ديربورن – خاص “صدى الوطن”
الأرجيلة، ظاهرة مثيرة للقلق، يتمسك بها شباب الجالية العربية في ديربورن وتتفنن في تقديمها المقاهي العربية التي وجدت اساليبها الخاصة في التحايل على قوانين الحظر الخاصة بسلامة المواطنين، فيما تؤكد الدراسات على خطورة انتشار هذه الآفة القاتلة التي قد تؤدي الى نتائج كارثية سيحصد العرب الأميركيون نتائجها في العقود القادمة.
تدخل احدى هذه المقاهي، تجتاحك سحابة من الدخان ويفاجئك اكتظاظ هذه الأماكن بالشباب والعائلات وحتى من هم دون السن القانونية. وتسأل في قرارة نفسك عما اذا كان هنالك قوانين تحظيرية في الأساس وعن مدى وعي هؤلاء المدمنين لخطورة تدخين الأرجيلة على الصحة الفردية والصحة العامة.
خلال العشر سنوات الماضية، شهدت مدينتا ديربورن وديربورن هايتس افتتاح العشرات من مقاهي الأرجيلة التي تقدم خدمة الطعام والأرجيلة معاً. ويتنافس أصحاب المقاهي على تقديم الاسعار التنافسية للأرجيلة التي تجذب الشباب باختلاف أعمارهم. الا أنه مع صدور قانون جديد في ميشيغن يحظر المقاهي من تقديم الطعام والأرجيلة في آن، وجد أصحاب المقاهي أنفسهم أمام مأزق سرعان ما ابتكروا له أساليبهم الخاصة للالتفاف حول القانون والتحايل عليه.
على سبيل المثال، افتتح مقهى “مانغو” على شارع وورن في ديربورن وافتتح بجنبه مطعم لخدمة توصيل الطعام وذلك لتشجيع المدخنين على طلب الطعام في الوقت الذين يدخنون أرجيلاتهم في الباحة الخارجية.
ولكي لا تكون مسألة عدم تقديم الطعام مشكلة في وجه الزبائن الذين يرغبون أحياناً بتناول الطعام. من ناحية اخرى، أصبح مقهى “ميدنايت اكسبرس” الواقع على شارع غرينفيلد مخصص لتقديم الاراجيل فقط لكن هذا لا يمنع الزبائن من العبور الى المطعم الذي يملكه المالك نفسه “لافا جافا” لطلب الطعام.
يقول روبي بريش، 23 عاماً، يعيش في كانتون ويدرس في “جامعة ميشيغن” في ديربورن: “لا شيء يضاهي تدخين الأرجيلة في ديربورن. انها نوع من التواصل الاجتماعي، كما أنه بامكانك طلب الطعام من المطاعم المجاورة”. ويضيف بريش “لا اعتقد ان احداً يعير اهتماماً لمخاطر التدخين، فالارجيلة تحولت الى كحول الرجل العربي”.
أشارت الدراسة المعدة حديثاً من قبل “أكسس” في ديربورن، أن الأرجيلة آفة اجتماعية، تحولت الى عادة يمارسها الشباب وتؤثر على صحتهم سلباً. كما أنها تزيد من تلوث الهواء الذي يهدد بخطر الاصابة بأمراض عديدة كالسرطان والربو. وتلقت وزراة الصحة والبيئة في مقاطعة وين مايزيد عن 675 شكوى من المواطنين فيما يتعلق بخروقات المقاهي للقوانين الخاصة بحظر التدخين في الولاية. وبالرغم من ذلك لم تعر بعض المقاهي أي أهمية للقوانين الجديدة واهملتها بالكامل.
تقول مديرة وزارة البيئة والصحة في مقاطعة وين، كارول أوستوربري: “أن مجموع الغرامات التي صدرت بحق المخالفين في مقاطعة وين كان 16 غرامة بينما في مقاطعتي أوكلاند وواشتناو فهو صفر”.
من ناحيتها، رأت المنسق العام لقسم الصحة العامة ودائرة الأبحاث في “أكسس” منال سعد أنه بالرغم من التحركات البناءة بصدد فرض قوانين حظر التدخين، تجد أن مجتمع الجالية العربية يجد أساليبه الخاصة للالتفاف حولها بدل الاستفادة منها. وتضيف سعد “نسمع الكثير من القصص حول اهمال المطاعم والمقاهي للقوانين دون حسيب أو رقيب. وبقدر ما يقع اللوم على المقاهي المحلية، يشارك ايضاً الأفراد في تفشي هذه الآفة التي يمارسها البعض في بيوتهم”.
