فاطمة الزين هاشم
يتعرض الإنسان خلال حياته لسلسلة من التغيرات فـي المزاج، والصدمات الإنفعالية والإضطرابات النفسية وهي الأكثر شيوعاً وخطورة فـي عصرنا هذا. حيث تكون شدتها بين الحزن والضيق والشعور باليأس من الحياة، تصيب الرجال والنساء على حدٍ سواء كما الكبار والأطفال
أيضاً.
يجب التعامل مع الإكتئاب بجدية لما له من خطورة على الصحة النفسية بل على الجسد ككل، فهو ليس مجرد اختلال مزاجي عابر وليس ضعفاً فـي الشخص المصاب ولا عجزاً منه أو تقصيراً لأن المكتئب ليس له حيلة مع نفسه، ولا يستطيع أن ينقذ نفسه بمفرده، كما أن هذه الحالة لا يمكن تجاهلها أو الهروب منها والسكوت عليها، قد تستمر أعواماً وتشل حياة الفرد وتوقف مسيرته الحياتية وتفسد حياة الأسرة أيضاً، عندما تشتد تلك الأعراض قد يقضي الفرد على حياته بلا إرادة منه، هنالك عدة دراسات أجريت لمعرفة أسباب تلك الآفة فكان أولها أو معظمها الخلافات الزوجية بين الوالدين التي جنت على الأبناء حيث تعرض الأبناء للإكتئاب بسبب تلك المنازعات بين أبويهم، خاصة فـي طور المراهقة.
يلجأ بعضهم للإفراط فـي التدخين أو تعاطي المخدرات والخمور وقد يقع البعض فـي براثن الإدمان وإيذاء النفس، هناك من يتجه للإنتحار كما يحصل الآن فـي جاليتنا الكريمة، حيث نسمع بين الحين والآخر أن شاباً قد وجد ميتاً فـي ظروف غامضة دون أن يعرف السبب ويدفن سره معه، دون أن يجرأ أحد على قول الحقيقة، لكن الكل يجمع على أن السبب هو الإكتئاب.
لا أحد ينكر ان الحياة تصبح مستحيلة فـي نظر المريض به وغير محتملة، وقد يصبح فـي نظر نفسه عديم القيمة، وان الحياة عديمة الجدوى. وإذا أقدم هؤلاء الأشخاص على عمل، فإنهم لا يبذلون الجهد المطلوب لإنجازه حيث ينقصهم الدافع بسبب توقعاتهم السلبية للنتائج، فـيحجمون عن الإكمال، ويتركون ذلك العمل. ومن ثم يفشلون دائماً، فتوقعاتهم عن العمل تتأكد وتتحقق. إن لكل شيء نقيضه، فإن الإكتئاب نقيضه الحياة.
أما بالنسبة للنساء هناك عدة أسباب للإكتئاب كالذي يصيب المرأة عند الولادة لأن التغيرات المفاجئة التي تحدث لمعدل الهرمونات فـي وقت الولادة تسبب تغيراً فـي كيمياء الجسم بصفة عامة وكيمياء الجهاز العصبي بصفة خاصة، مما يؤثر على الحالة
المزاجية للمرأة. لكن هناك أسباب أخرى كعملية الوضع وما يصاحبها من آلام. وكذلك وجود طفل جديد وعدم الراحة والإرهاق وقلة النوم والمشكلات الزوجية كهجر الزوج أو الإنفصال قبل أو بعد
الولادة.
كما أن شعور المرأة انها أصبحت اقل جاذبية وإن شكل جسدها قد يتغير، كما ان انقطاع الطمث عند المرأة ممكن أن يجرها للكآبة ويشعرها انها اصبحت فـي خريف العمر وأصبحت غير مرغوبة من قبل زوجها.
إن جميع الأشخاص المصابين بالإكتئاب فـي حاجة الى نجدة عاجلة لعلاجهم قبل أن تتدهور أحوالهم وبخاصة المراهقين والشباب حتى لا تتعطل أعمالهم ودراستهم وهم فـي باكورة حياتهم، هم بحاجة للخروج من المنزل والاندماج فـي المجتمع كي لا تعطى فرصة للمرض فـي أن «يغذي نفسه» ولعل هذا أيضاً من أسباب طول فترة المرض ومعاودة نوباته للظهور كما ان زيادة هذا الاختلال الكيميائي للمخ تعتبر من أسباب ظهور محاولات الإنتحار.
المريض بالإكتئاب يتجنب الناس وعدم الخروج من المنزل، والتهرب من المسؤولية برفض أي عمل كما أنه يصرخ لأتفه الأسباب ويثير الخلافات مع أفراد أسرته،
هنا يبدأ دور الأهل أو المحيطين بالمريض بإقناعه للجوء إلى العلاج والمتابعة الصحية لان التطور الطبي عمل معجزات فـي معالجة هذا المرض والقضاء عليه. قد تطول فترة العلاج، لكن بالصبر والتروي والمتابعة تزول هذه العوارض كلها ويعود الفرد سليماً معافى إذا ما ابتعد عن المنغصات وإنغمس فـي جو من الترفـيه والفرح، وعمل بالمثل القائل «إضحك تضحك لك الدنيا».
Leave a Reply