870 طالباً أجنبياً معظمهم من الهند
ديربورن – شهدت «جامعة ميشيغن–ديربورن» خلال الخريف المنصرم، إقبالاً قياسياً غير مسبوق من الطلاب الدوليين الذين بلغ عددهم حوالي 870 طالباً أو ما يعادل 10 بالمئة من إجمالي طلاب الجامعة.
وجاءت الزيادة الكبيرة في أعداد الطلاب الأجانب في جامعة ديربورن، مع بداية فصل الخريف الدراسي في آب (أغسطس) الماضي، حيث انتسب نحو 360 طالباً دفعة واحدة إلى الجامعة، معظمهم من الهند.
وكان طالب الماجستير بهرات كوداشي، الذي يرأس «جمعية الطلاب الخريجين الهنود» في الجامعة، قد توقّع منذ مطلع العام الماضي، زيادةً هائلة في أعداد الطلاب القادمين من وطنه الأم، وذلك من خلال المحادثات على مجموعة «واتساب» الخاصة بالجمعية الطلابية، حسبما نقلت عنه صحيفة «برس آند غايد» المحلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن حماس الجمعية بشأن قدوم الطلاب الجدد سرعان ما تحول إلى عبء كبير بسبب صعوبة توفير المساكن الكافية لاستيعابهم، لاسيما وأن الطلاب الأجانب في «جامعة ميشيغن–ديربورن» عادة ما يسكنون مجمع «يونيون» الطلابي أو ضمن مجمعين سكنيين قريبين، فيما كانت الوحدات السكنية الشاغرة في تلك الأماكن قد قاربت على النفاد بحلول نيسان (أبريل) الماضي.
على أثر ذلك، بادر كوداشي إلى التواصل مع إدارة الجامعة بشأن التحديات القادمة، والتي كانت بالفعل «على رادار» المسؤولين الذين رصدوا «زيادة تاريخية» في طلبات التسجيل المقدمة من طلاب أجانب بتأشيرة F–1 أو J–1 خلال الأشهر السابقة.
ومع بداية فصل الخريف الدراسي في شهر أغسطس الماضي، اتضحت الصورة للجميع، مع وصول عدد الطلاب الدوليين إلى 870 طالباً، 40 بالمئة منهم من المسجلين الجدد.
وتشير البيانات إلى أن الطلاب الهنود يشكلون 71 بالمئة من إجمالي الطلاب الأجانب في الجامعة، بينما تتوزع الجنسيات الأخرى على 49 دولة مختلفة حول العالم.
ووصل عدد الطلاب القادمين من الهند في الفصل الدراسي الأخير إلى 621 طالباً، تليها الصين (32 طالباً)، لبنان (22)، عمان (22)، نيجيريا (20)، تونس (18)، باكستان (14)، كندا (13)، بنغلادش (11)، كوريا الجنوبية (8)، إيران (8)، الأردن (8)، ماليزيا (8)، نيبال (7)، فيتنام (6)، فيما توزع 51 طالباً آخر على جنسيات أخرى، بينها مصر (3) وتركيا (2) والإمارات والكويت والسعودية وفلسطين واليمن (طالب واحد من كل دولة).
أما في ما يتعلق بدراسات الطلاب الدوليين، فقد كان لافتاً أن 82 بالمئة منهم يدرسون في كلية الهندسة وعلوم الكومبيوتر، كما أن 88 بالمئة منهم هم من طلاب الدراسات العليا (ماجستير وما فوق)، وهو أمر مثير للاهتمام لتعارضه مع الاتجاه الوطني للطلاب الأجانب في الجامعات الأميركية، حيث يشكل طلبة البكالوريوس 40 بالمئة من الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن جامعة ديربورن تتبع «جامعة ميشيغن» الحكومية التي لديها فروع في فلنت وديترويت وآناربر حيث الحرم الرئيسي.
وتضم جامعة ديربورن التي تأسست عام 1959، حوالي 8,500 طالب موزعين على أربع كليات، هي الصحة والأعمال والتعليم، بالإضافة إلى كلية الهندسة والكومبيوتر التي تستقطب الأغلبية الساحقة من الطلاب الأجانب.
عوامل الزيادة
خلال وباء «كوفيد–19»، شهدت معظم الجامعات الأميركية، بما في ذلك جامعة ديربورن، انخفاضاً حاداً في التحاق الطلاب الدوليين بسبب المخاوف الصحية وقيود السفر والتأشيرات. لكن الآن، طلبات الانتساب لم تنتعش فحسب، بل تجاوزت مستويات ما قبل الجائحة.
وإذا كانت أعداد الطلاب الدوليين في عموم الولايات المتحدة قد ارتفعت بمعدل 7 بالمئة مقارنة بما قبل الجائحة، فإن الزيادة التي شهدتها «جامعة ميشيغن–ديربورن» بلغت 45 بالمئة، متجاوزةً بأضعاف الزيادة المسجلة على المستوى الوطني.
