مع النمو المضطرد لعدد الطلاب في منطقة ديربورن التعليمية، تعاني ثانويات المدينة الثلاث، ازدحاماً كبيراً دفع إدارة المنطقة إلى التفكير في سبل تخفيف الضغط عليها.
وعلى عكس «أدسيل فورد»، تعاني ثانويتا «فوردسون» و«ديربورن هاي» من اكتظاظ شديد تفاقم خلال السنوات الماضية حتى بات يعرقل مفاصل العمليتين التعليمية والتربوية في المدرستين.
وتشير البيانات إلى أن ثانوية «أدسيل فورد» تضم 1300 طالب، فيما يصل عدد طلاب «فوردسون» إلى حوالي 2700 طالب، وعدد طلاب مدرسة «ديربورن هاي» إلى 2100 طالب، وبحسب المشرف العام على مدارس ديربورن العامة، غلين ماليتكو، فإن الأرقام المتوقعة للمدرستين في العام الدراسي القادم ستكون 2894 طالباً في «فوردسون»، و2068 في «ديربورن هاي».
وتبلغ الطاقة الاستيعابية لثانوية «فوردسون» 2300 طالب وثانوية د«يربورن هاي» 1800 طالب، في الوقت الذي يبلغ فيه متوسط عدد الطلاب في الصف الواحد أكثر من 30 طالباً في المدرستين، فيما يؤكد المسؤولون أن الاكتظاظ الحاصل حالياً في كلا الثانويتين يعرقل جهود المعلمين وتقدم الطلاب في نهاية المطاف.
آثار سلبية
تقع على عاتق المشرفين على الثانويتين مسؤولية كبيرة لكونهم يديرون فصولاً مزدحمة بالطلاب المراهقين، ويبذل بعضهم جهوداً مضنية من أجل ضبط التلاميذ بدل استثمار تلك الجهود في إعداد خطط دراسية وتقييم تقدم الطلاب.
ويدرك المعلمون في منطقة ديربورن التعليمية أن الاكتظاظ المفرط داخل الصفوف يشكل عائقاً رئيسياً للعملية التدريسية، بحسب ما أفادت إحدى المعلمات المخضرمات لـ«صدى الوطن»، والتي أكدت «أن مسألة الاكتظاظ الطلابي واضحة للعيان من خلال ازدحام الطلاب في بهو المدرسة وممراتها، وبالتالي لا حاجة لمعرفة أعداد الطلاب لإثبات وجود هذه المشكلة».
وقالت المعلمة التي تزاول التدريس منذ 25 عاماً «إذا مشيت في البهو في أي وقت فلن تجد موطئ قدم»، مشيرة إلى أن «الصفوف –في بداية حياتها المهنية– كان يشغلها 25 طالباً على الأكثر، ولكن حالياً تضم بعض الصفوف أكثر من 32 طالباً».
وأشارت إلى أن هذا الواقع «يخفف من قدرة المعلمين على تلبية جميع الطلاب التلاميذ، سواء الأكاديمية أو الاجتماعية».
كما أكدت على أن احتياجات الطلاب كثيرة ومتعددة ولا يستطيع الأخصائيون الاجتماعيون تلبيتها، ولذلك يتعين على المعلمين أن يساهموا في تلبية تلك الاحتياجات وأن يقوموا بأدوار متعددة.
وقالت «على الرغم من أن المدرسين يقومون بعمل جيد عبر التوفيق والمساهمة في استيعاب مشكلة الازدحام إلا أنهم يعانون من التعب والإجهاد أكثر من أي وقت مضى، كما يعاني الطلاب أنفسهم من الأمر ذاته».
وأضافت «حتى الطلاب الذين ليس لديهم مشاكل اجتماعية، والذين تقتصر احتياجاتهم على المسائل الأكاديمية، فإنهم يعانون.. لأنه يتوجب عليهم الانتظار لأوقات أطول» حتى يمكن التعامل مع احتياجاتهم. وقالت «إنني ألتقي بالكثير منهم بعد انتهاء الدوام المدرسي، وأقضي أكثر من ساعتين أو ثلاث ساعات معهم أسبوعياً».
وقد التقت «صدى الوطن» إحدى الطالبات (15 عاماً) التي أكدت «أن الصفوف خانقة، وأن الطلاب يصطدمون ببعضهم البعض عند تغيير الصفوف كما يتدافعون عند الدخول إليها والخروج منها.. مما يسبب غالباً تأخرهم عن الوصول إلى مقاعدهم في الوقت المحدد».
وأكدت الطالبة أن معظم معلميها يبقون لأوقات ما بعد الدوام الرسمي لكي يتمكنوا من مساعدة الطلاب الذين لم يحصلوا على المساعدات المطلوبة خلال الدوام.
وقالت «أحياناً لا أستطيع البقاء في المدرسة بعد انتهاء الدوام، ولذلك أفقد المساعدة التي أنا بأمس الحاجة لها».
«صدى الوطن» التقت أيضاً طالباً مهاجراً حديثاً (14 عاماً) لا يجيد الحديث باللغة الإنكليزية، كما أن خبراته الأكاديمية والاجتماعية تختلف عن خبرة زملائه، من أبناء ديربورن. وأشار الطالب إلى أن معلميه يبذلون قصارى جهودهم من أجل مساعدته ولكن مايزال صعباً عليه استيعاب كل شيء، بسبب عدم إمكانية وجود الاهتمام الكافي الذي يحتاجه بوصفه وافداً جديداً.
