامل قبل نهاية السنة المالية، مع وصول عدد المعتقلين، بحلول منتصف يونيو الفائت إلى أكثر من 56,000 محتجز.
وتسعى إدارة ترامب جاهدةً لزيادة قدرتها الاستيعابية إلى 100 ألف سرير، وذلك من خلال التعاقد مع شركات السجون الخاصة لإعادة فتح منشآت مغلقة كمراكز جديدة لاحتجاز المهاجرين.
وخلال الأشهر الأخيرة، افتُتحت العديد من تلك المراكز، بما في ذلك منشأة تتسع لـ1,800 سرير في مدينة بالدوين بشمال ميشيغن، حيث أُعيد افتتاح سجن «نورث ليك» السابق، المملوك لمجموعة GEO، كأكبر مركز احتجاز في الغرب الأوسط الأميركي، يوم 16 يونيو الماضي.
وبذلك، أصبحت ميشيغن تضم خمسة مراكز مختلفة لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين، أربعة منها، سجون مقاطعات بسعة 320 سريراً فقط.
ومع تزايد أعداد المحتجزين، تتزايد المخاوف بشأن تردي الأوضاع والاكتظاظ وسوء المعاملة.
وتيرة الترحيل
رغم الارتفاع الحاد في وتيرة الاعتقالات، إلا أن عمليات ترحيل المهاجرين ظلت ثابتة تقريباً، مقارنة بالعام للماضي.
تُظهر البيانات التي نشرتها «آيس» أن 197,016 شخصاً قد رُحِّلوا منذ بداية السنة المالية الحالية في مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وحتى 20 يونيو المنصرم، مقارنة بإجمالي 271,484 عملية ترحيل خلال السنة المالية السابقة.
وهذا يعني أن عمليات الترحيل سارت بوتيرة مماثلة، بحوالي 741 عملية ترحيل يومياً خلال السنة المالية الماضية، مقارنةً بحوالي 749 عملية ترحيل يومياً في السنة المالية الحالية التي تنتهي في 30 أيلول (سبتمبر) القادم.
وفي ميشيغن وحدها، ينتظر حالياً أكثر من 30 ألف شخص جلسات استماع في محكمة الهجرة في ديترويت، ارتفاعاً من 17,664 في عام 2023 بأكمله و29,833 في عام 2024.
وتُظهر بيانات «جامعة سيراكيوز» أن محكمة الهجرة في ديترويت أغلقت 735 قضية في أيار (مايو) الماضي، منها 485 أمر ترحيل، أي ما يُعادل 66 بالمئة تقريباً. أما في العام الماضي، فأغلقت المحكمة ما متوسطه 500 قضية شهرياً، منها 233 قضية ترحيل، أي ما يُعادل 46 بالمئة تقريباً.
Leave a Reply