واشنطن
رغم تسجيله بيانات إيجابية فاقت مستوى التوقعات بإضافة 372 ألف وظيفة جديدة خلال حزيران (يونيو) الماضي، يواصل الاقتصاد الأميركي أداءه المقلق مع تسارع وتيرة التضخم في أسعار المستهلكين إلى مستوى قياسي جديد غير مسبوق منذ العام 1981، مما سيمهد الطريق أمام مجلس الاحتياطي الفدرالي لمواصلة مسار رفع أسعار الفائدة، الذي يخشى الخبراء من أن يتسبب بانكماش اقتصادي.
وأظهرت البيانات الصادرة الأربعاء الماضي ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين 9.1 بالمئة على أساس سنوي، مقارنة مع التقديرات البالغة 8.8 بالمئة، مسجلاً أسرع وتيرة تضخم منذ كانون الأول (ديسمبر) 1981، أما على أساس شهري فارتفع المؤشر بنسبة 1.3 بالمئة.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساس –الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة– بنسبة 5.9 بالمئة في يونيو على أساس سنوي مقارنة بالتقديرات البالغة 5.7 بالمئة.
وأشار مسؤولو الاحتياطي الفدرالي بالفعل إلى رفع ثانٍ للفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في وقت لاحق هذا الشهر، مع استمرار التضخم.
سوق العمل
من ناحية أخرى، أضاف الاقتصاد الأميركي، وظائف بأكثر من توقعات المحللين خلال يونيو الماضي، مع استقرار معدل البطالة قرب أدنى مستوياته في خمسة عقود.
ووفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي، أضاف الاقتصاد في الولايات المتحدة 372 ألف وظيفة خلال يونيو، بعد بيانات أيار (مايو) المعدلة إلى 384 ألفاً، مقارنة مع التوقعات البالغة 265 ألفاً، بينما استقر معدل البطالة عند 3.6 بالمئة خلال نفس الفترة، بما يتماشى مع التوقعات.
واستقر عدد ساعات العمل عند 34.5 ساعة خلال يونيو، بينما ارتفع متوسط الأجر في الساعة بمقدار 10 سنتات أو 0.3 بالمئة عن مايو، ليصل إلى 32.08 دولار.
واستمر نمو التوظيف في قطاع الخدمات المهنية والتجارية الذي أضاف وظائف بمقدار 74 ألفاً خلال يونيو، كما أضاف قطاع الترفيه والضيافة 67 ألف وظيفة، إلى جانب 57 ألف وظيفة لقطاع الرعاية الصحية، و36 ألفاً في قطاع النقل والتخزين، بينما أضاف قطاع التصنيع 29 ألفاً.
وتدعم هذه البيانات التوقعات باتجاه الاحتياطي الفدرالي للاستمرار في تشديد السياسة النقدية في ظل قوة الاقتصاد الأميركي، حيث يترقب المستثمرون زيادة إضافية لسعر الفائدة خلال اجتماع البنك هذا الشهر.
خفض التوقعات
ومن جانبه، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي إلى 2.3 بالمئة هذا العام، أي أقل 0.6 بالمئة عن تقديره الصادر الشهر الماضي، حيث حذر من خطر ارتفاع التضخم.
وكتب الصندوق في تقرير أن ضغوط الأسعار والأجور الواسعة النطاق انتشرت سريعاً عبر الاقتصاد، وأن مقاييس توقعات التضخم على المدى الطويل بدأت في الانحراف إلى الأعلى، وزادت المقاييس لتوقعات التضخم على المدى القصير بشكل كبير.
وحسبما نقلت «فاينانشال تايمز»، حذرت مديرة الصندوق، كريستالينا جورجيفا، من أن الاقتصاد العالمي يواجه تنامي مخاطر أزمة ديون مع تعافيه من جائحة «كوفيد–19»، في ظل قوة الدولار الأميركي واتجاه العالم نحو تشديد السياسة النقدية. وأضافت جورجيفا أن 30 بالمئة من الأسواق النامية والناشئة، و60 بالمئة من الدول منخفضة الدخل عند مستويات ديون متعثرة أو قريبة من ذلك.
وقالت المستثمرة البارزة، كاثي وود، إن مجلس الاحتياطي الفدرالي يتجاهل إشارات انكماش الأسعار مع استمراره في رفع معدلات الفائدة بقوة.
وذكرت مؤسسة صندوق «أرك انفيست» في ندوة عبر الإنترنت: «السوق اكتشف أن الاحتياطي الفدرالي يرتكب خطأ، ما دفع الأسهم الأميركية لمحاولة الوصول إلى القاع».
وأشارت وود إلى أن هبوط أسعار النحاس والنفط والذهب يمثل إشارات على أن المخاوف بشأن استدامة التضخم تعتبر مبالغاً فيها.
ورفع الاحتياطي الفدرالي معدل الفائدة الأميركية 3 مرات منذ بداية العام الجاري، وسط توقعات بمزيد من عمليات الزيادة القوية هذا العام مع وصول التضخم لأعلى مستوياته في 40 عاماً.
Leave a Reply