دمشق – صخر نصر، وكالات
سارعت واشنطن الى الرد على تصريحات واثقة أطلقها الرئيس السوري من دمشق حيث اعتبر أن الازمة المستمرة منذ ثلاثة أعوام باتت حاليا في مرحلة انعطاف لصالح النظام حسبما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا).
وقال الأسد «هناك مرحلة انعطاف في الأزمة إن كان من الناحية العسكرية والإنجازات المتواصلة التي يحققها الجيش والقوات المسلحة في الحرب على الإرهاب أو من الناحية الاجتماعية من حيث المصالحات الوطنية وتنامي الوعي الشعبي لحقيقة أهداف ما تتعرض له البلاد».
جنود سوريون أمام فندق السفير في بلدة معلولا بعد تحريرها من المجموعات المسلحة الأسبوع الماضي. |
ولكن الرد الأميركي كان سريعاً باعتبار أن ما يجري في سوريا هو «حرب استنزاف»، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية جنيفر بساكي للصحفيين: «إن تحليلنا يبقى على حاله، أي أنها حرب استنزاف وأن ما من طرف استطاع أن يحرز أو قادر أن يحافظ على مكاسب مهمة»، وأضافت «إن جهودنا للتنسيق مع المعارضة مستمرة».
وفي السياق، قال مصدر بالمعارضة السورية المسلحة لوكالة «فرانس برس» إن عناصر منضبطة ومعتدلة من الجيش السوري الحر حصلت للمرة الأولى على 20 صاروخ «تاو» مضاد للدبابات من جهة غربية، وأضاف أن المعارضة تلقت وعدا بامدادها بمزيد من الصواريخ في حال استخدمت بطريقة فعالة، مشيرا الى أنه تم استخدام الصواريخ حتى الان في مناطق إدلب وحلب واللاذقية.
وأكدت بساكي أنه سيكون من الخطأ الاعتقاد أن كلفة الانتصار في ميزان الحرب تميل لصالح الأسد ولكن أرض الميدان تؤكد أن قدرة الجيش السوري على تحقيق تقدم كبير وعلى أكثر من جبهة.
وفي الوقت الذي كان فيه الجيش السوري يواصل عملياته العسكرية ضد أحياء يسيطر عليها مسلحون في حمص القديمة والتي استهدفتها المدفعية بكثافة، دعا المبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي النظام السوري والمعارضة الى استئناف المفاوضات من أجل رفع الحصار عن المدينة .
وفي الشمال تعتبر حلب أسخن الجبهات منذ اسبوع، حيث فتحت المجموعات المسلحة أكثر من خمس جبهات انطلاقا من قلب المدينة ومن الغرب لتخفيف شبه الحصار الذي يضربه الجيش السوري على معاقل المسلحين شرقي المدينة.
الجبهات كلها كانت تستهدف الغرب للوصول الى نقاط دفاعية للجيش خاصة مبنى المخابرات الجوية الذي يعتبر مفتاح غرب المدينة ولكن جميع الجبهات قد صدت، وكان آخرها محاولة اقتحام ثكنة هنانو حيث شن المسلحون واحدة من أعنف الهجمات في حلب، إذ فتحوا جبهات عدة في وقت واحد، محاولين الوصول أساسا الى ثكنة هنانو العسكرية من خلال تفجير أطنان من المتفجرات داخل أنفاق تصل الى الثكنة قبل محاولة اقتحامها بهجوم يبدو أنه مني بالفشل بعد تدخل الطيران الحربي.
وفي حمص أطلق الجيش حملة عسكرية لاقتحام الاحياء القديمة التي يستولي عليها المسلحون منذ أكثر من عامين، كما عزز عملياته في شمال المحافظة حيث آخر معاقل المسلحين في الرستن وتلبيسة وتلدو.
أما معركة القلمون في ريف دمشق فقد وصلت الى خواتيمها بعد أن شغلت الرأي العام ووسائل الاعلام لفترة طويلة،وقد تقدم الجيش السوري الأسبوع الماضي بسرعة قياسية باسطاً سيطرته على آخر معاقل المسلحين حتى وصل الى معلولا «واسطة العقد» في القلمون نظرا لأهميتها الدينية والتاريخية وطابعها الأثري، من دون أن يتوقف عندها، بل تابع تقدمه باتجاه جميع البلدات المجاورة، حتى أصبحت الزبداني آخر المدن المحاذية للحدود اللبنانية التي ما زالت تحت سيطرة المسلحين، ومن المتوقع أن تحذو حذو سابقاتها من مدن وبلدات القلمون التي سلمت نفسها بدون قتال كجبعدين وحوش عرب والجبة وتلفيتا.
وأثار انتصار الجيش في القلمون مخاوف المسلحين في الغوطة الشرقية، هذه المخاوف التي تحولت الى خلافات واسعة مع امتناع قادتهم عن السير في طريق التسويات والاستكانه الى واقع انقطاع الامداد عنهم.
