ديربورن – «صدى الوطن»
أقيم في المتحف العربي الأميركي الوطني بمدينة ديربورن، مساء الخميس ١١ أكتوبر الجاري، حفل توقيع رواية «تغريبة وطن» للكاتب والزميل الإعلامي محمد العزير في احتفالية ضمّت شخصيات ثقافية واجتماعية وسياسية، بتقديم من الناشطة حنان شرارة وقراءة نقدية روائية للأستاذ عدنان بيضون والدكتور رفعت الضيقة، قبل أن يوقّع العزير كتابه للحاضرين.
«تغريبة وطن» رواية تمثل باكورة أعمال الزميل الإعلامي محمد العزير. الرواية صدرت حديثاً عن دار الفارابي في بيروت وتشتمل على ٣٠ فصلاً، في ٣٠٠ صفحة، تتناول التجربة الاغترابية لمهاجرة لبنانية من منطقة بعلبك إلى مدينة ديترويت الأميركية مطلع سبعينيات القرن الماضي.
وفي قراءته لتفاصيل الرواية، قال الزميل بيضون: تحاول، وأنت تقرأ فصول الرواية، أن «تصدّق» تنويهه في مستهلها بوصفها أحداثاً من نسج الخيال، لكنك تجد بين يديك ما يجسد ثلاثة عقود من الهجرة بالتواريخ والأمكنة والأحداث، تجعلك تطارد أشخاص الرواية بوصفهم أناساً واقعيين عشت بينهم وتفاعلت معهم وخبرت أوضاعهم وتعلمت من تجاربهم ومعاناتهم.
وأضاف: يبرع الزميل العزير في سياق صياغة أحداث الرواية، بالانتقال من أسلوب السرد الأدبي المحمول على سلاسة في العرض والتعبير والبلاغة في آن، إلى اللغة المحكية التي تتكامل وتتناغم مع العربية الفصحى على ألسنة شخصياتها، لتمعن في تزويد الرواية بجرعات من الواقع المعيشي في حقبتي السبعينيات والثمانينيات في منطقة أميركية انتزعت لقب «أكبر تجمع للمهاجرين العرب خارج الشرق الأوسط»، وباتت «مربط خيولهم» لما ضاقت بها ميادين أوطانهم.
وأشار بيضون إلى أن غلبة الحسّ الصحفي على النزعة الروائية بادية بوضوح في أكثر من فصل من فصول الرواية «لدرجة أن الزميل العزير ينسى (أو ربما يتناسى عن عمد)، أنه يروي، فيطلق العنان لخيوله الصحفية المتمرسة ويدخل في ميدان عرض الوقائع التاريخية لأحداث حقبة الرواية والتي لا تخلو من التحليل، سواء بما يخص الحرب الأهلية اللبنانية والأوضاع الإقليمية التي اندلعت في ظلها و«رضعت من أثدائها» لعقد ونصف من الزمن، أو بما يرتبط بواقع الجاليات العربية وإشكالاته وتطور مساره في الحقبة ذاتها».
لكن هذا المزج بين الحسّ الصحفي (الطاغي عنده) والنزعة الروائية التي خاضت منافسة غير متكافئة، لكنها صمدت بأعجوبة حتى النهاية، وفقاً لبيضون، «يضفي على العمل الروائي مناخاً جاذباً للقارئ –خصوصاً قراء الزمن الراهن». لافتاً إلى أن «من يعرف الزميل العزير أو من عمل معه في ميدان الصحافة (وأنا واحد ممن زاملوه لسنوات) يلمس، بلا كثير عناء، واقعيته المفرطة، وبعده عن تطرية آرائه بـ«مراهم اللغة» أو التخفيف من حدتها أحياناً، بمسكنات التوضيح وهو الذي يمتلك منها ما يفيض كثيراً عن حاجته إليها».
أما دكتور علم الاجتماع رفعت الضيقة، فقدم قراءة مطولة اعتبر فيها أن الرواية تقوم على صراع ثنائي بين وحدانية الصوت السياسي وتعددية الصوت الأنثوي النسوي، وثنائية الانقسام العمودي: العلماني التقدمي، والديني الرجعي. فشخصية ابراهيم خال «هدى»: رمز الليبرالية سابقاً والتدين حالياً.
الصراع في الرواية أيضاً يدور داخلها «كماركسي مرتد على مبادئه يتحول إلى متديّن متزمّت أو ليبرالي على طريقة الحريرية اللبنانية». واعتبر الدكتور رفعت أن شخصية رفيق الحريري حاضرة غائبة في الرواية عكس بعض الشخصيات السياسية المذكورة بالاسم.
الصراع بحسب د. رفعت، ينتقل إلى أميركا ويتجسد في مدى التكيّف الثقافي للشخصيات. «فالصوت السياسي ينتقل من النقيض إلى النقيض من اليساري إلى الأصولي.. من اليساري إلى الليبرالي. هوية جديدة تأكل الهوية السابقة».
في ختام الحفل، كرر العزير شكر الحاضرين ووقع عشرات النسخ من الرواية.
Leave a Reply