غزة – استمرت المحرقة الإسرائيلية المعلنة بحق الشعب الفلسطيني وقد بلغت الأسبوع الماضي ذروة جديدة: بعدما لقنت المقاومة الفلسطينية الاحتلال درساً، وصرعت ثلاثة من جنوده وأصابت ثلاثة آخرين خلال توغلهم في غزة، خرجت إسرائيل عن طورها مستهدفة المدنيين بشكل مركز، فقتلت 17 منهم، بينهم أطفال ومصور في وكالة «رويترز»، خلال غارات وقصف وحشي على القطاع، وذلك في أكبر حصيلة منذ المذبحة التي ارتكبتها إسرائيل في آذار الماضي، وسقط نتيجتها أكثر من 130 شخصاً في القطاع. وكان مسلسل القتل الإسرائيلي الطويل، قد بدأ، بعدما نصبت «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحماس، كميناً لقوة من لواء «جفعاتي» توغلت جنوب شرق حي الزيتون بالقرب من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وأمطرتها بالصواريخ المضادة للدبابات وقذائف الهاون، فأردت ثلاثة جنود إسرائيليين وأصابت ثلاثة آخرين، فيما استشهد أربعة من مقاومي حماس هم عبد الكريم الخيسي ومصطفى التتر وكرم الوادية ومحمود حلّس، وأصيب سبعة آخرون. وأعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» أبو عبيدة تفاصيل عملية «حقل الموت» التي بعثت «رسالة للعدو الصهيوني بأن قطاع غزة سيبقى الصخرة الملتهبة التي تتحطم عليها كل أحلامه السقيمة ومخططاته الإجرامية». وشدد على أن «أي محاولة لتدنيس أرضنا المحررة لن تكون نزهة صيفية بل ستكلفهم ثمناً باهظاً» مشيراً الى أن «الخيارات المطروحة أمام الجندي الصهيوني عند دخوله غزة هي أربعة: إما أن يسقط قتيلاً أو يقع أسيراً أو أن يصاب بإعاقة مستديمة، أو أن يعود بمرض نفسي إلى الأبد، ولن يعود منتصراً بأي حال من الأحوال». وفي محاولة لتبرير مقتل الجنود الثلاثة، خلص تحقيق مبدئي أجراه جيش الاحتلال الى أن ثمة «أخطاء تكتيكية» ارتكبها قائد القوة التي توغلت في غزة، وإن تصرف بشكل عام وفق القواعد المعمول بها. وقال ضابط كبير في قيادة الجبهة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي «يبدو أن الردع الذي تحقق في عملية شتاء حار (في آذار الماضي)، قد تبدد واستأنفت حماس هجماتها بالنسبة المعهودة». وبعد ساعات على مقتل جنودها الثلاثة، استأنفت اسرائيل إمداد غزة بالوقود من معبر ناحال عوز، القريب من موقع الكمين الذي نصبته حماس للاحتلال. ومع حلول المساء، كان مخيم البريج وسط القطاع، المجاور لحي الزيتون حيث صرعت المقاومة الجنود الإسرائيليين الثلاثة، على موعد مع الكارثة: 15 شهيدا بينهم خمسة أطفال ومسن، وحوالى 30 جريحاً، جراء الغارات والقصف المدفعي الإسرائيلي. وجميع الضحايا من المدنيين. وبين الشهداء المصور التلفزيوني لوكالة «رويترز» الفلسطيني فضل شناعة (23 عاما)، فيما نجا فني الصوت في الوكالة وفا أبو مزيد، لكنه يتلقى علاجا من الصدمة. وأظهر فيلم في داخل الكاميرا الخاصة بشناعة، دبابة إسرائيلية على بعد مئات الأمتار وهي تطلق قذيفة، انقطع بعدها التصوير. ويبدو أن تلك هي اللحظة التي أصيب فيها شناعة. وكان شناعة وزميله يستقلان سيارة ذات دفع رباعي غير مصفحة، عليها علامات «تلفزيون» و«صحافة» على بابها وسطحها. وأدى الانفجار إلى تدمير السيارة واحتراقها. ويعمل شناعة مع «رويترز» في غزة منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وكان قد أصيب في آب 2006 حين أطلقت طائرة إسرائيلية صاروخا على سيارة كان يستقلها. وسقط أربعة صحافيين يغطون أحداث غزة والضفة الغربية منذ عام 1992 .وقال مسؤول عسكري إسرائيلي، من جهته، «نتقدم بأسفنا إثر مقتل مصور، لكن ينبغي معرفة أن هناك حربا ضد عناصر إرهابية مسلحة متطرفة وخطيرة. ولهذا، فإن عناصر في وسائل إعلام أو مدنيين يعرضون أنفسهم للخطر» عندما يكونون في منطقة معارك. وفي موازاة الغارات والقصف الاسرائيلي، شنت اسرائيل حملة إعلامية لترهيب حماس، فقال وزير المواصلات شاؤول موفاز «علينا تكثيف العمليات الهجومية على غزة… فالجيش الإسرائيلي لا يزال بعيدا عن القيام بعملية واسعة النطاق في القطاع» مضيفاً ان «رؤساء الإرهاب في غزة هم العنوان… ومن الأفضل الآن لكبار مسؤولي حماس البحث عن ملاجئ تحت الأرض». وتابع أن على «اسرائيل أن تعمل كما فعلت في عام 2004 حين قتلت قائدي حماس الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، معززة قدرتها على الردع».ومن ناحيتها أعلنت السلطة الفلسطينية يوم الخميس الماضي يوم حداد، كما دان الرئيس الفلسطيني محمود عباس «بشدة» العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، ودعا تل أبيب إلى وضع حد «لعدوانها» على الفور.
Leave a Reply