عواصم – تعقدت المسارات الدبلوماسية للأزمة السورية مع مواصلة الجيش تحقيق تقدم ميداني لافت في عدة محافظات سورية حاولت المعارضة المسلحة كبحه بالهجوم على قرى شمالي اللاذقية وسقوط مطار منغ العسكري في حلب، مع دخول أسلحة متطورة للمعارضة.
مسلحون أجانب يتحدثون للصحافة بعد سقوط مطار منغ. |
وأمام التطورات والرهانات الميدانية، قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما إلغاء القمة المنتظرة في مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والأمير السعودي بندر بن سلطان عاد خائباً من موسكو بعدما رفض سيد الكرملين عرضاً سعودياً سخياً، حسبما أفادت وكالات الأنباء العالمية. ويبقى كابوس بقاء النظام السوري يمثل عبئا ثقيلا على السعودية لاسيما إثر تسلمها ملف الأزمة من حليفتها قطر بعد «سقوط الحمدين».
وتبدو العلاقات الروسية الأميركية إلى مزيد من التدهور على خلفية الموظف السابق في الـ«سي آي أي»، ادوارد سنودن، التي منحته روسيا مؤخراً حق اللجوء السياسي لمدة عام، رغم مطالبات واشنطن بتسليمه.
وعن زيارة بندر الى موسكو قالت مصادر في الشرق الأوسط ودبلوماسيون غربيون يوم الأربعاء الماضي إن السعودية عرضت على روسيا حوافز اقتصادية تشمل صفقة أسلحة كبيرة وتعهدا بعدم منافسة مبيعات الغاز الروسية إذا قلصت موسكو دعمها للأسد. وأضافت المصادر أن رئيس المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان عرض الاتفاق المقترح بين اللاعبين البارزين في الحرب الأهلية في سوريا خلال اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الأسبوع الماضي.
وتدعم روسيا الأسد بالأسلحة وقدمت له غطاء دبلوماسيا خلال الحرب وأي تغيير في موقف موسكو من شأنه أن يزيل عقبة رئيسية تحول دون القيام بتحرك بشأن سوريا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقالت مصادر من المعارضة السورية مقربة من السعودية إن الأمير بندر عرض شراء أسلحة روسية تقدر قيمتها بما يصل إلى 15 مليار دولار وكذلك ضمان ألا يهدد الغاز المستخرج من الخليج وضع روسيا كمزود رئيسي بالغاز لأوروبا.
وأكد مصدر خليجي مطلع على الموضوع أن الأمير بندر عرض شراء كميات كبيرة من الأسلحة من روسيا لكن لم يحدد أي مبلغ أثناء المحادثات.
واستبعد دبلوماسي غربي في الشرق الأوسط أن يقايض الزعيم الروسي صورة موسكو البارزة في المنطقة في الآونة الأخيرة بصفقة أسلحة وإن كانت كبيرة. وأضاف أن المسؤولين الروس يشككون أيضا على ما يبدو في وجود خطة واضحة لدى السعودية لتحقيق الاستقرار في سوريا في حالة سقوط الأسد.
لكن دبلوماسيين آخرين قالوا إن روسيا مارست ضغوطا على الأسد مع اقتراب موعد الاجتماع كي يسمح لبعثة تابعة للأمم المتحدة بالتحقيق في الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيمياوية وهي علامة محتملة على إبداء موسكو قدرا أكبر من المرونة.
ومن المتوقع أن يزور فريق الأمم المتحدة سوريا الأسبوع القادم، فيما تحتدم الحملة العسكرية للنظام في عدة محافظات سورية.
وفي السياق، قالت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي إنها تضع اللمسات النهائية على التفاصيل القانونية والخاصة بالنقل والإمداد لمهمة مفتشي المنظمة للتحقيق في مزاعم باستخدام أسلحة كيمياوية في سوريا. وأضافت أن الحكومة السورية وافقت على السماح لفريق من الخبراء بزيارة ثلاثة مواقع ذكرت تقارير أن اسلحة كيماوية استخدمت فيها. وأحد تلك المواقع هو بلدة خان العسل في حلب حيث تقول سوريا إن المعارضين استخدموا اسلحة كيماوية في آذار (مارس) الماضي.
