دمشق – صخر نصر، وكالات
تدفق ملايين السوريين الى صناديق الإقتراع يوم الثلاثاء الماضي لانتخاب الرئيس بشار الأسد رئيساً لسبع سنوات إضافية. في مشهد كرنفالي شمل جميع أطياف الشعب السوري، لتؤكد سوريا، أنها تتجه نحو انتصار واضح وصريح على خصومها الذين أصبحوا أمام أمر واقع لا يمكن تجاهله وهو نسبة المشاركة المرتفعة التي فاقت كل التوقعات والمراهنات وتخطت حاجز ٧٣ بالمئة، بحسب النتائج الرسمية للإنتخابات.
الانتخابات الرئاسية وانتصار الأسد ترافقت الأسبوع الماضي مع بوادر عودة العمليات العسكرية الواسعة للجيش السوري لاسيما بعد الخرق الذي تحقق في بلدة المليحة بالغوطة الشرقية والتي من المتوقع أن يكون للسيطرة عليها «تأثير الدومينو» على باقي قرى وبلدات المنطقة، إما بقوة الجيش السوري أو بفعل المصالحات التي يتم العمل على إنجازها في أكثر من مكان على الخارطة السورية.
إذن الوضع ما قبل الانتخابات ليس كما بعدها ورغم استهجان الغرب للانتخابات برمتها الا أن المعسكر الدولي الداعم لسوريا شارك في الرقابة على تلك الانتخابات وكان لممثليه رأي مغاير لرأي الدول السبع التي اجتمعت في بروكسل، فروسيا والصين والهند وايران وغيرها وصفت الانتخابات بالنزيهة، ولم تسجل ملاحظات تذكر، فيما يؤكد المسؤولون السوريون ان الانتخابات شأن داخلي وقرار سوري وعلى العالم احترام رغبة الشعب، بصرف النظر عما تقوله هذه الدولة أو تلك ليأتي تصريح لجون كيري وزير الخارجية الاميركي من بيروت مفاجئاً بلهجته عندما طلب من ايران و«حزب الله» وقف الحرب في سوريا وهذه لهجة جديدة بعد أن كان قبل فترة ليست بالبعيدة يصف الحزب بالارهاب وهو الان يطلب مساعدته.
فاز الرئيس السوري بشار الأسد بولاية رئاسية ثالثة بالأغلبية المطلقة، وذلك بعد أن تم فرز أصوات الناخبين في الإنتخابات الرئاسية التي جرت الثلاثاء، حيث حصد 88 بالمئة من الأصوات الصحيحة.
سوريون يلتقطون صورة «سيلفي» مع الأسد داخل قلم الإقتراع. |
وأعلن جهاد اللحام رئيس مجلس الشعب السوري نتائج الإنتخابات من مقر مجلس الشعب السوري موضحاً أن عدد الذين يحق لهم الإقتراع داخل سوريا وخارجها كان 15,845,575 ناخباً، وأن عدد الأشخاص الذين أدلوا بأصواتهم بلغ 11 مليوناً و634 ألف، بنسبة مشاركة بلغت 73,42 بالمئة.
وأعلن اللحام فوز الأسد بولاية رئاسية جديدة بحصوله على 10 ملايين و319 ألف و723 صوتاً، بنسبة وصلت إلى 88,7 بالمئة، فيما حصل الدكتور حسان عبدالله النوري على 500 ألف و279 صوتاً بنسبة 4,3 بالمئة من عدد الأصوات الصحيحة، كما حاز المرشح ماهر عبد الحفيظ حجار على 372 ألف و301 صوتاً، بنسبة 3,2 بالمئة من الأصوات الصحيحة.
وأعلن اللحام أن عدد الأوراق الباطلة بلغ 442 ألف و108 ورقة، بنسبة 3,8 بالمئة.
