واشنطن – رغم الخطوات الكبيرة التي تحققت في مجال مكافحة السرطان غير أن هذا المرض العضال يمكن أن يتخطى مرض القلب بوصفه السبب الأول للموت في الولايات المتحدة. ولكن الخبراء يحمّلون الأميركيين أنفسهم مسؤولية تفشي هذا المرض بسبب الممارسات الطبية المعتمدة في الولايات المتحدة.
وتبين دراسات ان استخدام التصوير الطبي بجرعات عالية من الإشعاع وخاصة المسح التشخيصي بالأشعة المقطعية الالكترونية (سي تي) ازداد بحدة خلال السنوات العشرين الماضية. وتضاعف إخضاع الأميركيين للإشعاعات الطبية أكثر من ست مرات خلال الفترة الواقعة بين عقد الثمانينات وعام 2006، بحسب المجلس الوطني الأميركي للوقاية والقياسات الإشعاعية. ونبه المجلس الى أن الجرعات الإشعاعية بتقنيات التصوير المقطعي من زوايا متعددة، تزيد 100 الى 1000 مرة على الأشعة السينية التقليدية (أشعة أكس).
ومن المعروف أن عملية مسح تشخيصي واحدة بالأشعة المقطعية الالكترونية تعرض المريض الى كمية من الإشعاع يمكن أن تسبب الاصابة بالسرطان، كما تبين الأدلة الطبية. وتأكدت هذه المخاطر بدراستين طبيتين واسعتين أُجريتا في بريطانيا واستراليا. إذ وجدت الدراسة البريطانية ان احتمالات الاصابة بسرطان الدم أو سرطان الدماغ تزيد ثلاث مرات بين الأطفال الذين يُخضَعون لعمليات متعددة من المسح الإشعاعي. وخلص معهد الطب الاميركي في دراسة أجراها عام 2011 الى ان الإشعاعات الناجمة عن عمليات التصوير الطبي والعلاج الهورموني هي السبب البيئي الرئيسي لسرطان الثدي ونصح النساء بتقليل تعرضهن الى عمليات المسح التشخيصي بالأشعة المقطعية دون مبرر موجب.
وتقدر دراسة أجراها المعهد الوطني الأميركي لمكافحة السرطان أن عمليات المسح التشخيصي بالأشعة المقطعية الالكترونية التي أُجريت عام 2007 ستكون مسؤولة عن وقوع 29 الف إصابة بالسرطان و14500 حالة وفاة في زمن حياة الأشخاص الذين أُخضعوا لهذه الفحوص الإشعاعية. واستنادا الى الزيادة الحادة في هذه التشخيصات خلال السنوات السبع التي مرت على تلك الدراسة فان التقديرات تتوقع اصابة مئات الآلاف بالسرطان في زمن حياتهم من جراء التعرض لهذه التشخيصات بالأشعة المقطعية. وتنقل صحيفة «نيويورك تايمز» عن الدكتورة ريتا ريبدبرغ المختصة بأمراض القلب في «جامعة كاليفورنيا» أن الحسابات التي أُجريت في الجامعة تتوقع ان تكون 3 الى 5 بالمئة من جميع الإصابات بالسرطان في الفترة المقبلة، ناجمة عن التعرض للتصوير الطبي ما لم تتغير الممارسات الطبية المعتمدة حالياً.
وفي حين ان هذه الفحوص تُستخدم بافراط فانها حتى في الحالات الضرورية لا تُستخدم بطرق أمينة تماما. والقاعدة المتبعة ضمنا هي ان تكون الجرعات الإشعاعية قليلة قدر الامكان ولكن ليست هناك ضوابط محددة لمقادير هذه الجرعات وبالتالي هناك تفاوت كبير من مؤسسة طبية الى أخرى. فإن الجرعة في مستشفى قد تكون 50 مرة اقوى منها في مستشفى آخر. وأظهرت دراسة أُجريت مؤخرا في احد مستشفيات نيويورك ان نحو ثلث مرضاه الذين أُخضعوا لفحوص إشعاعية في القلب تلقوا جرعة تراكمية من الإشعاع تعادل 5000 فحص صدري بالأشعة السينية.
وتلاحظ الدكتورة ريدبرغ انه لا الأطباء ولا المرضى يريدون العودة الى التقنيات التي كانت تُستخدم قبل تقنية المسح التشخيصي بالأشعة المقطعية الالكترونية ولكن من الضروري إيجاد طريقة لاستخدام هذه التقنية دون ان تقتل أشخاصا في مجرى العملية.
المصدر: موقع «إيلاف» الإلكتروني
Leave a Reply