واشنطن – قرر الرئيس الاميركي باراك اوباما الثلاثاء الماضي نشر 30 الف جندي اضافي بشكل سريع في افغانستان، مع تحديد تاريخ بدء سحب القوات من هذا البلد في منتصف 2011، مؤكداً للاميركيين حرصه على عدم زج البلاد في نزاع بلا نهاية.
وحرص اوباما في خطاب كشف فيه استراتيجيته الجديدة في افغانستان وباكستان، على رسم مخرج من نزاع بات العديد من مؤيديه حتى يعتبرونه مأزقاً شبيهاً بحرب فيتنام، مؤكداً ان القوات الاميركية ستبدأ بالعودة الى الديار بعد 19 شهراً. وقال اوباما “لم نخسر افغانستان، بل انها تراجعت لسنوات عديدة”، معتبراً ان ارسال تعزيزات يمكن ان يقود الى هزم تنظيم القاعدة ومتمردي طالبان وان يمهد للانسحاب من هذا البلد.
وشكل هذا الخطاب الذي القاه اوباما امام طلاب معهد وست بوينت العسكري المرموق الذين سيخوضون حربه، اكبر اختبار يواجهه حتى الان كرئيس، وافضل فرصة امامه لاعادة تحديد النزاع.
وهو وان كان حدد تاريخاً لبدء الانسحاب من افغانستان، الا انه لم يعلن مهلة لانجاز المهمة التي بدأت قبل ثماني سنوات في اعقاب اعتداءات 11 ايلول.
وقال اوباما “قررت بصفتي القائد العام، ارسال ثلاثين ألف جندي اضافي الى افغانستان لما يمثله ذلك من مصلحة وطنية حيوية”. وقال “بعد 18 شهراً ستبدأ قواتنا بالعودة الى الديار” في سعي لطمأنة الاميركيين الى ان الخطة الجديدة لا تنذر بحرب مفتوحة بلا نهاية، معتبرا ان تشبيهها بحرب فيتنام ينم عن “قراءة خاطئة للتاريخ”.
ومن الممكن نشر طلائع قوات مشاة البحرية (مارينز) في افغانستان بحلول عيد الميلاد، وذلك بعد اربعة اشهر فقط من تحذير قائد القوات في هذا البلد الجنرال ستانلي ماكريستال من امكانية خسارة الحرب في حال عدم ارسال تعزيزات، على ان تكون كامل القوات الاضافية عاملة على الارض في مهلة ستة اشهر.
وقدر اوباما كلفة ارسال التعزيزات بحوالى 30 مليار دولار في 2010، ما ينذر بمعركة سياسية حقيقية في الكونغرس لاقرار التمويل، يزيد من حدتها العجز القياسي في الميزانية الذي وصل الى 1417 مليار دولار في 2008-2009، ما يمثل 10 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي. وكان مركز الدراسات الاستراتيجية والمالية قدر في تقرير نشر الثلاثاء الماضي كلفة القوات العسكرية بمليون دولار في السنة لكل جندي.
واثنى ماكريستال على الاستراتيجية الجديدة معتبراً انها زودته “بمهمة عسكرية واضحة وبالموارد الضرورية لانجاز عملنا”. وقال “ان الوضوح والالتزام والعزيمة التي عبر عنها الرئيس في خطابه تشكل خطوات حاسمة في اتجاه احلال الامن في افغانستان واستئصال ملاذات الارهابيين الامنة التي تهدد الامن الاقليمي والعالمي”.
وشدد اوباما من جهة اخرى الضغوط على الحلفاء الاطلسيين داعياً الى ارسال المزيد من القوات ومحذراً من انهم مهددون هم ايضاً بخطر الارهابيين المتمركزين في افغانستان. واعلن البيت الابيض ان من العناصر الاساسية في الاستراتيجية السياسية الجديدة مساندة الجهود الافغانية لاعادة دمج عناصر طالبان الذين يقررون التخلي عن التحالف مع القاعدة وتسليم سلاحهم والانخراط في العملية السياسية. وحذر اوباما من ان “سرطان” التطرف ذاته الذي تفشى في افغانستان ينتشر ايضا في باكستان، مثنيا على جهود اسلام اباد غير المسبوقة لمكافحة التطرف الداخلي. وقال “سوف نتصرف ونحن على يقين تام بأن نجاحنا في افغانستان مرتبط ارتباطاً عضوياً بشراكتنا مع باكستان”. وحذر اوباما من انه “يجري التخطيط فيما انا اتكلم” لضربات جديدة على الولايات المتحدة، متعهداً بمطاردة “تنظيم اسامة بن لادن الارهابي في الصومال واليمن وأينما يظهر”.
وفي وقت ينتقد العديد من حلفاء اوباما الديموقراطيين كلفة التعزيزات، كشف الرئيس ان العمليات العسكرية الجديدة في افغانستان. غير انه اكد انه سيكون شفافاً وصريحاً في ما يتعلق بتمويل العملية، في انتقاد لادارة سلفه جورج بوش التي اخذ عليها عدم تمويلها النزاعين في العراق وافغانستان.
Leave a Reply