أحد أبرز رجال الدين الشيعة السعوديين يلوح بالانفصال ووزير الداخلية يهدد بمزيد من »القوة والحزم«
الرياض – وصلت المواجهة بين السلطات السعودية والاقلية الشيعية الى مرحلة جديدة مع تهديد رجل دين شيعي بارز بـ»الانفصال« عن المملكة وتلويح وزير الداخلية بمزيد من »القوة والحزم« ضد من يهددوا أمن البلاد ودعوته الى احترام المذهب السني السلفي.
وكسر الشيخ نمر باقر النمر، وهو واحد من ابرز رجال الدين الشيعة في السعودية، طوق الحظر الذي فرض عليه منذ اعتقاله الأخير في آب (أغسطس) الماضي، وأمّ المصلين في صلاة الجمعة (الماضي) بمدينة العوامية في محافظة القطيف شرق السعودية، ودعا مواطنيه الى الاستعداد للدفاع عن »مجتمعهم« وهدد السعودية بالأخذ بخيار الانفصال، قائلا »كرامتنا أغلى من وحدة هذه الأرض«.
من جانبه، قال وزير الداخلية السعودي الامير نايف بن عبد العزيز في تصريحات لصحيفة »عكاظ« نشرتها السبت الماضي وكالة الانباء السعودية »نحن نرفض رفضا باتا وقاطعا صراع المذاهب في بلادنا ونعتبر أن للمواطن حقوقا وعليه واجبات تتماثل في كل شيء وأن لا يتم التعرض بأي حال من الأحوال لنهج الأمة (في السعودية) وهو النهج السني السلفي«. واتهم النمر السلطات السعودية بممارسة »سياسات التمييز الطائفي المنظم والممنهج والذي تمارسه السلطة السعودية منذ احتلالها لمنطقة الأحساء والقطيف قبل نحو قرن من الزمان«. وقدم النمر عرضا لأحداث المدينة المنورة التي وقعت في شباط (فبراير) الماضي في اشارة الى ان الجمرات التي خلفتها لا تزال متقّدة في النفوس.
واضاف الامير نايف »وأما من لدينا من مواطنين في بعض مناطق المملكة ممن ينتسبون لمذاهب أخرى فهذا أمر يعود إليهم وإلى العقلاء أن يلتزموا بهذا«.
وكان الامير نايف يرد على اسئلة عكاظ بشأن تظاهرات احتجاج نظمت في المحافظة الشرقية حيث توجد اقلية شيعية في خضم صدامات بين مواطنين شيعة وعناصر هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في شباط في المدينة المنورة (غرب).
واعرب النمر عن استعداده لدخول السجن وتحمل قسوة التعذيب وحتى القتل، قائلا انه يرفض المساس بكرامة المواطنين الشيعة، وقال انه يقف »على خط مواجهة الظلم والطغيان التي بدونها لا تُنال الحقوق، ولا تؤسس العدالة، ولا يعيش المواطنون أحراراً«. وتطرق النمر الى خطبة الجهاد للإمام علي، وقارن مناسبتها بما جرى على الشيعة »تحت الحكم السعودي«، وخلص الى القول »لن تنالوا عدلاً إلا بالجهاد.. لن تستردوا حقاً إلا بالتضحية والجهاد والقوة والجرأة والشجاعة«. وكرر النمر بأن الشيعة لن يسكتوا على ما يجري لهم من إهانات واعتداءات وهدر كرامة، وقال »لن نسكت.. ماذا ستصنعون؟ افعلوا ما شئتم. لن نسكت. كرامتنا أغلى من حياتنا«. ودان الشيخ النمر الاعتداء على المواطنين في المدينة بالسكاكين والعصي وأسياخ الحديد والحجارة، واضاف »من واقع ما صوّر بكاميرات الهواتف الجوّالة شاهدنا بأم أعيننا قوات الشغب تضرب النساء. أي كرامة (تبقى)؟ أي عدل؟ هذه أعراضنا، روحنا نقدمها ولا نقبل أن يعتدى علينا. لا نقبل. هذا هو التشيّع، إنه رفض الظلم«.
ورفض النمر تحويل دفّة الإتهام والمسؤولية من النظام وتحميلها للمؤسسة الدينية وقال »من قام بالعمل هو السلطة السياسية وليس السلطة الدينية. السلطة الدينية أداة تنفذ ما تؤمر به ليس إلا«، وأضاف »السلطة السياسية حاقدة علينا«.
