نيويورك – اعتباراً من يوم الخميس ٢٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٢، أصبحت فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة بموافقة غالبية الدول في الجمعية العامة للمنظمة الدولية، في ظل معارضة إسرئيلية-أميركية.
عباس يلقي كلمته أمام الجمعية العمومية. (رويترز) |
ففي إطار إصراره على المساعي الديبلوماسية، تنازل الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجدداً عن مطالبه بحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة كـ«دولة»، ليجد في الجمعية العامة خياراً بديلاً له، حيث وقف امام الدول الأعضاء ليطرح الطلب الفلسطيني بالعضوية الناقصة باسم «شهادة ميلاد لفلسطين» ونال تأييد غالبية الدول (138 دولة)، في حين رفضت الطلب تسع دول فقط بينها الولايات المتحدة واسرائيل، وامتنعت 41 دولة عن التصويت.
وحاصر الطلب الفلسطيني في الأيام الماضية التحليلات التي تراوحت بين مؤيد ومعارض، في ظل «صدمة إسرائيلية» مزعومة تمثلت أساساً في انتقادات وجهت إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على اعتبار أن فلسطين أصبحت «دولة» في عهده. فما كان منه إلا أن رد سريعاً على خطاب عباس أمام الجمعية العامة، والذي حذر فيه من نفاد فرصة حل الدولتين، بوصفه بـ«السام». أما وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون فسارعت بدورها لاعتبار قرار الجمعية العامة «مؤسف وغير مجدٍ».
ويجد الكثيرون أنه بالرغم من أن القرار لن يغير الكثير في حياة الشعب الفلسطيني على الأرض، لا بالنسبة الى السيادة ولا استرجاع الارض ولا عودة اللاجئين، إلا أنه يعكس نجاحاً ديبلوماسياً على إسرائيل. وفي وقت اعتبره البعض خطوة إستراتيجية، بعد فشل محاولات الحصول على العضوية الكاملة، رآه البعض الآخر أنه لا يتخطى محاولات السلطة الدائمة والمستمرة للضغط على إسرائيل من اجل العودة إلى طاولة المفاوضات، خصوصاً أنها تسلحت اليوم بتأييد حركة حماس، الخارجة للتوّ من معركة غزة.
وفي خطابه أمام الجمعية العامة، طرح عباس الطلب الفلسطيني الخميس الماضي، مؤكداً في كلمته الفرصة الأخيرة لإنقاذ حل الدولتين. وقال «تجيء فلسطين اليوم إلى ممثل الشرعية الدولية، مؤكدة قناعتنا بأن الأسرة الدولية تقف أمام الفرصة الأخيرة لإنقاذ حل الدولتين، وهي لحظة فارقة إقليمياً ودولياً»، مشيراً إلى أن «العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا في قطاع غزة يؤكد الضرورة الاستثنائية العاجلة لإنهاء الاحتلال، كما أنه أكد على تمسك الحكومة الإسرائيلية بالعدوان». ووجّه عباس سؤالاً إلى «العالم»، هو «هل هناك شعب فائض عن الحاجة في منطقتنا؟ قولوا لنا؟ هل نحن شعب فائض عن الحاجة؟ أم أن هناك دولة ناقصة ينبغي التعجيل فيها هي فلسطين»، مشيراً إلى أنه «قبل 65 عاماً وفي مثل هذا اليوم أصدرت الجمعية العامة القرار 181 الذي قضى بتقسيم فلسطين التاريخية، ومن هنا كانت ولادة لدولة اسرائيل… وبالتالي فإن الجمعية العامة تقف أمام واجب أخلاقي، وأمام استحقاق تاريخي لم يعد الوفاء به يحتمل تأجيلاً… إن الجمعية العامة للأمم المتحدة مطالبة بإصدار شهادة ميلاد دولة فلسطين».
وبعد عباس مباشرة، أتى الردّ الإسرائيلي على لسان المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة رون بروسور، الذي قال إن «مشروع القرار بشأن فلسطين لا يحقق مصلحة لجهود السلام»، مضيفاً إن الإسرائيليين ينتظرون «الرئيس الفلسطيني الذي يسعى إلى السلام من خلال اعترافه بإسرائيل كدولة يهودية، إلا أن الرئيس عباس يريد المظهر وليس الواقع». ولذلك بنظر المتحدث الإسرائيلي «لا ينبغي على المجتمع الدولي أن يدعم هذا القرار، بل تشجيع الفلسطينيين على القيام بمفاوضات من دون شروط مسبقة، لحل الدولتين وفلسطين منزوعة السلاح». وتابع المتحدث الإسرائيلي «لن نقبل قرار الجمعية العامة بالاعتراف بفلسطين لأنه منفرد»، مضيفاً «لن نسمح بتأسيس قاعدة عسكرية ايرانية في دولتنا».
أما نتنياهو فرد مباشرة على خطاب عباس بوصفه «عدائياً وساماً». وقال في بيان صادر عن مكتبه إن «الامم المتحدة استمعت الى هذا الخطاب المليء بالدعاية الكاذبة ضد الجيش الاسرائيلي والمواطنين الاسرائيليين. ليس بهذه الطريقة يتكلم رجل يريد السلام». وكان في وقت سابق أعلن أن التصويت في الجمعية العامة «لن يغير شيئاً على الأرض»، مشيراً إلى أن ذلك «لن يعطي دفعة لإقامة دولة فلسطينية، بل إنه سيؤخرها أكثر».
وحاولت السفيرة الاميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس التقليل من أهمية القرار. وقالت من على منبر الجمعية العامة إن «الاعلانات الكبرى التي صدرت ستتلاشى قريباً والشعب الفلسطيني لن يجد عندما يصحو غداً الا القليل من التغيير، ما عدا الابتعاد اكثر عن امكانية التوصل الى سلام دائم». واضافت «هذا القرار لا يجعل من فلسطين دولة».
ويدعو الطلب إلى استئناف المفاوضات مع إسرائيل المتعثرة منذ أكثر من سنتين للوصول إلى «تسوية سلمية» تسمح بقيام دولة فلسطينية «تعيش بجانب إسرائيل في سلام وأمن على أساس حدود ما قبل العام 1967». أما دول الاتحاد الأوروبي فتوجّهت منقسمة إلى الجمعية العامة، بالرغم من إعلان وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين آشتون دعمها للخطوة. أما الدول التسع التي عارضت الطلب الفلسطيني فهي إسرائيل، والولايات المتحدة، وتشيكيا، وكندا، وبنما، وجزر المارشال، وناورو، وبالاو، وميكرونيزيا.
وقبل ساعات من التصويت، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون القادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى «إحياء عملية السلام» المعطلة فيما تواصلت الاحتفالات في عدد من المناطق الفلسطينية للتعبير عن التأييد لخطوة عباس في قلقيلية وبيت لحم ومحافظات الخليل وجنين وسلفيت ونابلس إضافة الى غزة التي تظاهر فيها الآلاف بدعوة من القوى الوطنية والإسلامية أمام مقر الأمم المتحدة.
Leave a Reply