وفي دمشق بعد انتهاء حرب الانفاق بتدمير العشرات مما حفره المسلحون في جوبر باتجاه «ساحة العباسيين»، تقدم الجيش السوري عبر محورين الى الحي ضمن خطة دفاعية لضرب الثغرة الوحيدة المتبقية للمسلحين للتسلل الى قلب العاصمة عبر خاصرتها الشرقية.
فقد تقدم الجيش من ساحة العباسيين إلى جوبر ووصل إلى ساحة البرلمان كما سيطر على الأبنية التعليمية بعد دخوله من محور سوق الهال من الزبلطاني. استفاد المسلحون من موقع الحي المشرف على العاصمة للتسلل عبر الأنفاق نحو ساحة العباسيين أو الشوارع المحيطة بها وقصف أحياء العاصمة بالهاون، وقد قتل العديد من الاطفال وجرح اكثر من مئة جراء سقوط قذائف على مدارس في باب توما والدويلعة.
واستخدم الجيش الأنفاق لضرب مواقع المسلحين وتدمير مبان تحصنوا بها لتنتقل المواجهات من تحت الأرض إلى سطحها.
ولم يكتف الجيش باقتحام جوبر وقصفها بالمدفعية لمنع إعادة تجمع المسلحين وقطع طرق الإمداد مع زملكا وعين ترما، إذ يواصل أيضاً فصلها عن مناطق مجاورة بسلسلة من التسويات المحلية لا سيما في القابون وبرزة، وتشجيع الوسطاء فيها على إنجاح مصالحة تضع حداً للقتال.
في ريف دمشق وبعيد استعادة التلال والمرتفعات حول رنكوس أحال بقية البلدات إلى أحجار دومينو الواحدة تسقط الأخرى.. الجيش دخل الصرخة بعدها معلولا دون قتال، ليصل الجبة بعد جبعدين وعسال الورد وحوش عرب وتلفيتا التي دخلها دون قتال حيث استسلم قسم كبير من المسلحين والباقون انسحبوا من الجنوب باتجاه الزبداني والطفيل اللبنانية.
معارك الجيش في القلمون تسارعت بعد سيطرته أولاً على التلال المشرفة المهيمنة على سير المعارك، وإغلاق كافة خطوط الإمداد، ومعابر الإنسحاب نحو لبنان التي سلكها مقاتلو يبرود وغيرهم، عبر سلسلة جبال لبنان الشرقية.
واذا كان تسارع الاحداث وتساقط المدن والبلدات بعد رنكوس ويبرود واستسلام مقاتليها وتسليم انفسهم وتسوية أوضاع مايزيد عن الالف مسلح بغضون أسبوع، فإن الايام القادمة حبلى بالمفاجآت لاسيما وأن بدء الترشح للانتخابات الرئاسية السورية قد حدد في ٢١ نيسان الجاري وقد لاقت هذه الخطوة ردود فعل سلبية من السعودية ومن الاوربيين التي ردت عليها الخارجية السورية باعتبار ذلك تدخلا في الشؤون الداخلية السورية.
وبالعودة الى تصريحات الأسد التي أكد فيها أن الدولة تسعى الى استعادة الأمن والاستقرار في البلاد، ذكرت وكالة «سانا» أن هذه التصريحات جاءت خلال لقاء أساتذة وطلاب الدراسات العليا بكلية العلوم السياسية بجامعة دمشق.
ورأى الأسد أن بلاده مستهدفه ليس فقط من أجل «موقعها الجيوسياسي الهام»، وإنما بسبب دورها التاريخي المحوري في المنطقة وتأثيرها الكبير على الشارع العربي.
وتأتي تصريحات الاسد قبل ثلاثة أشهر من نهاية ولايته الرئاسية في 17 تموز (يوليو)، حيث أعلن وزير الإعلام السوري أن باب الترشح للانتخابات سيفتتح في الأيام العشرة الاخيرة من نيسان، وأن الانتخابات ستجري في موعدها في حزيران (يونيو) المقبل.
الى ذلك قال مصدر حكومي سوري لوكالة «فرانس برس» إن مجلس الشعب (البرلمان) سيعقد جلسة الاثنين المقبل مخصصة لفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية ويحدد تاريخ الانتخابات في البلاد، مضيفا بأن المحكمة الدستورية العليا ستعلن أسماء المرشحين، وكان مجلس الشعب قد أقر في 14 آذار (مارس) الماضي بنود قانون الانتخابات الرئاسية التي تغلق الباب عمليا على احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج، إذ يشترط أن يكون المرشح للانتخابات قد أقام في سوريا بشكل متواصل خلال السنوات العشر الأخيرة.
وقال وزير الاعلام السوري عمران الزعبي إن الانتخابات الرئاسية التي يعتزم إجراؤها لن تشرف عليها أية هيئات رقابية من أية دولة، عربية كانت أم غير عربية.
Leave a Reply