ورأى النمر، أن السلطة السياسية تريد إشغال مشايخ الوهابية وغيرهم بالصراع مع الشيعة، مذكّراً بأنه سبق له أن حذّر السلطة من أفعالها.
وانتقد الشيخ النمر الصحف والمواقع الليبرالية التي غطّت »بانحياز« أحداث المدينة وحمّلت الضحية المسؤولية. ووجه النمر كلامه الى السلطة قائلاً »كفى.. كفى.. لن نسكت، ولن نخاف«.. وقال أنه على استعداد للحوار »ولكنهم أجبن من أن يحاوروا« وتوقع »أن يستخدموا القوة والغلظة والترهيب«.
وقال »غداً سيأتون لاعتقالي.. أهلاً وسهلاً. هذا منطقهم.. الإعتقال والتعذيب والتنكيل والقتل. لن نهاب القتل.. لن نهاب شيئاً من ذلك«. ودعا النمر المواطنين الشيعة الى ان يدافعوا عن حقوقهم ولا يخشوا الاعتقال.
وقال النمر، إنه إزاء استمرار هدر حقوق المواطنين الشيعة وكرامتهم، فإننا »سنستحدث وسائل جديدة للمعارضة وللرفض. المظاهرة وسيلة من الوسائل«.. وتابع: »كل الخيارات المشروعة سنمارسها« وحذّر »إذا حال الوضع بيننا وبين كرامتنا، سندعو الى الإنفصال عن هذا البلد. سندعو الى الإنفصال، وليكن ما يكون. كرامتنا أغلى من وحدة هذه الأرض«.
وانتقد الشيخ النمر بقسوة الوجهاء »الملتصقين بالنظام«، وقال »إذا ما اعتقلت، لا أريد وجهاء يدافعون عنّي. بل أريد وجهاء يدافعون عن قيم، وكرامة. لا أريد أحداً منهم يدافع عنّي أو يخطو بالمطالبة بإطلاقي«.
وبحسب وزارة الداخلية فقد تم توقيف تسعة اشخاص اثر هذه الصدامات. ونفت السلطات السعودية ما اوردته وسائل اعلام ايرانية عن سقوط قتلى نتيجتها.
وقال زوار شيعة ان اصل الحوادث اندلعت عندما قام عناصر في هيئة الامر بالمعروف بتصوير نساء شيعيات في مقبرة البقيع في المدينة المنورة.
واوضح الامير نايف ان »المشاكل التي حدثت في هذا الأمر فيها إساءة للموتى وخصوصا صحابة رسول الله أو من هم من بيت النبوة للعبث في القبور وأخذ الأتربة وإخراجها من قبل الأطفال والنساء وهو عمل لا يمكن قبوله من أي إنسان كان«.
واضاف »والأمر ليس مستهدفا فيه من ينتسب للمذهب الشيعي اكانوا سعوديين أو غيرهم لكنه عمل خاطئ يجب أن يواجه بقوة ويوضع له حد. ويجب أن يعرف الجميع بغض النظر عن المذهب أن من يحاول العبث بأمن المملكة أو بالأماكن المقدسة أنه سيواجه بكل قوة وحزم«. وتابع »ان القضية ليست قضية استهداف للشيعة أو غيرهم بقدر ما هي قضية من خرج عن النظام أو حاول الإساءة إلى أي شيء في الوطن، وخصوصا في الأماكن المقدسة في الحرم المكي أو الحرم النبوي أو أي مكان سيواجه بكل حزم والنظام سيحقق والمخطئ سيعاقب بنفس الطرق التي يتم التعامل بها مع كل خطأ، والمرجع دائما للقضاء« مشيرا الى ان العاهل السعودي كان قد اصدر عفوا على المتورطين في هذه الاحداث »إن كانوا من المذهب الشيعي أو السنة«.
ولاحظ الوزير ان »موضوع البقيع ضخم أكثر من اللازم لأهداف واضحة من أجل الإساءة للمملكة ومحاولة تصعيده للخارج بشكل لا يتفق مع الواقع«، مؤكدا قدرة السلطات السعودية على »منع التدخل في شؤون الوطن من أي جهة كانت«.
ويشكل الشيعة نحو ١٠ بالمئة من سكان السعودية.
Leave a Reply