روسيا تحذر من شحنة أسلحة غربية لتأجيج الأزمة السورية
دمشق – مع تواصل الاستعدادات لانعقاد المؤتمر الموسع للمعارضة في دمشق الذي يلتئم بضمانات روسية، سجلت الأزمة السورية تطورات بارزة خلال الأسبوع الماضي بدأت بزيارة المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي لدمشق، وذلك في إطار جولات إقليمية تسبق حضوره لاجتماع لمجلس الأمن يوم الإثنين المقبل، وسط تشكيك الدوحة ومعارضة الخارج في نجاح مهمته.
وفي الوقت الذي تستمر فيه حملة الجيش السوري العسكري على مسلحي المعارضة في عدة محافظات، أبرزها حلب، وتسجيل انسحاب المسلحين من العاصمة دمشق وريفها الجنوبي، أطلق الرئيس بشار الأسد مواقف بارزة «أن مفتاح نجاح أي مبادرة هو النيات الصادقة»، ومذكراً بأن المعركة ضد سوريا تستهدف «منظومة المقاومة» في المنطقة كلها. وذلك بعد استقباله وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي، الآتي من القاهرة حيث انعقد اجتماع «اللجنة الرباعية»، التي تتجه لأن تكون «ثلاثية» في ظل معلومات عن انسحاب السعودية منها وبقاء كل من تركيا ومصر الى جانب إيران.
وجاءت زيارة صالحي، لتؤكد دعم طهران لجهود الحكومة السورية لاستعادة الأمن والاستقرار، في حين عاد الغرب للتلويح بدعم عسكري مباشر للمعارضين. وحذر مصدر روسي رفيع المستوى عبر وكالة «نوفوستي» من أن دولا غربية تخطط لمد المسلحين في سوريا بشحنة ضخمة من الأسلحة، بالإضافة إلى إرسال مقاتلين مأجورين إلى سوريا. وستحتوي الشحنة، حسب المصدر الروسي، «على منظومات مضادات الطائرات، ومنظومات صواريخ الدفاع الجوي المحمولة والرشاشات الثقيلة، إضافة إلى إرسال مقاتلين مأجورين أجانب عبر إحدى الدول المجاورة لسوريا».
واعتبر المصدر أن الهدف من وراء ذلك هو استمرار تصعيد التوتر في سوريا. وأضاف «أخذا في الاعتبار أن الوضع في المنطقة بات يخرج عن السيطرة، يحاول الغربيون تنفيذ محاولة يائسة لتحويل سير الوضع في سوريا بأي وسيلة ممكنة. فعلى مدار فترة النزاع لطالما قدموا دعما ماديا للمقاتلين، بما في ذلك إمدادهم بالمال والسلاح». وأشار الى أن «احتمال تصدير الأسلحة للمعارضة أكّدها بشكل غير مباشر وزير الخارجية البريطانية وليام هيغ أثناء خطابه أمام اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية، إذ قال هيغ إن بريطانيا قد تصبح مضطرة للتدخل لمنع تصدير الأسلحة لأي من طرفي النزاع في سوريا، أو أن تبدأ في تصدير الأسلحة حتى تعوق الآخرين في فعلهم لذلك. وأضاف هيغ نحن لا نستثني أيا من البدائل في المستقبل، فنحن لا نعلم كيف سيتطور الوضع هناك».
وكان نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قال، على حسابه على «تويتر»، «إذا بدأ الغرب بالفعل في إمداد المعارضة السورية بالأسلحة بشكل مباشر فإن ذلك سيتعارض مع روح ونص بيان جنيف».
وفي سياق آخر فجّر بوعبد الله غلام الله، وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، قنبلة من العيار الثقيل، في آخر لحظة من اختتام الدورة العشرين لمؤتمر الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في مدينة وهران، حيث رفض الموافقة على أن يحمل البيان الختامي بنداً يدين النظام السوري، كانت أدرجته لجنة الصياغة للمؤتمر في البيان. ورفض غلام الله بند الإدانة، حسب قوله، لأنه يتناقض مع موقف الدولة الجزائرية تجاه الأحداث في سوريا الأمر الذي أغضب معارضين سوريين حضروا الاجتماع، غير أن الوزير رد بشأن قراره بالقول: «نحن في الجزائر نطبق مقولة العلامة عبد الحميد بن باديس: لو أن الاستعمار طلب منا أن نقول لا إله إلاّ الله لن نقولها».
