“أمل” و”المستقبل” و”الاشتراكي” و”حزب الله” في مواجهة عون و”الكتائب” و”القوات”!
ترددت كثيرا قبل كتابة هذا التقرير، ذلك أن شبكة الانترنت المحلية في لبنان قد لا تسعفني في ارساله عبر البريد الالكتروني الى الزملاء في الولايات المتحدة نتيجة العطل الذي تشهده شبكة الاتصالات في البلد منذ يومين، ما ادى الى انقطاع كامل لساعات طويلة لشبكة الانترنت بررته الوزارة بأنه ناجم عن عطل في الكابل البحري بالقرب من مدينة الاسكندرية المصرية، في حين لم يحصل اللبنانيون على تفسير حتى الساعة حول سبب المشاكل التي يواجهونها في شبكة الخليوية لناحية عدم القدرة على الاتصال او التداخل في شبكة الهاتف المحلي في الايام القليلة الماضية.
وفي حين تستعد العديد من دول الشرق الأوسط لاطلاق خدمة “جي ٤”، أثبت توقف شبكة الـ”جي ٣” التي يُمنن بها المسؤولون الشعب، أن لبنان لم يرق أصلا الى مصاف دولة قادرة على مواكبة العصر. يؤكد هذه النظرية عدم قدرة الدولة على اقناع الشيخ احمد الأسير بفتح الطريق في مدينة صيدا للأسبوع الثاني على التوالي، على الرغم من “تمنيات” أركان الحكومة له، بينما عادت عكار لتشتعل بعد أن قرر المسلحون العودة الى الشارع وقطع الطرقات وتفتيش السيارات اثر قرار القضاء إخلاء سبيل 3 ضباط و8 عناصر في قضية مقتل الشيخ عبدالواحد ورفيقه قبل أسابيع.
ولا يبدو ان القضايا الامنية حاليا ضمن اولويات حكومة الأكثرية المشغولة بالأزمة السياسية بين “التيار الوطني الحر” وكل من “حزب الله” و”حركة أمل” على خلفية “قانون المياومين” في شركة كهرباء لبنان، والذي تحول الى قضية اشكالية كانت لتطيح بالحكومة لولا تحديات الوضع السوري، ورغبة أقطابها في الحفاظ على الحد الادنى الهش من التوافق المرتبط بأبعاد إقليمية لا محلية.
وبدا واضحاً أن حجم الأذى الذي سببته قضية المياومين للعلاقة بين الجنرال عون و”الثنائي الشيعي” تحتاج الى تدخل سريع من قبل أمين عام “حزب الله” تحديدا، كون الرئيس نبيه بري بحسب ما تؤشر مواقف كوادر التيار في موقع الاتهام السياسي، علما أن “حزب الله” “المتفرج” لم يسلم أيضا من سهام حلفائه البرتقاليين، حيث أبدت أوساط العونيين امتعاضا من سلوك الحزب في هذا الملف.
إلى ذلك، توقف مجلس المطارنة الموارنة عند “مجريات الجلسة التشريعية في قضية المياومين وأسلوب اتخاذ قرارات المجلس النيابي بشأنها، ما أدى إلى شرخ لا يريده أحد”. وإذ أكد المجلس وجوب “إعطاء كل ذي حق حقه”، لفت الانتباه إلى ضرورة “تعزيز مؤسسات الرقابة كي تلعب دورها الطبيعي في اختيار الموظفين، استنادا إلى الكفاءة والتوازن وحاجة المؤسسات والإدارات”. ودعا المطارنة إلى “التقيد بالأصول الدستورية وعدم الخروج على ميثاق العيش المشترك ومقتضيات المشاركة في الحكم والإدارة”.
وما زاد الانشقاق في صفوف الحلفاء، وقوف “تيار المستقبل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” الى جانب “حركة أمل” في دعم القانون، ومعارضة “القوات اللبنانية” و”الكتائب” له، ما أعاد رسم التوازنات الداخلية. وبدا للوهلة الأولى أن لبنان عاد الى نغمة “الشرقية” مقابل “الغربية”!