وأرجع المسؤولون في الجامعة، بحسب صحيفة «برس آند غايد» الارتفاع الكبير في معدلات التسجيل الدولي، إلى عاملين أساسيين هما سمعة الجامعة في برامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM وهي الاختصاصات التي عادة ما يقصدها الطلاب الدوليون، بالإضافة إلى تمتع الجامعة بمعدلات عالية جداً من الطلاب الذين يحصلون على فرص مهنية خارجها، سواء أثناء دراستهم الأكاديمية، من خلال برنامج التدريب العملي المنهجي CPT، أو فور تخرجهم، من خلال برنامج التدريب العملي الاختياري OPT.
غير أن المسؤول الجامعي وتقرير الصحيفة أغفلا عاملاً آخر لا يقل أهمية في جذب الطلاب الأجانب إلى ديربورن، وهي طبيعة المجتمع المحلي في المدينة التي تضم جالية عربية وإسلامية متنوعة تشكل حوالي نصف سكان المدينة.
المجتمع المحلي
يتضح الارتباط بين دور الجالية العربية وانجذاب الطلاب الأجانب إلى ديربورن، من خلال نسبة الطلاب القادمين من بلدان عربية وإسلامية.
وفي السياق، أكد أحد الطلاب الخليجيين المبتعثين لصحيفة «صدى الوطن» إن الكثير من الطلاب الدوليين يقصدون جامعة ديربورن بسبب المزايا التي يتمتع بها المجتمع المحلي، ولاسيما الطلاب العرب والمسلمين، لافتاً إلى أنه «في ديربورن يمكننا «زيارة المساجد وتناول المإكولات الحلال في المطاعم والمقاهي وممارسة الأنشطة الاجتماعية والدينية التي اعتدنا عليها في أوطاننا».
وأشار الطالب إلى أن الكثير من الطلاب الهنود في الجامعة هم من المسلمين أيضاً، موضحاً أن ديربورن تتميز أيضاً بانخفاض تكاليف المعيشة مقارنة بالمدن الجامعية الأخرى في ميشيغن، مثل آناربر وكالامازو وإيست لانسنغ، ناهيك عن الجامعات في الولايات باهظة التكلفة، مثل كاليفورنيا ونيويورك وماساتشوستس.
وأردف الطالب الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن «هذه الأمور التي قد تبدو بسيطة للبعض، لكنها تؤثر كثيراً على نفسية الطالب وقدرته على الاندماج»، موضحاً أنه فضّل إكمال دراسته العليا في ديربورن بسبب الأجواء المميزة التي تتمتع بها المدينة بفضل إنجازات الجالية العربية.
أزمة السكن
وبالعودة إلى مشكلة عدم توفر مساكن كافية لاستيعاب مئات الطلاب الدوليين الجدد، يقول كوداشي إن جمعية الطلاب الهنود تمكنت من تحديد مجمع سكني رابع بالقرب من الحرم الجامعي يضم عشرات الوحدات الشاغرة، مضيفاً أنه –بالتعاون مع الجامعة– تم تأجير تلك الوحدات بعد إقناع مدير المبنى بقبول نموذج I–20 الطلابي كبديل عن تقرير الائتمان.
كذلك أطلقت إدارة الجامعة، خط حافلات منتظم للطلاب المقيمين في المجمع الجديد أسوة بالمجمعات الثلاثة الأخرى.
كما فتحت جمعية الطلاب الهنود مجموعة «واتساب» الخاصة بها حتى يتمكن الطلاب من أي بلد من التواصل والعثور على رفقاء لتشارك الغرف أو العثور على أريكة مؤقتة في حالة فشل كل المحاولات الأخرى.
وقال كوداشي: «من الواضح أنه قد يكون أمراً مرهقاً للغاية أن تكون لديك تذكرة الطائرة ولا تعرف أين ستقيم عند وصولك»، وأضاف: «لم نكن نريد ترك أي شخص في هذا الوضع. لذلك قمنا بتوجيه نداء إلى جميع أعضاء المجموعة، وقد تطوع الكثيرون لمشاركة منازلهم».
وختم بالقول: «أعتقد أن كوننا طلاباً، مررنا جميعاً في نفس التجربة، لذا نحن نفهم ما يبدو عليه الأمر».
في نهاية المطاف، وجد جميع الطلاب الجدد مكاناً دائماً للإقامة، على الرغم من أن بعضهم انتهى به الأمر خارج شبكة المجمعات الأربعة التي تخدمها حافلات الجامعة. بالنسبة لهؤلاء الطلاب، غالباً ما تكون «أوبر» البديل المكلف لهم للذهاب إلى الحرم الجامعي ذهاباً وإياباً.
يقرّ لوبيز والمسؤولون في «جامعة ديربورن» أن تحديات الإسكان والنقل تحتاج إلى المعالجة على أنها تحدٍّ واحد، خاصة في ظل التوقعات باستمرار إقبال الطلاب الدوليين على الجامعة وافتقاد المنطقة لوسائل النقل العام.
Leave a Reply