وفي لاهاي بهولندا، دعا مؤتمر جديد لمجموعة «أصدقاء الشعب السوري» أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى حرمان سوريا من الموارد التي تحتاج إليها لمواصلة النزاع الذي يمزق البلاد منذ منتصف آذار (مارس) 2011. وفي تقريرها النهائي، دعت مجموعة العمل التي انبثقت عن المؤتمر كل الدول «إلى السهر على التطبيق الصارم للعقوبات» التي يتعين أن «تكون هادفة بشكل دقيق للتأثير على النظام مع تجنيب السكان».
الأسد
وفي مقابلة مع مجلة «الاهرام العربي» الأسبوعية المصرية، نشرت منها مقتطفات الخميس الماضي، رد الأسد على سؤال حول «الثأر البايت» مع حكام قطر والسعودية، قائلا لمحاوره المصري: «أنا وأنت أبناء حضارة امتدت لآلاف السنين ومثلنا العراقيون. لكن أولئك (قطر والسعودية) ظهرت الأموال في أيديهم فجأة بعد طول فقر. وهم يتصورون أن بإمكان أموالهم شراء الجغرافيا والتاريخ والدور الإقليمي»، معتبراً أن «المثلث الحقيقي للتوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط كان دائما وسيظل، مصر وسوريا والعراق… أما السعوديون فقد كانوا وراء العدوان في العام 1967 على مصر. وكانوا يباهون بأنهم قلموا أظافر (جمال) عبد الناصر».
وأكد الأسد «كان أمير قطر يأتي إلينا من باريس حاملا أفكارا ومقترحات يعرف أن خط سوريا العروبي القومي لا يساوم عليها أبداً. واليوم هم يدورون بإمكاناتهم المالية في فلك هذا النفوذ الغربي ويمدّون الإرهابيين بالسلاح والمال على رجاء تكرار النمط الليبي». واتهم «القطريين» بأنهم «كانوا الأسرع في تغذية العنف».
وحول الدور التركي قال الأسد «خسر الأتراك كثيرا جدا بموقفهم الذي اتخذوه من الأزمة السورية، وهذه الحكومة تدرك جيدا أين وضعت نفسها ومعها مصالح الشعب والأمن القومي في تركيا، وهم هنا لا يبالون بهذه المصالح بقدر ما تعنيهم طموحاتهم في ما يسمى مشروع العثمانية الجديدة أي أن انحيازهم ليس عن حسابات تتعلق بمصالح تركيا وإنما بمصالح جماعة معينة».
وقال الأسد إن «المسلحين يمارسون الإرهاب ضد كل مكونات الدولة ولا شعبية لهم داخل المجتمع فقد أضروا بمصالح الناس واستهدفوا البنية التحتية التي تخدم الشعب السوري واستحلوا دماء السوريين». وأكد انهم «لن ينتصروا في النهاية، والحل لن يكون إلا بالحوار الداخلي، ومن يدعمونهم يتصورون أن الحل لا بد أن يكون على النمط الليبي، والحسم طبعا سيحتاج بعض الوقت». وتابع الرئيس السوري قائلا «ومع ذلك باب الحوار مفتوح وقدمنا مبادرات عديدة للعفو عن كل من يدع السلاح تشجيعاً للحوار». واعتبر ان «الحوار مع المعارضة هو السبيل الوحيد لحل الازمة» في سوريا، غير انه شدد على ان «التغيير لا يمكن ان يتم من خلال تغييب رؤوس الانظمة او التدخل الاجنبي»، معتبرا أن الدول العربية التي شهدت «سقوطا لرؤوس الأنظمة» لم تسقط فيها الانظمة نفسها، وأن ما جلبه سقوط الرؤوس، هو «الفوضى» لا «الديموقراطية».
Leave a Reply