خيارات مطروحة
قالت رئيسة المجلس التربوي المحامية مريم بزي «إن الازدحام المفرط يحدّ بالتأكيد من فرص تعلم الطلاب وتقدمهم الأكاديمي، ولهذا فإن المجلس التربوي يبذل أقصى جهوده لإيجاد حلول لمعضلة الازدحام». وأضافت «نريد التأكد من أن المعلمين مرتاحون ويقدمون أفضل الخدمات للطلاب.. ومع أنني أعتقد أنهم يقومون بعمل ممتاز بحسب الموارد المتاحة، إلا أن مسؤوليتنا هي التأكد من أننا نوفر لهم كل الموارد اللازمة من أجل النجاح».
من ناحيته، طالب ماليكو، المجلس التربوي بمناقشة هذه القضية بشفافية حتى يتم التوصل إلى قرار يكون في مصلحة الطلاب، مطالباً المجتمع –في الوقت ذاته– أن يلعب دوراً في حل المشكلة.
ووصف ماليكو مشكلة الازدحام بأنها «أزمة جدية» رغم أن تمويل المنطقة التعليمية يعتمد على أعداد الطلاب، مما يساعد المدارس مادياً، واستدرك بالقول «هنالك العديد من المناطق التعليمية التي تحبذ لو أن لديها مثل هذا الوضع»، موضحاً أن «الاستقرار المالي للمنطقة التعليمية وارتفاع معدلات التخرج وانخفاض معدلات الرسوب… هي الأسباب الرئيسية للازدحام في مدارس ديربورن».
وعبر المشرف العام عن اعتقاده بأن «المشكلة يمكن التحكم بها»، لاسيما وأن العديد من طلاب المرحلة الثانوية يأخذون دروساً في كلية هنري فورد ومركز ديربورن للرياضيات ومركز مايكل بري للعلوم والتكنولوجيا، مشيراً إلى أن الازدحام الطلابي يمكن أن يصبح مصدر قلق كبيراً في الأعوام القادمة، عندما يزيد عدد طلاب فوردسون عن 3000 طالب وعدد طلاب «ديربورن هاي» عن 2100 طالب.
ولفت إلى أن المشكلة في ثانويتي «فوردسون» و«ديربورن هاي» لا تنطوي على أية مخاوف تتعلق بسلامة الطلاب، وقال «إن المدرستين مكتظتان لأن فيهما بيئة تعليمية مثلى، وإننا لنريد حقاً ألا يزيد عدد الطلاب عن 2000 في كل مدرسة».
وقال ماليكو «إنهم يحاولون فتح صفوف إضافية بشكل مؤقت لتجاوز المشكلة على المدى القصير»، مؤكداً أن هذه التغييرات الطفيفة ستبقى محدودة ريثما يتم التوصل إلى حلول طويلة الأمد.
وأشار إلى أن أحد الخيارات المطروحة لحل مشكلة الازدحام على المدى الطويل، والذي نوقش خلال جلسة خاصة في
1 أيار (مايو) الماضي، كان بناء ثانوية جديدة خلال خمس سنوات، وبكلفة تتراوح بين 70 و90 مليون دولار سيتم تأمينها من خلال إصدار سندات دين يتم تمويلها من دافعي الضرائب في المدينة.
كما ناقش المجلس التربوي موضوع اكتظاظ المدارس مرة ثانية في 8 أيار (مايو) الماضي، ليتوصل الأعضاء إلى قرار بضرورة مناقشة الموضوع بطريقة أعمق وأشمل في جلسات قادمة.
ومن بين المقترحات المطروحة حالياً لحل المشكلة، تغيير حدود المناطق التي تغطيها الثانويات، بما يتيح تخفيض عدد طلاب «فوردسون» إلى 2200 طالب، عبر نقل الطلاب إلى ثانويتي «أدسيل» و«ديربورن هاي» على مراحل.
ووفق هذا المقترح سينتقل طلاب مدرستي براينت ويونس المتوسطتين، إلى ثانوية «ديربورن هاي»، فيما يذهب طلاب متوسطتي «ستاوت» و«سميث» و«سالاينا» إلى ثانوية «أدسيل فورد»، أما ثانوية فوردسون فسوف تستقبل طلاب متوسطتي «لاوري» و«وودورث»، دون أن يتم نقل أي من طلاب الثانويات الثلاث إلى مدرسة أخرى إلى حين تخرجهم.
مقترح آخر لم يتم البت فيه يدعو إلى التشدد في الالتزام بحدود المدارس وإلغاء خيار انتقاء المدرسة (من قبل أهالي الطلاب) في منطقة ديربورن التعليمية.
كما يجري أعضاء المجلس التربوي مناقشات حول إمكانية توسيع ثانوية «ديربورن هاي»، وفصل الصف التاسع في «ثانوية فوردسون».
وفي هذا الصدد، يتفق ماليكو مع أعضاء المجلس التربوي على أن «توسيع ديربورن هاي هو مسألة حيوية للغاية بغض النظر عن تغيير حدود المدارس»، ولكن المجلس التربوي ينتظر البيانات التي يمكن أن تساعده على اتخاذا القرار النهائي.
وأضاف «سنقوم بدراسة سكانية من خلال مجموعتين مستقلتين قبل اتخاذ قرار بشأن الاتجاهات العامة»، مشيراً إلى وجود دراسة واحدة حالياً لدى المجلس مع تأكيده على أن الدراستين الأخريين ستكونان من أجل زيادة التأكيد. وقال «سنقوم أيضاً بإعداد دراسة لكلفة بناء طابق ثانٍ في ثانوية ديربورن هاي».
Leave a Reply