ميدلاند – تسببت الأمطار الغزيرة التي هطلت على ولاية البحيرات العظمى خلال يومي الأحد والاثنين الماضيين، بفيضانات وسيول متفرقة كان أسوأها في مقاطعة ميدلاند بوسط ميشيغن، حيث أصدرت السلطات أمراً بإجلاء السكان إثر انهيار سدّين مائيين، مما أدى إلى غمر مساحات شاسعة من المقاطعة بمياه نهر تيتاباواسي.
وبحسب الأرصاد الجوية الوطنية، أدت الأمطار الغزيزة إلى ارتفاع منسوب نهر تيتاباواسي لأكثر من 30 قدماً بحلول يوم الثلاثاء المنصرم، مما تسبب بفشل السد المصمّم لاحتواء منسوب 24 قدماً فقط، في حين وصل منسوب النهر إلى أكثر من 35 قدماً بحلول مساء اليوم التالي.
وكان أكبر فيضان شهدته المنطقة قد سجل في العام 1986 حيث ارتفع منسوب النهر إلى 33.9 قدم.
وغمرت المياه أنحاء واسعة من مقاطعة ميدلاند، امتداداً من موقع السد على بحيرة ويكسوم –قرب مدينة إيدينفيل– مروراً ببحيرة سانفورد التي انهار سدها أيضاً، وصولاً إلى مدينة ميدلاند (مركز المقاطعة)، التي تقع على بعد حوالي 120 ميلاً شمال غربي ديترويت.
ودفعت الكارثة، حاكمة ولاية ميشيغن غريتشن ويتمر إلى إعلان حالة الطوارئ في المقاطعة المنكوبة، قائلة إنه «وسط مدينة ميدلاند سيغرق تحت حوالي تسعة أقدام من المياه».
وأجبرت الفيضانات شركة «داو» للكيميائيات على إغلاق خطوط الإنتاج، مؤكدة أنه لن يتبقى في مصانعها إلا العاملون الضروريون لمراقبة الموقف والتعامل مع أي طارئ. يذكر أن مصانع الشركة تقع على ضفة نهر تيتاباواسي الذي من غير المتوقع أن تنحسر مياهه قبل أسبوع على الأقل.
وكانت السلطات قد وجهت السكان بضرورة ترك مساكنهم ابتداء من يوم الاثنين الماضي، جراء ارتفاع مناسيب المياه، ونصحتهم بارتداء الكمامات والتقيد بشروط التباعد لمنع انتشار فيروس كورونا.
وتوجهت الحاكمة إلى نداء للسكان –مساء الثلاثاء المنصرم– بالقول: «إذا لم تخلوا المنطقة حتى الآن، افعلوا ذلك فوراً واذهبوا إلى مكان آمن»، مؤكدة أن الفيضانات الحالية غير مسبوقة في تاريخ مقاطعة ميدلاند، التي يقدر عدد سكانها بحوالي 83 ألف نسمة.
وأضافت «إذا كان لديكم أقارب أو أحباء يعيشون في مناطق أخرى من الولاية، اذهبوا إليهم فوراً»، لافتة إلى أن السكان الذين ليس لديهم مكان آمن ليلجأوا إليه، بإمكانهم التوجه إلى مراكز الإيواء التي تم إنشاؤها في المقاطعة لإغاثة المنكوبين، متوجهة بالشكر لعمال الطوارئ والحرس الوطني وشرطة الولاية لجهودهم في إجلاء السكان.
وتقدمت ويتمر، الأربعاء الماضي، بطلب رسمي للاستعانة بوكالة إدارة الطوارئ (فيما) للمساعدة في التعامل مع الفيضانات المدمرة، بعد أن تم إجلاء نحو 10 آلاف شخص.
وقالت ويتمر خلال مؤتمر صحفي عقدته بعد زيارة أحد مراكز الإيواء في ميدلاند: «لم يسبق لنا أن شهدنا شيئاً مماثلاً في مقاطعة ميدلاند منذ 500 عام، ومن الصعب تصور اضطرار الناس إلى التعامل مع حادث كهذا في خضم جائحة عالمية».
وتحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب هاتفياً مع ويتمر، قائلاً إنه سيزور المنطقة المنكوبة «في الوقت المناسب». وأكد أن وكالة «فيما» وسلاح الهندسة في الجيش الأميركي باشرت العمل لاحتواء الأضرار الناشئة عن انهيار السدين.
ومنح ترامب، يوم الخميس الماضي، موافقته على إعلان حالة الطوارئ الفدرالية في ميشيغن، بالتزامن مع زيارته للولاية حيث تفقد مصنعاً لشركة «فورد» بمدينة إبسيلانتي للاطلاع على إنتاج أجهزة التنفس الصناعي.
وقال ترامب «يبدو أن هناك خطأ وقع في مكان ما وليس هناك أفضل من سلاح الهندسة في الجيش الأميركي لإصلاح الأمر».