يقول أمين شهاب (21 عاماً) في ديربورن هايتس: “تدخين الأرجيلة يساعدني على الاسترخاء”، وهو يدخن الارجيلة كل يوم ويستهلك ما لا يقل عن رأسين من الارجيلة في الجلسة الواحدة. شهاب كالكثير من شباب المنطقة يجتمع مع اصحابه تقريباً كل يوم من الاسبوع، يلعبون الورق ويعقدون جلسات تدخينية تستمر لساعات متأخرة من الليل.
ويجد جايمس كورسي (21 عاماً) في ديربورن هايتس، أن الارجيلة هي شيء يجمعه واصحابه في أوقات الفراغ ويقول كورسي “أكثر ما احب في الأرجيلة، رؤية الدخان”.
تقوم “أكسس”، وبعد تفاقم ظاهرة الارجيلة، بمشروع كامل مخصص لتثقيف الشباب حول اخطار التدخين واساءة استخدام المواد الكيميائية الخاصة وبرنامج الوقاية منها. واظهرت نتائج البحث، أن تدخين الارجيلة في جلسات بين ساعة من الوقت الى 80 دقيقة يساوي تدخين 100 سيجارة. كما ان الارجيلة تحتوي على “أول أكسيد الكربون” ومعادن ثقيلة ومواد خطيرة أخرى قد تؤدي الى الاصابة بسرطان الرئة.
من ناحية أخرى، اظهرت الدراسة “أن تدخين الارجيلة في الجلسة الواحدة ينتج دخاناً يوازي 96 ليتراً، أي ما يساوي 48 قنينة صودا كبيرة.
والرأس الواحد من الارجيلة يعطي المدخن نيكوتين بنسبة 1.7 ضعف النيكونين الذي يتلقاه من السيجارة، كما يتلقى مدخن الأرجيلة 6.5 أضعاف مادة “أول أكسيد الكربون” عن مدخن السيجارة و46 ضعفاً من مادة القطران (تار) الموجود في السيجارة. كما ان التشارك في تدخين الارجيلة الواحدة قد يؤدي الى تبادل الجراثيم وفيروسات الانفلونزا والسل والهر<يز والأمراض المنقولة جنسياً.
يجد البعض صعوبة في تفادي مخاطر التدخين، في حين انشغالهم في اختيار النكهات المتعددة للارجيلة كالنعنع والعنب والليمون وغيرها من النكهات. تقول نتالي حسين: “نكهة المعسل المفضلة هي النعنع لانها تعطيني شعوراً لذيذاً”.
“قد تبدو الأرجيلة موضة مستحدثة، الا أن تاريخ الارجيلة يعود الى مئات السنين، لكنها لم تتحول الى وباء الا في الـ1990 عندما بدأ انتاج النكهات المتنوعة والمختلفة التي جذبت الشباب اليها”، بحسب قول مدير قسم الصحة الاجتماعية والابحاث في “أكسس” الدكتور عدنان حمد. “كما أن عمر الارجيلة يعود الى ما يزيد عن الـ800 سنة وقد منع تداولها خلال فترة ما في حقبة الامبراطورية العثمانية بسبب مساوئها على الصحة”.
في هذا السياق، تقول سعد “كانت الارجيلة رائجة بين الأجيال الاكبر من الرجال في السابق، حيث كان التنباك العجمي دون اضافة النكهات. لكن اليوم الشركات المصنعة للمعسل تستهدف الاجيال الشابة وخصوصاً النساء بحيث ينتجون نكهات لذيذة وبراقة. وبسبب تنوع النكهات يتناسى البعض أنها لا تزال تعتبر تدخيناً”. وتضيف سعد: “نقوم بتدريب بعض الشركات حول ضرورة سؤال الزبائن عن بطاقة هويتهم قبل السماح لهم بشراء الارجيلة”.
وتشير الدراسة المعدة في “أكسس” الى ان الشباب دون سن الـ18 في منطقة ديربورن لهم حصتهم ايضاً. حيث 40 بالمئة منهم قد جربوا الأرجيلة. فالارجيلة يمكن ان يستخدمها أكثر من شخص ما يسهل على من هم دون السن القانونية حيازتها والحصول عليها.
Leave a Reply