توقعات بانطلاق جولة جديدة من مفاوضات السلام فـي تركيا
دمشق، طهران – عادت دمشق الى الواجهة السياسية في الشرق الأوسط وتبين انها الحلقة الأهم في محور الممانعة في المنطقة فقد فكت معظم الدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا العزلة التي تحاول واشنطن فرضها على سوريا وذلك بعد الإعلان مؤخرا عن مفاوضات سلام سرية غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب.
وحملت موجة الانفتاح الأوروبي على دمشق ضغوطا على النظام السوري لفك حلفه مع طهران الأمر الذي لاقاه الرئيس بشار الأسد بالرفض التام وذلك بعد أن طالبت إسرائيل بفك تحالفها مع طهران كشرط للتوصل لاتفاق سلام.
وكانت وزيرة الخارجية الاسرائيلية قالت إن اتفاق السلام مرهون بأن تنأى سوريا بنفسها عن ايران، وتقطع الروابط مع «حزب الله» اللبناني، وحركة «حماس الفلسطينية».
لكن مصدراً رسمياً نقل عن الأسد قوله: «إن سوريا لديها علاقات طبيعية مع إيران، وإن أي اقتراح للتخلي عن تلك العلاقات لن يكون طلباً معقولاً»، وأضاف: «إنه إذا كان لاسرائيل أن ترتاب في علاقات سوريا مع ايران فإنه يمكن لسوريا عندئذ أن ترتاب في روابط اسرائيل مع دول اخرى خصوصاً الولايات المتحدة».
وتأكيدا على الحلف الاستراتيجي بينهما وقعت ايران وسوريا مذكرة تعاون دفاعية في ختام زيارة قام بها وزير الدفاع السوري حسن تركماني الى طهران الاربعاء الماضي.
وجاء في نص المذكرة ان «البلدين يشددان على دعم كل منهما استقلال الاخر ووحدة وسلامة اراضيه في الهيئات الدولية والاقليمية». كما شدد البلدان في النص على «تطوير العلاقات بينهما في مجال الدفاع» وعلى «ضرورة رحيل قوات الاحتلال الاجنبية التي تشكل مصدر انعدام الامن والاستقرار في المنطقة».
والتقى تركماني الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد وقائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري وزار عددا من مصانع الاسلحة.
واعلن احمدي نجاد لدى استقباله تركماني انه على ثقة من ان سوريا ستواصل الكفاح ضد اسرائيل. واكد وزير الدفاع الايراني مصطفى محمد نجار الاحد لدى استقباله نظيره السوري ان سوريا تبقى حليفة طهران «الاستراتيجية».
وعززت ايران وسوريا عام 2006 التحالف القائم بينهما منذ قيام الثورة الاسلامية الايرانية عام 1979 بتوقيع اتفاق شراكة عسكرية.
مسار المفاوضات
وفي سياق محادثات السلام قالت مصادر سورية مسؤولة لـ«وكالة الانباء الالمانية» إن مسار المفاوضات بين دمشق وتل أبيب لن يؤثر على المسار الفلسطيني، ولن يكون هناك أي توقيع سوري إسرائيلي على حساب الفلسطينيين، وأضافت أن التفاوض ينطلق من قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مدريد والعودة إلى حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967.
وأبلغت مصادر تركية الوكالة أن الوفدين السوري والإسرائيلي في الجولة السابقة كانا يقيمان في فندق واحد في تركيا، كل منهما في طابق مستقل عن الآخر، وأن المفاوض التركي كان ينقل بينهما مجريات المحادثات، ولم تستبعد المصادر إجراء مباحثات سورية-إسرائيلية مباشرة خلال الفترة المقبلة. فيما أشارت معلومات إلى أن جولة المفاوضات الثانية قد تبدأ خلال الأسبوعين المقبلين.
واعتبر وزير الإعلام السوري السابق مهدي دخل الله من جانبه أن الضجة الإعلامية تبدو صاخبة، وهي أكثر حضوراً من التحولات الواقعية في الموقف الإسرائيلي من السلام، وقال في تصريح للوكالة الألمانية إنه بالنسبة لسوريا، فهي منذ زمن تعمل وتطرح أنها مع سلام استراتيجي عادل وشامل ووفق قرارات الشــرعية الدولية، مؤكداً أنه وبغض النظر عن ثقة سوريا بإسرائيل فإن سـوريا تعمل للسلام.
وأبدى دخل الله خشية بلاده من أن تكون إسرائيل بحكومتها الضعيفة حالياً مع غياب للدور الأميركي أحد الأسباب المعرقلة للسلام الذي تنشده سوريا،
واضاف أن التوجه الحقيقي هو أن يكون لدى إسرائيل حكومة قوية. مشيرا الى أنه من غير الوارد أن يكون هناك تفاوض مع إسرائيل خارج إطار حدود الرابع من حزيران.
وفي سياق آخر، نفت مصادر سورية مطلعة وجود أي صفقة تتعلق بالشأن اللبناني في ما يتعلق بانطلاق المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل بواسطة تركية.
وقالت المصادر إن المتغير الاستراتيجي الذي حصل في المنطقة والذي أدى إلى الإعلان عن المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل هو عدوان تموز (يوليو) 2006، فإسرائيل وصلت إلى قناعة بأن الوضع الإقليمي لابد أن يقود إما إلى تصعيد وحرب جديدة، أو ما إلى فتح نوافذ باتجاه السلام وهذا ما حصل. واعتبرت أنه من المفيد أن تأتي إدارة أميركية جديدة ترى أمامها ملفاً جاهزاً من الصعب إدارة الظهر له. ورأت المصادر أن محاولات التشكيك بالخطوة السورية عبر الإيحاء بأن سوريا باعت «حزب الله» أو حركة «حماس» هي محاولات يائسة تقف وراءها جهات ساءها أن توصف التحركات السورية على صعيد المنطقة بالبراعة والذكاء.
وفي شأن العلاقات المستقبلية بين سوريا ولبنان رأت المصادر أن هذا الموضوع منوط بقدرة المؤسسة السياسية اللبنانية على إنتاج حكومة تعمل على إصلاح العلاقة بين البلدين والاستقلال عن الضغوط الخارجية في ما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين.
وحيال العلاقات السورية السعودية بعد انتخاب العماد سليمان، دعت المصادر الرياض إلى «مراجعة سياستها حيال سوريا»، وشددت على أن «المشكلة التي كانت تعتبر ذريعة للتوتر هي انتخاب سليمان وقد تجاوزناها، وكذلك الحديث عن أن المشكلة هي في ضرورة انتهاج المفاوضات وقد أعلنا عن المفاوضات غير المباشرة فما هي المشكلة إذن».
واعتبرت المصادر أن ما جرى في لبنان «ليس حلاً جذرياً لمشكلته بل هو حل مؤقت لوجود قوى إقليمية ترى فيه ساحة من ساحات الصراع الإقليمي، وقد رأينا أن بعض العرب انزعجوا من دخول الجامعة العربية على خط المصالحة في لبنان ونجاحها في مسعاها.
Leave a Reply