الأسد
وفي صباح العيد، استفاق السوريون والعرب والمتابعون للشأن السوري على خبر استهداف موكب الرئيس بشار الاسد بقذيفة مدفع من قبل مقاتلي «لواء أحرار الشام» التابع «للجيش الحر» الامر الذي نفته دمشق بشدة خاصة بعد أن ظهر الرئيس الاسد وهو يؤدي صلاة عيد الفطر في مسجد «أنس بن مالك» بحي المالكي وخرج من الجامع ليقود سيارته بنفسه، وقد نقل التلفزيون السوري ذلك على الهواء مباشرة، وهذه ليست المرة الاولى التي يعلن فيها مسلحو المعارضة عن استهدافهم للأسد ويبدو أن ذلك كان ضمن حملة إعلامية لتعزيز الخبر اطلق المسلحون طلقة هاون سقطت في حي أبو رمانة بدمشق وهو قريب من حي المالكي حيث مكاتب القصر الجمهوري القديم.
وزير الإعلام السوري عمران الزعبي نفى خبر تعرّض موكب الأسد لهجوم. وقال في تصريح للتلفزيون السوري: أؤكد لكم ان الخبر غير صحيح جملة وتفصيلا، مضيفا: ان كل شيء طبيعي.
واعتبر الوزير السوري أن هذه المعلومات هي مجرد انعكاسات لأحلام وأوهام بعضهم مكررّاً القول ان الخبر عار عن الصحة وكاذب ومضللّ وأن كل شيء طبيعي، وقال: إن الرئيس كان يقود سيارته بنفسه وصافح كلّ الناس وحضر الصلاة كعادته.
الأسد: لا حل مع الإرهاب سوى الضرب بيد من حديد
قال الرئيس بشار الأسد عشية ليلة القدرخلال مأدبة طعام إفطار تشارك فيها مع فعاليات المجتمع السوري من أحزاب وسياسيين ومستقلين ورجال دين مسلمين ومسيحيين ونقابات واتحادات ومجتمع مدني: «إن السوريين وحدهم القادرون على إنهاء الأزمة بأنفسهم، ولم يبق أمامنا سوى خيار واحد هو أن ندافع عن أنفسنا وبلدنا بأيدينا».
وأكد الأسد أن القوات المسلحة تمكنت من تحقيق ما يشبه المستحيل في ظل الظروف الصعبة والهجوم من مختلف الدول الكبرى مع عملائهم والإرهابيين وأن لا حل مع الإرهاب سوى أن يضرب بيد من حديد.
وأشار إلى أن المواجهة هي بين الوطن وأعدائه وبين الجيش والإرهابيين وبين الدولة والخارجين عن القانون وأي عنوان آخر لم يعد مقبولاً على الإطلاق.
وقال الأسد «إن الخير لن يأتينا من بعض الدول العربية أو الإقليمية القلقة جداً على كل مدينة وقرية صغيرة في سوريا ولكنهم مطمئنون جدا لوضع القدس ومستقبل أبنائها في الأحضان الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الخير سيأتينا من كل الشرفاء الذين وقفوا معنا في أماكن مختلفة من العالم ومن أولئك الأبطال الذين يذودون عن وطنهم ويدافعون عن شعبهم وعن عائلاتهم الصابرة على غيابهم في ساحات القتال وعن دماء شهدائنا وأهاليهم». وأضاف «إنه بتوحد الجيش والشعب والقضاء على الإرهابيين نعيد الأمان والاستقرار إلى سوريا التي كانت نموذجاً للأمن والأمان.
