نيويورك
تواصل بيانات التضخم في الولايات المتحدة، تسجيل مستويات خطيرة تنذر باستمرار مجلس الاحتياطي الفدرالي في تشديد السياسة النقدية وزيادة الفائدة بوتيرة متسارعة، وهي سيسات يحذر البعض من أنها قد تؤدي إلى تفاقم مخاطر الركود الاقتصادي في البلاد، رغم تطمينات الرئيس الأميركي جو بايدن وحديثه عن «إحراز تقدم» في معركة السيطرة على التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته في 40 عاماً.
وكشفت بيانات مكتب إحصاءات العمل الصادرة الثلاثاء الماضي عن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 8.3 بالمئة على أساس سنوي خلال شهر (أغسطس) الماضي، وذلك بأعلى من التوقعات البالغة 8.1 بالمئة، مسجلاً تباطؤاً طفيفاً عن قراءة تموز (يوليو) البالغة 8.5 بالمئة.
وعلى أساس شهري، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.1 بالمئة خلال أغسطس، مقارنة بالتوقعات التي أشارت إلى انخفاضه 0.1 بالمئة. إذ قوبل تراجع أسعار البنزين بارتفاع في تكاليف الإيجار والطعام.
كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي –الذي يستبعد أسعار الغذاء والطاقة– 6.3 بالمئة على أساس سنوي في أغسطس، وبنسبة 0.6 بالمئة مقارنة مع يوليو، في حين كان متوقعاً ارتفاعه 0.3 بالمئة فقط.
ويترقب المستثمرون اجتماع المركزي الأميركي الأسبوع المقبل، وسط توقعات باتجاهه لرفع الفائدة 75 نقطة أساس، بعد تطبيق زيادة مماثلة خلال الاجتماعين الماضيين.
ويعقد مسؤولو الاحتياطي الفدرالي اجتماعهم الدوري يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، في وقت لا يزال فيه التضخم بعيداً عن المعدل المستهدف من البنك، عند 2 بالمئة.
ورفعت بيانات التضخم، توقعات الأسواق المالية لحجم عملية رفع الفائدة في اجتماع 21 أيلول (سبتمبر) الجاري، حيث تحدث البعض عن احتمال زيادتها بمقدار 100 نقطة أساس.
وكان مجلس الاحتياطي الفدرالي قد رفع معدل الفائدة 75 نقطة أساس خلال اجتماعي يونيو ويوليو الماضيين، ليصل إلى نطاق 2.25 بالمئة و2.50 بالمئة مقارنة بمستوى قرب الصفر في شهر آذار (مارس) المنصرم.
وأكد عضو مجلس حكام الاحتياطي الفدرالي، كريستوفر والر، أنه يتوقع بأن يقوم المجلس في اجتماعه المقبل بزيادة معدلات الفائدة بشكل كبير في اجتماعه القادم.
وقال والر في تصريحات نشرها موقع «سي أن بي سي»، إنه يؤيد رفع معدلات الفائدة في الفترة الحالية بنسبة عالية، موضحاً من جهة أخرى أنه لا يستطيع توقع المسار المناسب للسياسة النقدية في الولايات المتحدة خلال المستقبل.
وكان رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول، قد أكد في وقت سابق أن البنك المركزي ملتزم بالسياسة النقدية المتشددة، والتي سيتنج عنها المزيد من الزيادات في معدلات الفائدة في الفترة القادمة، بهدف السيطرة على نسب التضخم المرتفعة التي تشهدها الولايات المتحدة.
في المقابل، استبعد كبير الاقتصاديين في بنك «جاي بي مورغان تشيس» أن يلجأ مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى رفع معدل الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في اجتماعه المقبل.
وقال مايكل فيرولي في مذكرة بحثية: «نعتقد أن احتمالات رفع الفائدة الأميركية 100 نقطة أساس أقل من الثلث، لكنها ليست صفراً بالتأكيد. السائقون الجيدون لا يزيدون سرعتهم مع اقترابهم من الوجهة الخاصة بهم».
وتترقب أسواق المال بحذر شديد، قرار رفع الفائدة، بعد التراجع الحاد الذي شهدته بورصة «وول ستريت»، يوم الثلاثاء الماضي، عقب صدور بيانات التضخم التي أثارت القلق حيال استمرار رفع الفائدة بقوة.
وذكرت «وول ستريت جورنال» أن أسواق الأسهم شهدت «أسوأ يوم منذ يونيو 2020»، وقالت إن الأسهم عانت من أسوأ يوم لها منذ أكثر من عامين بعد أن حطمت بيانات التضخم الأكثر ارتفاعاً من المتوقع، آمال المستثمرين بإمكانية تعديل مجلس الاحتياطي الفدرالي لسياسة رفع أسعار الفائدة.
من جانبه، بدا بايدن أكثر اطمئناناً على وضع الاقتصاد الأميركي، وقال إنه لا يشعر بالقلق إزاء الانخفاض الحاد الذي شهدته أسواق المال أو إزاء بيانات التضخم، مؤكداً أن خطته الاقتطادية ستعيد بناء أميركا أفضل مما كانت عليه قبل وباء كورونا.
وفي بيان له، قال بايدن عقب صدور تقرير أسعار المستهلكين: «تظهر البيانات اليوم مزيداً من التقدم في خفض التضخم العالمي في الاقتصاد الأميركي. بشكل عام، كانت الأسعار ثابتة بشكل أساسي في بلدنا خلال الشهرين الماضيين: هذه أخبار مرحب بها للعائلات الأميركية، وما زال يتعين القيام بالمزيد من العمل». وأضاف «انخفضت أسعار الوقود بمتوسط 1.30 دولار للغالون منذ بداية الصيف. هذا الشهر، رأينا بعض الزيادات في الأسعار بطيئة عن الشهر السابق في محال البقالة. وارتفعت الأجور الحقيقية مرة أخرى للشهر الثاني على التوالي، مما أتاح للعائلات التي تعمل بجد مساحة صغيرة للتنفس».
وقبل شهرين من انتخابات الكونغرس النصفية، أكد بايدن، أن «الأمر سوف يستغرق مزيداً من الوقت والحزم لخفض التضخم، ولهذا السبب أصدرنا قانون الحد من التضخم لخفض تكلفة الرعاية الصحية والأدوية والطاقة» مؤكداً أن خطته «ستخلق وظائف جديدة ذات رواتب جيدة ونعيد التصنيع إلى أميركا بينما نخفض الأسعار».
Leave a Reply