وعلى الفور شهدت شوارع معظم المدن السورية تجمعات ومسيرات حاشدة للإحتفال بفوز الأسد وبدأ إطلاق النار في الهواء في مناطق مختلفة من دمشق، برغم بث التلفزيون نداء من الرئيس دعاهم فيه إلى الامتناع عن هذا الأمر، موضحاً أن «جنودنا البواسل وهم على خطوط النار يدافعون عن الوطن ويحاربون الإرهاب أولى بكل رصاصة تطلق في الهواء تعبيراً عن الابتهاج بأي مناسبة أو حدث».
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، «قتل ثلاثة أشخاص وأصيب العشرات في دمشق في إطلاق النار ابتهاجاً بإعادة انتخاب الأسد».
ودان قادة مجموعة السبع، في بيان بعد اجتماعهم في بروكسل، الانتخابات السورية، واعتبروا أنها «مزيّفة»، مكررين مطالبتهم الأسد بالتنحي عن السلطة.
وقال القادة «نندد بالانتخابات الرئاسية الزائفة التي جرت في الثالث من حزيران: ليس للأسد أي مستقبل في سوريا». وأضافوا «ندين بقوة انتهاكات القانون الانساني الدولي وحقوق الانسان والقصف المدفعي العشوائي والقصف الجوي من قبل النظام السوري». وتابعوا «ثمة أدلة على أن جماعات متطرفة ارتكبت أيضا انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان. يجب محاسبة كل المسؤولين عن تلك الانتهاكات».
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، في بيان، إن الاتحاد «يعتبر» أن الانتخابات غير شرعية وتسيء إلى الجهود السياسية المبذولة لإيجاد حل لهذا النزاع المريع». وأضافت «ندعو النظام إلى استئناف مفاوضات سياسية حقيقية توجِد الشروط التي تسمح بالتعبير الحقيقي عن إرادة الشعب السوري».
وأضافت أن «النظام رفض إعلان جنيف أساساً لعملية سياسية انتقالية، وواصل عملياته العسكرية ما أدى إلى مقتل أكثر من 150 ألف شخص ونزوح 6,5 ملايين في حين غادر 2,5 مليون شخص البلاد».
وقال بروجردي، في مقابلة مع وكالة «فارس»، «أعتقد أن الانتخابات ستغيّر المعادلات، حيث أن الأمور ستتغير مع تقدم عملية المصالحة بين الجيش السوري والفصائل المسلحة، وأنه لا معنى لمؤتمر جنيف بعد هذه التطورات». وأضاف «الأميركيون يريدون وضع سوريا بموقف الضعف عبر مؤتمر جنيف الدولي، إلا أنه ومع إجراء الانتخابات الرئاسية، بإمكان الرئيس الجديد القول بأنه منتخب من الشعب لولاية تمتد سبع سنوات، حيث يعكس موقف قوة».
تناولت الصحف الغربية، نتائج الانتخابات السورية وفوز الأسد، حيث أكدت مجلة «كاونتر بانش» الأميركية، بقلم الكاتب ريك ستيرلينغ أن «الأميركيين الساعين إلى تغيير النظام في سوريا، وخصوصاً وزير الخارجية الأميركي جون كيري، يعلمون جيداً أهمية هذه الانتخابات».
وأضاف ستيرلينغ أن «الشعب السوري، أكان في داخل سوريا أو خارجها، يعرف تمام المعرفة رمزية هذه الانتخابات ولهذا كان هذا الحشد الكبير في الداخل والخارج. لذا فالأهم في كل العملية نسبة المشاركة في الانتخابات».
بدوره، اعتبر الكاتب روبرت فيسك في مقالة في صحيفة «الاندبندنت» البريطانية، أن «الأسد تفوق على السيسي، الذي حصد 93,7 بالمئة من أصوات المصريين»، مشيراً إلى أن «هناك اختلافاً واضحاً بين العمليتين في مصر وسوريا، فمراكز الاقتراع في القاهرة كانت فارغة ومضجرة، بينما وقفت طوابير من الناخبين الذين اجتازوا البحار للمشاركة في الانتخابات السورية».
