القدس المحتلة – كشفت اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية عن الوجه الحقيقي للإرهاب الصهيوني تجاه الفلسطينيين، وعن الحالة التي صار عليها المواطن الفلسطيني، بعد خمود- أو إخماد- انتفاضة الأقصى والعمل الجهادي، الذي أصبح شبه مشلول في الضفة الغربية.ويسعى المستوطنون بالضفة الغربية، التي أصبحت منزوعةً من سلاح المقاومة، نتيجةَ تطبيق الأجهزة الأمنية بالضفة الغربية التابعة للرئيس عباس البندَ الأَوَّلَ من خطة خارطة الطريق، والقاضي بهدم البنية التحتية للإرهاب، «أي نزع سلاح المقاومة، وحماية أمن الاحتلال».وقد أدت اعتداءات المستوطنين بالضفة الغربية إلى إصابة أكثر من 50 مواطنا بالضفة الغربية بجروح، وحَرْقِ عددٍ من المنازل بمدينة الخليل جنوبَ الضَّفَّة الغربية، ناهيك عن تكسير عددٍ من الْمَرْكَبَات، وحرق المئات من عقارات المواطنين، وغلق الطرقات، مما زاد من عناء المواطنين، الذين يعانون من الحواجز العسكرية، إبان عيد الأضحى المبارك، وازدياد حركة التنقلات للموطنين.والمتتبع لمجريات الأحداث في الضفة الغربية وملف الاستيطان، يجد أن هنالك أسبابًا عدة وراء تصاعد هجمات المستوطنين بالضفة.خمود المقاومة بالضفةينتشر بالضفة الغربية أرخبيل من المستوطنات والنقاط الاستيطانية العشوائية، وتتمركز المستوطنات في منطقة القدس، ونابلس، ورام الله، والخليل، بالإضافة إلى بعض المستوطنات المتفرقة بالضفة.ويعتبر المستوطنون الذين يسكنون مدينة الخليل من أشدِّ المستوطنين تطرفًا وعداءً للفلسطينيين حيث يحتلون البيوت العربية، ويعتدون على المواطنين بشكل يومي. ويضاف إلى ذلك جزر المستوطنين قُرْبَ نابلس؛ حيث يقطن بها مستوطنون ممن أُجْلُوا من مستوطنات قطاع غزة بعد انسحاب الاحتلال منها؛ حيث يقومون بسرقة الزيتون والمحاصيل الزراعية، وتشكيل عصابات القتل التي تَتَصَيَّدُ المزارعين العُزَّل.ومن جانب آخر اشتدت ضراوة قوات الاحتلال، فبعد أن قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي انتفاضة الأقصى بالضفة الغربية، واعتقلت كوادرها ونشطاءها، ووضعت الحواجز العسكرية المنتشرة بين مدن وقرى الضفة الغربية، استطاعت أنْ تُخْمِدَ المقاومة الشعبية.ومع كل هذا القمع فإنه لم يستطع أن يحمي الاحتلال من ضربات المقاومة التي كانت تقع بين الفينة والأخرى.وقد اتهمت حركة المقاومة الإسلامية حماس الأجهزة الأمنية بالضفة الغربية بالتشجيع على ضرب وقمع المواطنين العزل من قِبَل المستوطنين.فقد اتهم مشير المصري، القيادي بحركة «حماس»، الأجهزةَ الأَمْنِيَّةَ بالضفة الغربية بأنها وراء اعتداءات المستوطنين، وقال المصري: لقد أدت سياسة سحب سلاح المقاومة التي انتهزتها السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، وكان آخرها ما وقع في مدينة الخليل، التي تتعرض اليوم إلى أكبر اعتداء من قِبَلِ المستوطنين، مضيفًا بأن سلاح المقاومة كان الرادِعَ لهجمات المستوطنين.وتشهد الضفة الغربية حملة أمنية تقوم بها أجهزة الأمن؛ حيث تسحب أي سلاح تحت ذريعة أن أي سلاح غير سلاح الأجهزة الأمنية يعتبر غيرَ شرعي، ومهددًا للأمن في الضفة الغربية.حماية وتشجيعيعتمد المستوطنون بالضفة الغربية على فتوى أصدرها الحاخام الأكبر عبادا يوسيف، الذي دعاهم إلى قتل الفلسطينيين قائلا: اقتلوهم؛ فهم أعداء اليهودية.. ومن قتل فلسطينًّا دخل الجنة.. كما دَعَاهُم إلى انتخاب حركة «شاس» قائلاً: من ينتخب شاس سيدخل الجنة!وحركة «شاس» حركة متطرفة تدعو إلى طرد الفلسطينيين من فلسطين؛ لتحقيق الدولة ذات القومية الواحدة. وإلى جانب هذا، يوقن المستوطنون بأن أي تسوية مع السلطة الفلسطينية لن تكون لصالحهم، وأنهم بتلك الأفعال متأكدون أن أي تصعيد أو ردة فعل بالضفة الغربية، ستُؤَجَّل، وقد تئد أي حلول في الضفة الغربية.كما يعمد المستوطنون إلى إشعال الانتفاضة الشعبية بالضفة الغربية مرة أخرى، وبالتالي سيكون الصدام بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي سبيلا لبقائهم وحمايتهم.ويعتمد المستوطنون بالضفة الغربية على حماية قوة الشرطة والجيش لمنع الفلسطينيين من الرد على هجمات المستوطنين.الانقسام سبب آخرمن جانبه اعتبر خالد منصور، مسئول العمل الجماهيري في الإغاثة الزراعية، الانقسامَ الفلسطينيَّ سببًا ودافعًا لاعتداءات المستوطنين، قائلا: إنها أدت إلى تراجع الفعل النضالي الْمُوَجَّه ضد الاحتلال، وأدَّتْ كذلك إلى تخريب النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وأشاعت حالة الإحباط واليأس بين الجماهير، وأساءت إلى سمعة النضال الوطني الفلسطيني على المستويين (العربي والعالمي)، والأخطر من ذلك أنها أدَّتْ إلى تشجيع المحتلين ومستوطنيهم؛ لتصعيد وتيرة جرائمهم واعتداءاتهم على الشعب الفلسطيني، وقيامهم بتنظيم وتكثيف خطواتهم؛ لمصادرة ونهب الأراضي الفلسطينية..ويقول المحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم سامح، «لقد أيقن المستوطنون أن المقاومة بالضفة الغربية أصبحت مشلولة؛ لأن حالة الانقسام الفلسطيني أدتْ إلى تطبيق خطة خارطة الطريق، وعدم قدرة المقاومة أن ترد على اعتدائهم».وأضاف: إن تلك الاعتداءات من المبرر أن يكون لها رَدٌّ، وهو ردٌّ طبيعي على الهجمات، فأينما وُجِدَ ظلم ستجد مقاومة، وما يقوم به المستوطنون، بحماية الجيش الإسرائيلي، سيُقَابَلُ بِرَدٍّ، وقد بدأ الرد الجماهيري بمدينة الخليل.وتابع قائلا: إن اعتداءات المستوطنين تُهَدِّد بتفجير انتفاضة جديدة، وإن وقعت ستكون أكثرَ دمويةً، وقد تكون كافيةً لإنهاء السلطة الفلسطينية الهشة أصلًا بعد الانقسام الفلسطيني، كما أنَّ أجهزة الأمن لن تستطيع أن تمنع الشارع أن ينتفض على الظلم.(الإسلام اليوم)
Leave a Reply