الذكرى السنوية الأولى لاقتحام الكابيتول: 64 بالمئة من الأميركيين قلقون على مستقبل الديمقراطية
واشنطن
بعد مرور عام على اقتحام مبنى الكابيتول الأميركي في السادس من كانون الثاني (يناير) 2020، يشعر معظم الأميركيين بالتشاؤم العميق بشأن مستقبل الديمقراطية في الولايات المتحدة، وفق استطلاع للرأي نشرته الإذاعة الوطنية العامة NPR، الأسبوع الماضي، وأظهر أن ثلثي الجمهوريين لازالوا مقتنعين بتزوير الانتخابات الرئاسية الأخيرة للإطاحة بالرئيس السابق دونالد ترامب، في حين يتخوف الديمقراطيون من تشديد قيود التصويت في العديد من الولايات الأميركية، وهو ما يعتبرونه محاولة لقمع الأصوات.
وأظهر الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة Ipsos لصالح الإذاعة الوطنية، أن 64 بالمئة من الأميركيين يعتقدون أن الديمقراطية الأميركية «في أزمة ومعرضة لخطر السقوط». وهذا الشعور سائد أكثر في أوساط الجمهوريين الذين يتفق معظمهم على أنه تم تزوير الانتخابات الرئاسية الأخيرة لصالح جو بايدن الذي حقق رقماً قياسياً بعدد الأصوات بحصوله على أكثر من 81.2 مليون صوت، مقابل 74.2 مليون صوت لترامب الذي حقق بدوره عدداً غير مسبوق من الأصوات في تاريخ الرؤساء الأميركيين الساعين لانتخابهم لولاية ثانية.
ورغم أن قضايا قانونية لا حصر لها في المحاكم الأميركية لم تؤكد أي دليل على حدوث تزوير واسع النطاق لصالح بايدن، قال أقل من ثلث الجمهوريين فقط إنهم على استعداد لقبول رئاسة بايدن، وهو رقم يبقى دون تغيير تقريباً منذ طُرح عليهم السؤال نفسه في يناير 2020.
وقالت مالوري نيوال، من شركة «إبسوس» إن الناخبين الجمهوريين يؤمنون بأنه حدث تزوير واسع النطاق وغير النتائج في الانتخابات الأخيرة. ويرى أربعة من كل خمسة جمهوريين أن الديمقراطية الأميركية «أكثر عرضة للخطر» الآن مما كانت عليه قبل عام.
وقال ستيفن ويبر، الجمهوري من ولاية رود آيلاند: «أعتقد أن الديمقراطيين زوروا الانتخابات»، متسائلاً «من بحق الجحيم سيصوت لصالح بايدن؟».
وفي تصريح نقلته الإذاعة الوطنية، أكد ويبر أنه لا يثق في التصويت عبر البريد ولا يعتقد أن المشرعين الديمقراطيين يضعون مصالح البلاد في الاعتبار. وقال: «يريدون تغيير أميركا إلى شيء آخر. لا نريد هذا التغيير».
وفي سياق آخر، قال ثلث الجمهوريين إن الهجوم على مبنى الكابيتول نُفِّذ في الواقع من قبل «معارضي ترامب، بما في ذلك منظمة أنتيفا وعملاء الحكومة».
وقال كريسي كريبس، الجمهوري من ولاية إلينوي، للإذاعة الوطنية: «ربما كان بينهم بعض الأشخاص من أنتيفا، أو أنهم دفعوا لهؤلاء الأشخاص للقيام بذلك ومحاولة القول إنهم من أنصار ترامب». كما اتهم كريبس –دون دليل– اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي بالمساهمة في فبركة «الهجوم الكاذب» على الكابيتول.
تقييد التصويت
من جهتهم، أعرب الديمقراطيون أيضاً عن استيائهم من حالة الديمقراطية في الولايات المتحدة، ولكن لأسباب مختلفة تماماً. فقد أبدوا قلقهم بشأن قيود التصويت التي أقرتها المجالس التشريعية ذات الأغلبية الجمهورية في العديد من الولايات الأميركية في أعقاب انتخابات 2020. ورد الديمقراطيون في الكونغرس الأميركي بمحاولة تمرير نظام تصويت موحد وفرضه على جميع الولايات الأميركية بالسباقات الوطنية (الرئاسة والكونغرس). وينص مشروع القانون المدعوم من الديمقراطيين على تخفيف قيود التصويت، وعدم إلزام الناخبين بإبراز الهوية كشرط للإدلاء بأصواتهم.
وقد لوح زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي، تشاك شومر، الاثنين الماضي، بتغيير قواعد مجلس الشيوخ لتمرير مشروع القانون الفدرالي، إذا استمر الجمهوريون في العرقلة.
وقال المسؤول الديمقراطي «على غرار المتمردين العنيفين الذين اقتحموا مبنى الكابيتول الأميركي قبل نحو عام، استغل المسؤولون الجمهوريون على نطاق واسع في ولايات في أنحاء البلاد، الكذبة الكبيرة للرئيس السابق بشأن تزوير الانتخابات لسن تشريعات مناهضة للديمقراطية».
وأضاف شومر قوله: «يريدون تقويض التقدم الذي أحرزه اتحادنا، وتقييد الاقتراع، وإسكات أصوات الملايين من الناخبين، وتقويض انتخابات حرة ونزيهة».