الشأن الإقتصادي
أعلنت الحكومة السورية يوم الأحد الماضي أن التجار السوريين الذين يسعرون البضائع بالعملة الصعبة سيواجهون عقوبة السجن لمدة تصل إلى عشر سنوات وذلك في خطوة تهدف إلى كبح جماح الدولرة المتنامية في اقتصاد يعاني تحت وطأة حرب أهلية مستمرة منذ عامين.
وحظر مرسوم صادر عن الرئيس بشار الأسد استخدام أي عملة غير الليرة السورية في المعاملات التجارية والتسويات النقدية. ويواجه التجار الذين يخالفون القانون عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات وغرامة تعادل مثلي قيمة المبلغ المدفوع بالعملة الصعبة. وقد تزيد العقوبة إلى السجن عشر سنوات مع الشغل إذا تجاوزت القيمة خمسة آلاف دولار حسبما أفاد المرسوم الذي نشرته وسائل إعلام رسمية.
وقبل اندلاع الأزمة في آذار 2011 كان سعر العملة 47 ليرة للدولار. ويقول متعاملون إنه بعد عامين من الحرب والانهيار الاقتصادي يبلغ سعر العملة حاليا نحو 200 ليرة.
ويعاني السوريون جراء انخفاض قيمة الليرة من غلاء كبير في الأسعار، لكنه لم يصل حتى الآن الى أسعار البلدان المجاورة لسوريا.
الوضع الميداني
ومع مواصلة الجيش السوري تقدمه خلال الأسابيع الماضية في حمص وريف دمشق وحلب، وزيارة الأسد الى داريا ووزير دفاعه الى حي الخالدية بقلب حمص، شن آلاف المسلحين هجوماً واسعاً على قرى ريف اللاذقية اتخذ طابعاً طائفياً، وسرعان ما تمكن الجيش السوري مدعوماً باللجان الشعبية من استعادة معظم القرى التي هجّر سكانها بعد استهدافها بقذائف الهاون من قبل المهاجمين الذين يُعتقد أنهم جاؤوا عبر الحدود التركية.
كما قضى الجيش السوري على سبعين مسلحاً على محور عدرا الضمير في الغوطة الشرقية لدمشق، وأوضح مصدر عسكري أن القوات السورية نصبت كميناً محكَما لهولاء المسلَحين في تلك المنطقة وتمكَّنت من قتلِهم. وقد عرضَ التلفزيونُ السوري صورا للقتلى المسلحين.
وتشكل عدرا الواقعة على بعد 35 كلم الى الشمال الشرقي من دمشق، ممرا رئيسيا الى الغوطة الشرقية قرب العاصمة، والتي تعد أحد المعاقل الرئيسية لمقاتلي المعارضة في ريف دمشق. ويعد هذا الكمين الثاني من نوعه الذي تنصبه القوات النظامية في المنطقة نفسها، اذ قضى 49 مقاتلا معارضا في كمين آخر في عدرا في 21 تموز (يوليو) الماضي.
وتحدثت مصادر المعارضة عن سيطرة مسلحين من «دولة العراق والشام الاسلامية» و«جبهة النصرة» وغيرها من التنظيمات السورية المعارضة المسلحة على مطار منغ العسكري المحاصر منذ أكثر من عشرة أشهر تعرض خلالها لعشرات الهجمات الموسعة التي فشلت في السيطرة على المطار. وبحسب المصادر العسكرية السورية تمكنت حامية المطار التي تتشكل من عشرات الجنود من الإنسحاب الى عفرين التي يسيطر عليها الأكراد.
في غضون ذلك سقط ثمانية عشر قتيلا وجرح أكثر من ستين مدنيا بينهم أطفال جراء انفجار سيارة مفخخة في الشارع العام لمدينة جرمانا الملاصقة لدمشق من الجهة الشرقية قرب طريق المطار وكانت المدينة قد أمطرت بنحو ١٥ قذيفة هاون مطلع الاسبوع الماضي نتج عنها عدد من الشهداء والجرحى،كما سقط خمسة اشخاص مدنيون في مدينة قطنا بريف دمشق جراء تفجير عبوة ناسفة
Leave a Reply