وقد جاء تلميح العماد ميشال عون إلى إمكان أن يؤسس ما حصل لحالات سياسية جديدة، مع تشديده على دعمه لخيار المقاومة بغض النظر عن الخلافات السياسية الداخلية، لتعكس حجم الاحتقان وغضب الجنرال من سكوت حزب الله على قضايا الفساد الداخلي بذريعة تفرغه لقضية المقاومة، وهي نظرية هاجمها أيضا الوزير جبران باسيل الذي كان واضحا حين اعتبر أن الفساد ينخر جميع مكونات الدولة والنظام بما فيها المقاومة إذا لم يتم استئصاله والتعامل معه.
ورأى باسيل أن “حزب الله” هو من أول المسؤولين عما حصل في الجلسة النيابية التي اقرّت قانون المياومين، لأنه من الساكتين والمتفرجين عما يجري. في حين شن رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع هجوما عنيفا على ادارة الرئيس بري لجلسات المجلس النيابي.
بدوره، استغل النائب وليد جنبلاط الأزمة ليهاجم الجنرال بوصفه أن رد فعله على إقرار القانون “يأتي منسجماً مع تاريخه الذي كان وسيبقى عبثياً”، الأمر الذي استدعى ردا عالي النبرة من عون الذي وصف جنبلاط بـ”الأخير في سلالته” وبالرجل “الفارغ”، معلنا “تحرير حزب الله من عبء خط سياسي داخلي، لعله يرهقه أو لا يحتمله”. ولم يخفِ عون خشيته على المقاومة بالقول إنه “لا يجوز لأحد أن يعتبر نفسه عصيّاً على الفساد أو الإفساد. دون أن يعني ذلك أني أتهم أحداً من عناصرها بالارتهان للمافيات المالية. هذا مجرد تحذير”.
الأمن الميداني
وفي سياق آخر، أضافت المقاومة إلى سجلها إنجازا امنيا جديدا بإحباطها خرقا تجسسيا جديدا على شبكة اتصالاتها في منطقة الزرارية في قضاء الزهراني، حيث زرعت اسرائيل جهاز تجسس على شبكة للمقاومة، وقامت بتفجيره عن بُعد حين اكتشفه المقاومون.
على مسار موازٍ، طالع المكتب الاعلامي للنائب بطرس حرب اللبنانيين بالإعلان عن محاولة اغتيال تشبه في الانطباع تلك الشهيرة بجعجع قبل فترة، حيث أفاد مكتب حرب أن “عناصر الحماية في البناء الذي يقع فيه مكتب النائب بطرس حرب اشتبهوا بوجود عناصر غريبة تثير الشبهة فالقي القبض على أحدهم بعدما تعاركوا معه وكان يحمل خنجراً مما أصاب بعض العناصر وأحد الأطباء الذين يعملون في البناء بجروح، إلاّ انّه جرى القبض عليه واتصلوا بالاجهزة الأمنية لتسليمه”.
واضاف مكتب حرب في بيانه انه “قبل حضور الأجهزة وصلت سيارة من “بي أم دبليو” رباعية الدفع قاتمة الزجاج تحمل الرقم “285037” وترجل منها مسلح زعم أنه من مخابرات الجيش، وشهر سلاحه على المشتبه به وطلب اليه مرافقته وانطلق، فيما حضرت سيارات اخرى من الاتجاه المعاكس للسير وبسرعة فائقة، ولما وصلت الى امام المكتب وتبين لمن فيها أنه تم تسليم المشتبه، استدارت وعادت مجددا باتجاه الطيونة”. وتبين بعد وصول المخابرات، أن “رقم السيارة مزوّر والسيارة مسروقة وأن ادعاءهم بانهم من المخابرات غير صحيح. والتحقيق جار لمعرفة تفاصيل الحادثة”.
وعلى الفور، حملت قوى “14 آذار” حكومة الرئيس ميقاتي المسؤولية عن “محاولة الاغتيال” وطالبتها بالاستقالة، زاعمة في بيانها ان العملية كانت ستتم بواسطة عبوة مزروعة في المصعد المؤدي الى مكتب حرب، في حين كان بيان السفارة الأميركية جاهزا للادانة بأشد العبارات.
Leave a Reply