ويتهم الديمقراطيون مجالس تشريعية يسيطر عليها الجمهوريون في ولايات عدة بسن قوانين من شأنها تقييد حقوق التصويت للأقليات والتصويت المبكر والتصويت بالبريد.
ويحظى الديمقراطيون بأغلبية ضيقة في مجلس الشيوخ المؤلف من 100 عضو، لكنهم لم يتمكنوا من حشد 60 صوتاً ضرورياً لتمرير مشروع القانون المدعوم من بايدن، والذي يريدون فرضه على جميع الولايات الأميركية.
وهدد شومر بفرض تغيير في القواعد بحلول 17 يناير الجاري إذا استمرت الأقلية الجمهورية في إحباط مشروع قانون حقوق التصويت باستخدام الإجراء المعروف باسم التعطيل. وأكد شومر أنه «يجب أن نتكيف. مجلس الشيوخ يجب أن يتطور كما حدث مرات عدة سابقاً».
لكن أعلن اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين (جو مانشين وكريستين سينما) أنهما سيعارضان مثل هذه الخطوة، ولم تصدر مؤشرات حتى الآن على أن شومر أقنعهما بها.
العنف السياسي
في سياق آخر، قالت الناخبة الديمقراطية، سوزان، من ولاية نيو هامبشاير للإذاعة الوطنية: «عندما كشف ترامب لأول مرة عن «كذبته الكبيرة»، لم يخطر ببالي قط أن الكثير من الجمهوريين سيقفزون على متن السفينة». وأضافت: «إنه بمثابة مرض عقلي أصاب هؤلاء الناس. لا أستطيع أن أصدق أن هذا يحدث في بلدنا. أنا خائفة، أنا حقاً كذلك».
كذلك، تحدث الديمقراطيون عن إحباطهم من بطء عمل لجنة التحقيق النيابية في هجوم 6 يناير. وقد أعرب العديد منهم عن خيبة أمله من الأحكام القضائية الخفيفة التي صدرت حتى الآن بحق المدانين بالمشاركة في اقتحام الكابيتول.
ووجد الاستطلاع الذي أجرته «إبسوس» بين 17 و20 كانون الأول (ديسمبر) الماضي وشمل 1,126 ناخباً بهامش خطأ 3.3 نقطة مئوية، أن غالبية الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء يرفضون العنف السياسي.
لكن خمس المشاركين في الاستطلاع قالوا إن العنف قد يكون مبرراً أحياناً، إما لحماية الديمقراطية أو الثقافة والقيم الأميركية.
وكان الجمهوريون أكثر ميلاً إلى حد ما من الديمقراطيين للموافقة على أنه «لا بأس من الانخراط في العنف لحماية الديمقراطية الأميركية»؛ حيث وافق 32 بالمئة منهم على هذا الرأي، مقابل 22 بالمئة من الديمقراطيين.
وقال نيوال: «بطريقة ما، من المطمئن أن نرى أن النظام لم يسقط بالكامل، وإن معظم الأميركيين على جانبي الممر ما زالوا غير مستعدين للانخراط في العنف بعد».
الذكرى السنوية
وبمناسبة مرور سنة على ذكرى اقتحام الكابيتول، حمّل الرئيس بايدن، الخميس الماضي، سلفه ترامب، مسؤولية أحداث الهجوم، وقال في كلمة ألقاها بالمناسبة «المشاغبون الذي اقتحموا الكونغرس قبل عام فشلوا في تدمير أميركا» واصفا الهجوم بالتمرد الذي سعى إلى تقويض الدستور.
وأوضح أن مناصري الرئيس السابق، حاولوا من خلال اقتحام مبنى الكابيتول «إعادة كتابة التاريخ بالقوة» في إشارة إلى محاولتهم الطعن في نتائج الانتخابات. وقال: «لقد زرع الرئيس السابق الكذب بين مؤيديه محاولا تغليب مصلحته على مصلحة الأمة».
ولفت إلى أن ترامب لم يقبل الهزيمة بالرغم من أن عدداً كبيراً من مقربيه اعترفوا بذلك وخص بالذكر نائبه مايك بنس، وقال: «لم يقم أي رئيس قط بما قام به».
وأصر بايدن على أن التاريخ الأميركي «لم يشهد انتخابات دقيقة أكثر من الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لكن الرئيس السابق كان يبحث عن مبررات لطمس الحقيقة».
وقال بايدن إن «الديمقراطية في الولايات المتحدة لا تزال متماسكة والشعب الأميركي انتصر»، وأن الذين شككوا فيها لم ينجحوا في ذلك وختم قائلاً: «لن نكون أمة تحركها الأكاذيب».
من جانبها، وصفت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، مهاجمي الكابيتول بـ«المتطرفين» وقالت إنهم استهدفوا القيم التي دافع عنها الأميركيون أجيالاً بعد أجيال. أما رئيسة مجلس النواب، الديمقراطية نانسي بيلوسي، فقد أكدت أن «الديمقراطية انتصرت» مشيرة إلى أن مقتحمي الكونغرس حاولوا منع التداول السلمي للسلطة. و«قد هزموا».
Leave a Reply