وهذا ما جعل المبعوث الخاص السابق للمرحلة الانتقالية في سوريا فريديريك هوف يشير في مقالته بمجلة «ذي أتلانتيك كاونسيل» إلى أن «الثالث من حزيران، شهد انتقاداً من السفير الأميركي لدى دمشق روبرت فورد لسياسة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في الملف السوري… في وقت محرج».
وبدوره، اعتبر الأسد أن نسبة المشاركة العالية في الانتخابات تشكل رسالة قوية للغرب وللدول المتورطة بالحرب على سوريا، بأن الشعب السوري شعب حي ومصمم على تقرير مصيره بنفسه وهو يتطلع دائماً نحو المستقبل.
وفي أول موقف له بعد الإعلان عن فوزه، اعتبر الأسد في استقباله لوفد ايران أن الانتصارات التي يحققها الشعب السوري والنجاحات التي تحققها إيران على أكثر من صعيد، وخصوصاً فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني بالإضافة إلى التحولات الإيجابية التي تشهدها العديد من دول المنطقة يجعلنا أكثر ثقة واطمئناناً حيال مستقبل شعوب المنطقة.
في سياق آخر، استقبل الأسد وفداً من أبناء الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركية الذين قدموا إلى سوريا للإدلاء بصوتهم في الانتخابات الرئاسية، واعتبر أن إصرار أعداد من المغتربين السوريين على المجيء إلى سوريا للمشاركة في الانتخابات يؤكد عمق انتمائهم وولائهم لوطنهم وتصميمهم على المساهمة في الحفاظ على استقلالية قراره وسيادته. يذكر أن مدينة ديربورن ومدن أخرى في منطقة ديترويت وأميركا شهدت احتفالات وجولات سيارة للجالية السورية.
ميدانياً في سوريا، أنجزت الانتخابات الرئاسية من دون أن تعكّرها هجمات دموية برغم أن جميع الأطراف، موالاة ومعارضة ومسلحين، كانوا يتحسبون ليوم الانتخابات، متخوفين من حمّام دم قد يفتح صنابيره طرفٌ أو آخر لحسابات ودوافع مختلفة.
أما من ناحية الجيش السوري، فلم تكد الانتخابات الرئاسية تنتهي حتى انفجر الوضع بشكل كبير على محور المليحة في ريف دمشق، حيث أطلق الجيش السوري عملية عسكرية واسعة لقطع احد أهم شرايين الدعم للمسلحين في هذه المنطقة، بموازاة تقدمه في ريف حلب، حيث شدد الخناق على الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون داخل المدينة، التي تلوح في افقها أزمة مياه، بعد تعرض خطوط جرّ المياه إلى أضرار كبيرة جراء التفجيرات.
كما كشف مصدر عسكري أن قوات الجيش و«الدفاع المحلي» أحكمت سيطرتها على قرى عدة في جنوب حلب، بالإضافة إلى تلال إستراتيجية وكتيبة دفاع جوي في منطقة عزان، وقرى عبطين ورسم الشيح وكفرعبيد وبلاس وصولاً إلى مشارف منطقة الزربة غربا التي تعتبر أولى نقاط العبور على طريق حلب-دمشق الدولي، المغلق منذ أكثر من عام. وقال المصدر العسكري إن من شأن سيطرة الجيش على مجموعة القرى في الريف الجنوبي وصولاً إلى الغرب إحكام الطوق الذي بات يفرضه الجيش على مدينة حلب، وذلك لضمان حصار المسلحين داخل شرق المدينة وعزلهم عن الريف.
إلى ذلك، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان، ان مقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية انسحبوا من كامل الريف الغربي لمدينة دير الزور (خط الجزيرة) ليعود مجدداً تحت سيطرة «داعش».
Leave a Reply