خرجت القمة العربية بنتيجة واحدة، الا وهي استحالة العزل لاي من الدول الاساسية المحورية في المنطقة، حتى ولو كانت هذه الدولة لا تتفق سياساتها مع الدول العربية الاخرى، ليس ذلك فحسب، انما تتعارض مصالحها وتتضارب مع مثيلاتها في المنطقة المنضوبة تحت قبة المشروع الاميركي الذي يستهدف سوريا كدولة وكنظام وكشعب. اثبتت سوريا بأنها حاجة اساسية للاستقرار في المنطقة تتجنب الدول العربية باستثناء السعودية، الخوض معها في خلاف حاد مباشر يؤدي الى توتير العلاقات وتعكير الاجواء.فلنقل بأن القمة العربية هي بروتوكولاً شكلياً اعتاده العرب كل عام لا يجنون منه سوى اجتماعهم الميمون الذي دائماً يخرج بمقررات تبقى حبراً على ورق، فإنه قياساً للسُنّة العربية المتبعة فإن القمة كانت طقساً من الطقوس «الطوطمية الناجحة» التي لا يمكن قياس نجاحها إلا بها.المهم انه بانتهاء اعمال القمة احترقت مرحلة من مراحل تقطيع الوقت وانتظار نتائج الضغوط التي ظهر جلياً عدم جدواها وفعاليتها، الامر الذي يمكن ان يدفع السعودية الى ممارسة سياسة واقعية بعيدة عن الخيال والاوهام ومرتبطة بمصالحها المباشرة في المنطقة كدولة تنتمي الى محيطها، من غير ان تعبر المحيطات لملاقاة سياسات خارجية تتناقض ومصالح العرب.فليس صحيحاً بأن سبب الخلاف السعودي – السوري هو الازمة اللبنانية، بل الصحيح ان الازمة اللبنانية هي وليدة هذا الخلاف ومن ثم تحولت الى احد عناوينه، وهنا مكمن الصعوبة في الخروج من المأزق اللبناني، لان ذلك يتطلب معالجة كل الخلافات دفعة واحدة، واهمها الحلف الاستراتيجي الذي يربط سوريا بالجمهورية الاسلامية الايرانية المتصدية بدورها للمشروع الاميركي في المنطقة الذي تستظله السعودية ومعظم الدول العربية. والمشروع الاميركي يتخذ من اسرائيل نقطة ارتكاز له في المنطقة، ويعمل دائماً للابقاء على تفوقها العسكري فيها. واسرائيل بدورها تخشى المارد الايراني وتعتبره الخطر الاستراتيجي الاكبر الذي يهدد وجودها واستمرارها. وبذلك تتحول السعودية من خادمة للحرمين الى خادمة لمصالح الكيان الاسرائيلي لحساب الادارة الاميركية، وعلى حساب سوريا وايران والشعوب العربية والاسلامية.والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا؛ لماذا لا تستخدم السعودية علاقاتها الممتازة مع ادارة الرئيس جورج بوش من اجل ارساء صيغة الحل النهائي واقامة الدولة الفلسطينية على اراضي 1967؟ لماذا لا تستعمل السعودية نفس ادوات الضغط التي ترفعها بوجه سوريا من اجل الازمة اللبنانية للضغط على اسرائيل، اقله لرفع الحصار عن غزة، اقله لوقف المجازر بحق المدنيين؟.إلا انه يبقى للسياسة الاعيبها وادواتها، فالام الاميركية العظمى تترك صغارها يتلهون بعض الشيء حتى لا يصابوا بالقعود التام، ويعتريهم الملل واليأس نتيجة اللادور ونتيجة اللا حضور ونتيجة اللا كلمة ونتيجة كل انواع اللا… فلا بأس اذا تدخلت اليمن بمبادرة على خط فلسطين، ولا بأس اذا تدخل العرب بمبادرة عرجاء على خط لبنان، ولا بأس اذا لعبت مصر ومعها الكويت او اوحيتا بذلك، دوراً على خط احياء العلاقات السعودية – السورية، ولا بأس مهما تحرك العرب او تظاهروا بذلك فمردهم ومرد كلمتهم وقرارهم الى كبيرهم الذي لم يعلّمهم السحر بعد، مردهم الى «الام العظمى» التي لم تحنو يوماً على صغارها سوى ربيبتها اسرائيل.في المحصلة، إن الوضع اللبناني سيبقى اسير ستاتيكو الحسابات في المنطقة ضمن معادلة اللاهجوم من قبل المعارضة واللا تقدم من قبل الموالاة. فلا تحرك تصعيدي من قبل المعارضة يقلب الطاولة، يقابله لا تعديل حكومي من قبل الموالاة يأتي بوزراء جدد، ما يستدعي رداً قوياً من المعارضة، وبالتالي الانفجار المرتقب. هي هدنة ضمنية يتحكم بها الكبار من الطرفين في الخارج، تعطي اجواءاً بعدم حصول انتخابات رئاسية الى ما بعد الانتخابات النيابية عام 2009. وهذا ما استشعره قائد الجيش العماد ميشال سليمان فخرج ليعلن انتهاء ترشيحه في مدة اقصاها 21 آب القادم.انها مرحلة جديدة من مراحل الازمة اللبنانية من الآن وحتى 21 آب، موعد شغور موقع قيادة الجيش حيث تصبح المؤسسة العسكرية بلا رأس وبلا مدبر.
Leave a Reply