وقام الجيش الأميركي بنقل جسور متحركة إلى ولاية ميشيغن للمساعدة في أعمال الإغاثة التي ستتولى الحكومة الفدرالية تمويل 75 بالمئة من تكاليفها، بموجب قرار ترامب.
تحقيق
عقب الفيضانات الكارثية، طلبت الهيئة الفدرالية لتنظيم توليد الطاقة، من مالكي سدّي إيدينفيل وسانفورد إجراء تحقيق مستقل لتحديد أسباب فشل السدين، علماً بأن الوكالة كانت قد ألغت في أيلول (سبتمبر) 2018، رخصة سد إيدينفيل لتوليد الكهرباء، بعد تسجيل عدة مخالفات وملاحظات حول قدرة السد على تحمل الفيضانات.
وفي ردها، يوم الأربعاء الماضي، قالت الشركة المالكة لسد إيدينفيل إنها تعرضت لضغوط من حكومة الولاية لرفع منسوب مياه بحيرة ويكسوم خلال شهر أبريل الماضي، وهو ما سارعت إدارة ويتمر إلى نفيه في اليوم التالي.
وأصرت شركة «بويس» لتوليد الطاقة المائية على أن مسؤولي الولاية طلبوا رفع منسوب البحيرة لإرضاء السكان على ضفافها، وهو ما أدى إلى انهيار السد عقب تساقط الأمطار الغزيرة.
وقال راين جارفي، المتحدث باسم مكتب المدعي العام دانا نسل ، إن لي مولر ، المدير في شركة «بويس»، تقدم بطلب للحصول على تصريح لرفع منسوب البحيرة خلال الربيع ونال موافقة الولاية في 9 أبريل.
وأضاف في بيان: «ليس من الواضح لماذا يعتقد السيد مولر أن الولاية ضغطت على شركة بويس لرفع مستوى البحيرة في ربيع عام 2020».
غير أن حكومة الولاية كانت قد رفعت دعوى قضائية ضد بويس في 29 أبريل الماضي، متهمة الشركة بأنها خفضت مستوى البحيرة بشكل غير قانوني وعرضت بذلك، الحياة المائية للضرر.
وقال مسؤولون في إدارة ويتمر إن سنوات من عدم الاستثمار في البنية التحتية إلى جانب الأمطار الغزيرة والرياح العاتية كانت عوامل في فشل السد البالغ من العمر 96 عاماً.
وبانتظار جلاء حجم الأضرار التي تسبب بها انهيار سدّ بحيرة ويكسوم، لا يستبعد الخبراء أن تشهد مناطق أخرى في الولاية فيضانات مماثلة لدى هطول كميات كبيرة من الأمطار خلال موسم الربيع.
خطر الفيضانات
سجلت إدارة الأرصاد الجوية الوطنية، هطول أمطار غزيرة في ميشيغن مطلع الأسبوع الماضي، حيث رصد مطار ديترويت الدولي –يوم الاثنين المنصرم– رقماً قياسياً جديداً بهطول 1.71 إنش من الأمطار، بما يتجاوز الرقم القياسي السابق المسجل في مثل هذا الوقت من السنة، عند 1.5 إنش في 18 أيار (مايو) 2000.
ورغم غزارة الأمطار نسبياً، لم تشهد منطقة ديترويت، فيضانات أو سيولاً رئيسية، على عكس مقاطعات ساغينو وجينيسي وميدلاند التي شهدت هطول أمطار تجاورت 4 إنشات خلال يومي الأحد والاثنين الماضيين، مما ما تسبب بفيضان عدة أنهار وبحيرات.
ويخشى المراقبون من أن تتسبب أمطار الربيع بتكرر الفيضانات في أنحاء أخرى من ولاية ميشيغن خلال الفترة القادمة، في ظل الارتفاع القياسي لمنسوب مياه البحيرات العظمى، وكذلك الأنهار والبحيرات الداخلية في الولاية.
وفي مطلع شهر مايو الجاري، سجل سلاح الهندسة في الجيش الأميركي–مكتب ديترويت، ارتفاعاً قياسياً في منسوب مياه بحيرات ميشيغن وهيورون وسان كلير وإيري، في حين سجلت بحيرتا أونتاريو وسوبيريور مستوى أدنى من العام الماضي.
ومنذ سنوات، يعاني سكان المناطق الساحلية في مختلف أنحاء ميشيغن، من ارتفاع منسوب مياه البحيرات مما يتسبب بتآكل المباني والأرصفة المطلة على الشواطئ وتضرر البنى التحتية فضلاً عن الفيضانات المتكررة.
وبحسب توقعات سلاح الهندسة، يستمر منسوب البحيرات العظمى بالارتفاع حتى شهر آب (أغسطس) القادم.
Leave a Reply