ديربورن، إل كاجون – خاص «صدى الوطن»
بعد التغطية الإعلامية الواسعة التي رافقت مقتل شيماء العوادي (32 عاماً) في كاليفورنيا، تعود قضية المهاجرة العراقية الى الأضواء بعد مرور أشهر على ارتكاب الجريمة التي كان يعتقد أنها جريمة كراهية ضد العرب والمسلمين، حيث وجه الإدعاء الأميركي الأسبوع الماضي تهمة القتل لزوجها قاسم الحميدي الذي اعتقل الأسبوع الماضي في منزله.
الحميدي |
وحسب الإدعاء فإن الحميدي قام بضرب زوجته ضرباً مبرحاً أدى إلى وفاتها حيث وجدت جثتها وهي مضرجة بالدماء على أرضية منزلها في مدينة إل كاجون التي يقطنها عدد كبير من العرب الأميركيين في ولاية كاليفورنيا. وتوفيت العوادي، وهي أم لخمسة أطفال كانت من سكان ديربورن السابقين، متأثرة بجروحها بعد عدة أيام على الحادثة. وقد عُثر حينها على رسالة تهديد في مسرح الجريمة كتب عليها «إذهبي الى بلادك يا إرهابية» ليطرح المحققون حينها إمكانية أن تكون العوادي استهدفت بسبب أصلها لكنهم لم يستبعدوا الاحتمالات الأخرى.
وفي إعلان ما توصلت اليه التحقيقات قال جيم ريدمان قائد شرطة إل كاجون في مؤتمر صحفي «لم يكن هناك شخص يتجول ويرتكب جرائم كراهية.. أنه مجرد حادث عنف منزلي».
وتظهر سجلات سجن مقاطعة سان دييغو أن قاسم الحميدي (48 عاماً) اعتقل من قبل الشرطة يوم الخميس ٨ تشرين الثاني (نوفمبر) بتهمة إرتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى وتم إحتجازه دون تحديد كفالة للإفراج عنه.
وتعتبر من نقاط التحول الرئيسية التي أدت الى توجيه الاتهام للزوج كانت شهادة قدمت في نيسان (أبريل) في إطار إذن تفتيش، كشف فيها أحد أقرباء العوادي للمحققين إن العوادي «كانت تخطط للطلاق من زوجها والإنتقال إلى ولاية تكساس»، قبل أن يتم العثور على اوراق خاصة للطلاق في سيارتها.
وتبين للمحققين لاحقاً أن ابنة الزوجين، فاطمة، البالغة من العمر 17 عاماً، كانت قد تسلمت رسالة نصية بعد فترة قصيرة من الجريمة تقول «ارفضي التحدث فالمحققون سيعرفون».
ومما عقد بشكل أكبر الصورة المضطربة للعائلة وجود مؤشرات على أن فاطمة شعرت بضغط لزواجها من إبن عمها دون رغبتها، مع العلم أن فاطمة هي من اكتشفت سقوط أمها على ارضية منزل العائلة فاقدة الوعي وتنزف بعد ضربها ست مرات على الأقل بأداة صلبة مما أدى لإصابتها بأربعة كسور على الأقل في الجمجمة تسببت بوفاتها.
وأبلغت الإبنة الشرطة في ذلك الوقت إنها سمعت صراخ أمها أعقبه صوت زجاج يتكسر مما جعلها تعتقد أن طبقاً سقط من أمها فإنكسر. وبعد ذلك بعشر دقائق قالت إنها إكتشفت أمها ملقاة على الأرض واتصلت بالنجدة.
ودفنت العوادي التي هاجرت مع زوجها إلى الولايات المتحدة في العام 1993 في مدينة النجف المقدسة.
وقال حنيف مهيبي المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) فرع سان دييغو للصحفيين «لدينا ثقة في نظامنا القضائي ونصلى من أجل حصول شيماء العوادي على العدالة».
وبما أن شيماء عاشت هي وعائلتها لسنوات في مدينة ديربورن فكان هناك تفاعل مع هذه الحادثة في تلك المدينة، حيث أقيم بعد وفاتها إعتصام إحتجاجي على مقتلها كما نظمت الذكرى الأربعين لوفاتها في أحد مساجد ديربورن.
