حمَل لافتة تطالب بالسماح بإدخال الغذاء للقطاع المحاصر
واشنطن
أوقفت شرطة الكونغرس الأميركي طبيباً عربياً أميركياً من مدينة ديربورن هايتس لعدة ساعات بسبب احتجاجه ضد الحصار المفروض على قطاع غزة خلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي عقدت في 21 أيار (مايو) المنصرم بحضور وزير الخارجية ماركو روبيو.
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً يظهر شرطة الكونغرس وهي تقتاد الطبيب الفلسطيني الأصل، نضال جبور، من قاعة الاجتماع بطريقة خشنة، قبل أن تقوم بتقييد يديه خلف ظهره وسوقه إلى مركز الشرطة لتحرير ضبط رسمي بحقه، بتهمة مخالفة قوانين مقاطعة كولومبيا التي تحظر التظاهر داخل جلسات الكابيتول.
وجبور، هو المؤسس المشارك لمنظمة «أطباء ضد الإبادة الجماعية»، وهي مجموعة انطلقت في خريف عام 2023 بهدف تضفير الجهود لوقف الحرب الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وكذلك للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى أكثر من مليوني فلسطيني محاصر في قطاع غزة.
وأفاد جبور لـ«صدى الوطن» بأن شرطة الكونغرس اعتقلته لعدة ساعات مع ستة ناشطين آخرين، بسبب رفعهم لافتات تطالب بوقف جرائم التطهير العرقي والسماح بإدخال المواد الإغاثية إلى القطاع المنكوب، خلال إحاطة كان يقدمها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، لافتاً إلى أن المنظمة التي تضم أكثر من 20 ألف طبيب داخل وخارج الولايات المتحدة كانت قد أطلقت مؤخراً حملة بعنوان «خبز لا قنابل» لتسليط الضوء على الأولويات الإنسانية في قطاع غزة، بما في ذلك، وقف الحرب الإسرائيلية ضد المدنيين العزّل والضغط لإجبار إسرائيل على السماح بإدخال المساعدات إلى مئات آلاف العائلات المتضررة في الأراضي المحتلة.
وقال جبور الذي أقام العام المنصرم نصباً تذكارياً لشهداء القطاع أمام عيادته بمدينة ديربورن هايتس: «إن وقف إطلاق النار يمكن أن ينقذ أرواحاً أكثر مما يستطيع أي طبيب فعله داخل العيادات»، مضيفاً بتصريحات صحفية بعد إطلاق سراحه في نفس اليوم: «نحن لا نتخلى عن واجباتنا الطبية، لكننا نؤمن بأن الضغط على السياسيين لوقف الحرب هو الأكثر جدوى في ظل الظروف الراهنة».
ولفت إلى أن وجوده في الكابيتول لم يكن بقصد التظاهر خلال جلسة استماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، وإنما تصادف مع زيارة الكونغرس الشهرية التي يقوم بها مع العديد من زملائه الآخرين في منظمة «أطباء ضد الإبادة» لمقابلة المشرعين في مجلسي النواب والشيوخ وبحث الدور الأميركي في الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأوضح الطبيب الفلسطيني بأن القمع الذي يواجهه الأطباء والنشطاء الآخرون بسبب تضامنهم مع القضية الفلسطينية، بما في ذلك فقدان بعضهم لوظائفهم، لن يثنيه عن الاستمرار في الدعوة إلى السلام، مضيفاً: «لن نصمت.. إن كل ما نطلبه هو وقف الحرب، وإن تجويع الأطفال هو فعل مناهض للسلام».
وكان جبور يرفع لافتة كُتب عليها: «دعوا الأطفال يأكلون، دعوا الأطفال يعيشون»، عندما قامت شرطة الكونغرس باعتقاله مع الناشطين الآخرين بتهمة «التجمهر والعرقلة والإزعاج»، وهي المخالفة التي تعتبر جنحة بموجب قوانين مقاطعة كولومبيا التي تحظر الاحتجاجات داخل مبنى الكابيتول، بحسب بيان لشرطة الكونغرس.
وأوضح جبور بأن المحتجين لم يكونوا يطالبون الإدارة الأميركية بتمويل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإنما فقط السماح بإدخال المواد الغذائية المكدسة على حدود القطاع مع مصر، مؤكداً بأن «تجويع المدنيين بينما الغذاء ينتظر على الحدود هو فعل إجرامي وغير إنساني، وأنه لا ينبغي لأي إنسان أن يقف متفرجاً على هذا الوضع».
وشبّه جبور الظروف في غزة بمناطق الحروب المنسية، «لكن مع فارق مأساوي»، بحسب تعبيره، موضحاً: «لا توجد مستشفيات عاملة، ولا أدوية، والقصف لا يتوقف والأطباء يعملون في ظروف مستحيلة وسط المجاعة والدمار».
وأشار إلى أن منظمة «أطباء ضد الإبادة» تستضيف اجتماعات شهرية عبر الإنترنت، يتم خلالها التحدث مع أطباء داخل غزة، كما تنظم فعاليات تضامنية ووقفات احتجاجية في عديد الجامعات الأميركية، وقال: «إن دور الأطباء لا يقتصر على العلاج، بل يشمل التوعية والمناصرة، وإذا كان صوتنا قادراً على إنقاذ حياة واحدة، فواجبنا أن نرفعه مهما كان الثمن».
وفي سياق متصل، كان الأستاذ في جامعة «وين ستايت» بديترويت، توماس بيدروني، من ضمن المشاركين في الزيارة الشهرية لمنظمة «أطباء ضد الإبادة» إلى الكونغرس الأميركي، وقد أكد بأن المجموعة «تُحسن فهم ما يحدث في غزة من منظور مهني»، لافتاً في مقابلة مع صحيفة «ديترويت فري برس» إلى أن جميع المهنيين في غزة يواجهون المجاعة والقصف «مما يُصعّب عليهم أداء وظائفهم».
ورغم أن بيدروني ليس طبيباً، إلا أنه وصف التواصل مع الأطباء الميدانيين في غزة بأنه خطوة نحو فهم معاناة المدنيين من خلال التجارب العملية، معرباً عن خيبة أمله من رد فعل بعض الجامعات على الاحتجاجات الطلابية وقيامها بكبح حرية التعبير والرد على الاعتراضات بعقوبات إدارية، وهو ما وصفه بيدروني بـ«التنازل الخطير عن المبادئ الأكاديمية».
وتواصل إسرائيل فرض حصار خانق على قطاع غزة، بالتزامن مع استمرار عملياتها العسكرية التي تستهدف المدنيين المحاصرين، حيث منعت منذ أكتوبر 2023 دخول مواد الإغاثة مما فاقم الأوضاع الإنسانية وأدى إلى كارثة غير مسبوقة، وسط تحذيرات أممية من خطر مجاعة جماعية.
ووفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية، يعاني نحو 14 ألف رضيع في غزة من «سوء تغذية حاد وشديد الخطورة»، كما أفادت وكالة «أسوشيتد برس» بأن الحصار الإسرائيلي يحول دون دخول آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات، ما دفع مسؤولين في المجال الإنساني إلى دق ناقوس الخطر والتحذير من كوارث بشرية تهدد أرواح مئات الآلاف.
Leave a Reply