لو فكرنا قليلا، عزيزي القارئ، أنا وأنت، سنكتشف أن ألد الأعداء هم الذين لم نعرف بعدائهم بعد ولم نعرف نواياهم بعد. لم نكتشف ما يخفون في قلوبهم، هؤلاء هم ألد الأعداء الذين لا نعرفهم، وإن عرفناهم فهم بالأغلب ممن يجالسوننا ويتحدثون إلينا على هيئة الأصدقاء.
ليس التشاؤم ما دفعني اليوم لكتابة هذه السطور عنهم بل هو ضرب من ضروب الواقع الموجع. وهو ليس اعتبارا لهم بقدر ما هو احتراما لوفائهم. فلماذا لا نحترم العداء إذا كان ثابتا ومنسقا؟ لماذا لا نحترمه ونحن في زمن متخلخل متأرجح الوجوه؟
صباح الجمعة الفائت، 24 شباط، وخلال سماعي لبرنامج “راديو بلدي” من خلال البث العربي، في الفقرة الأخيرة، استضاف المذيع راي حنانية صحافيا عربيا يدعى علي يونس لمناقشة الوضع السوري. فراح الاثنان، بلغة العم سام، ينتفون ريش أحد الصحفيين في ديربورن، مسخرة واستهزاء ووصف حنانية ذلك الصحافي بـ”الوغد” وبأنه “لا يشرفه ذكر إسمه في برنامجه”.
أغلب المستمعين العرب، من يعتبرون راي حنانية إعلاميا مثثقفا وصديقا للجالية العربية وحاملا لهمومها، استغربوا أن يصف حنانية الصحافي طارق عبدالواحد بذلك الوصف، على خلفية انتقاد عبدالواحد لمقالة كتبها حنانية وتساءل فيها حنانية عن عدم قيام السلطات الأميركية بـ”التصرف” مع “الشبيحة” من مؤيدي الرئيس السوري بشار الأسد في ديربورن!
والطعنة “المؤلمة” جاءت من الإعلامي الآخر المسمى علي يونس الذي ذهب “مُغاضبا” وهدر بصوت عابس أن سوريا تمد “حزب الله” بالسلاح والعتاد لقتل جيرانهم المسيحيين في لبنان، وبالتالي فلا مقاومة في لبنان ولا يحزنون.
ألم أقل لك عزيزي القارئ: فكر معي قليلا لتعرف أعداءك الحقيقيين؟
الأستاذ الصحفي علي يونس، ومن خلال كلامه الغاضب، وهو لبناني ابن ستين لبناني، وليس هجينا فلسطينيا مثل العزيز راي حنانية.. يا ريت لو أن الأستاذ علي يونس الهازئ من المقاومة والشعب السوري ومن طارق عبد الواحد.. يا ريت لو تكرم وشرح لنا وللمستمعين باللغة الإنكليزية الفصحى متى وأين حمل أفراد “حزب الله” السلاح لقتل إخوانهم المسيحيين! حتى الكذب له أصول!
هذا الكلام الفائض كرهاً وحقداً، لا يبدو مستغرباً عندما يردده ويكتبه من يسمون أنفسهم إعلاميين وصحافيين غاضبين حاقدين على أعداء شرفاء لهم، قاوموا إسرائيل ودحروها من جنوب لبنان، ومن أمثال هؤلاء الحاقدين رئيس “تحرير جريدة الشرق الأوسط” طارق الحميد وجوقة قرائه التافهين، وهم كثر شأن كل تافه في هذه الدنيا.
إن آلام الشعوب العربية وجراحها كبيرة ولا تطاق ويأتي أمثال هذا وغيره لينشغلوا بسفاسف الأمور ويشغلوا الناس بإثارة البغضاء والفتن.. وما لدينا من العار والسطحية يكفي. يا مسيو علي يونس لا أحد يطلب منك أن تكون صديقا للشعب السوري ولـ”حزب الله”. مبارك عليك حبك لأعدائهما. واسرج بخيلك في زمن الانهزام المزمن لكل حقيقة ونجاح.
نحن لم نتعود أن يصفق أحدنا لنجاح الآخر، بقدر ما تعودنا المبالغة في وصف عيوبه، ولأن حزب أعداء النجاح هو أكبر حزب عرفته الشعوب العربية، لذلك يمارس الإنسان العربي الديمقراطية بالعداء والبغض فقط، لكن لا نملك نحن المقهورين إلا أن نحبكم كما أمرنا المسيح العظيم: أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم!
Leave a Reply