ووفق المستجدات والتغيرات التي طرأت على القضية، بعد أن كان يُعتقد أنها موجهة ضد العرب والمسلمين استطلعت «صدى الوطن» ردود الأفعال من إمام «مركز كربلاء الإسلامي» في ديربورن الشيخ هشام الحسيني والسيد حسن القزويني.
بالنسبة للحسيني فقد أفاد بأنه كان ومازال متابعاً للقضية لأن الإمرأة التي قتلت هي «بنت صديقه» وكانت تتردد على المركز، و«قبل ذلك هي إمرأة عربية مسلمة عراقية وتعتبر بنت رسول الله من السلالة المحمدية وأخيراً هي إنسانة بريئة فعندما تقتل إنسانة بريئة فلابد من أن نتحرك». قال الحسيني أيضاً «إن قتل الإنسان ودفنه لا يعني أن قضيته قد دفنت معه وإنما تبقى على غرار الإمام الحسين الذي نحن اليوم في التحضير لذكراه».
وأكد الحسيني أنه سوف يبقى متابعاً للقضية حتى يظهر الحق وإن «كان القاتل قريب أو بعيد فلا بد من معاقبته» معرباً عن التأثير السلبي لهذا النوع من الجرائم على جاليتنا.. معتبراً أن ما توصل اليه التحقيق «مثير للإحباط».
واستنكر الحسيني استباق نتائج القضية متمنياً أن يقوم القضاء الأميركي «الذي يملك أدق وأقوى أدوات التحقيقات الجنائية بواجبه بموضوعية ونزاهة خاصةً عندما تطال القضية أبناء الجالية العربية». كما قال الحسيني في هذه القضية «أرجو أن لا نصل إلى ماوصلنا إليه اليوم في قضية الشهيد ياسر عرفات حيث سوف يتم فتح ونبش قبره من أجل أخذ عينة لتحليلها للتأكد إن كان سمم أم لا.. أرجو أن لا يتم نبش قبر العوادي والتحقيق من جديد في قضية إستشهادها».
أضاف الحسيني «هناك شخص آخر تبين أنه كان يقابل ابنة شيماء العوادي كثيراً ضد رغبة الأم التي كانت مراراً وتكراراً تبعده عنها قسراً.. نرجو أن ينظر التحقيق إلى كل الأشخاص ليس فقط العرب والمسلمين، بل يجب أن يشمل الجميع ونحن نأمل أن يكشف لنا القضاء الأميركي الحقيقة التي سنقبل بها مهما كانت.. وإن كان القاتل من داخل البيت فيستحق عقاباً مضاعفاً».
وكشف الحسيني أن الحكومة العراقية قامت «مشكورة بتغطية تكاليف نقل الجثمان ومن رافقه الى العراق»، وعلى مايبدو فإن الحكومة العراقية أغلقت الملف إلى هذا الحد. وتابع «يظهر أن هناك الكثير من الغموض حول القضية وبالأخص بعد أن صرح الزوج من السجن أنه لم يقتل زوجته. وبعد هذه الجريمة يبدو أن العائلة مرت بظروف مزقتها، فهناك ظواهر محزنة نرجو أن لا تحصل في أي عائلة». وختم الحسيني كلامه بالقول «ربما حكوماتنا أو نحن كرجال دين أو المسؤولين في الجالية لم نهيىء أجواء أفضل للاجئين حتى لا يمروا بتجارب قاسية كهذه التجربة التي تعود بالتأثير السلبي علينا جميعاً».
السيد حسن القزويني كشف لـ«صدى الوطن» أنه لم يكن متفاجئاً من إعتقال الحميدي لأنه بعد أقل من شهر من الجريمة كتبت عدة مقالات في الصحف الأميركية تفيد بأن أنظار المحققين تتجه إلى الزوج. وأضاف «لا أستطيع أن أبرئ الزوج ولا أن أجرّمه. هذا أمر متروك للقضاء، الزوج أم شخص آخر.. الأهم أن تكون المحاكمة موضوعية وعادلة بعيدة عن العواطف والإسلاموفوبيا التي تشحن النفوس بمغالطات معادية للإسلام والتي قد تؤثر على شعور هيئة المحلفين». وقال القزويني في ختام تعليقه «فليقل القضاء كلمته فلا يمكن أن نحمل إنساناً بريئاً جريمة لم يرتكبها ولا أن نبرئ إنساناً مجرماً. حتى هذه اللحظة لم تثبت التهمة على الزوج وسنعتبره بريئاً حتى يثبت العكس».
Leave a Reply