نيويورك
في إطار مساعيه للسيطرة على معدلات التضخم، أعلن الاحتياطي الفدرالي الأميركي، الأربعاء الماضي، رفع معدل الفائدة 0.75 بالمئة، للمرة الثالثة هذا العام، ليصل إلى نطاق 3 بالمئة و3.25 بالمئة مقارنة بمستوى قرب صفر في شهر آذار (مارس) الماضي، وسط توقعات بأن يصل إلى 5 بالمئة بحلول مارس القادم.
وقال رئيس المجلس، جيروم باول، في مؤتمر صحفي إن الاقتصاد الأميركي تباطأ بعد النمو الذي شهده في 2021، رغم أن الوظائف لاتزال في تزايد، وسط توقعات البنك الفدرالي بزيادة معدل البطالة والتضخم خلال الفترة القادمة.
وأوضح باول أن التضخم ما زال مرتفعاً «ويتخطى مستوى الـ2 بالمئة الذي نهدف إليه»، مضيفاً أن خفض التضخم سيتطلب فترة طويلة من التدابير التي قد تؤثر على سوق العمل، وتعهد بأنه سيتم العمل في الأشهر المقبلة على النزول به إلى مستوى 2 بالمئة.
وتباطأ معدل التضخم السنوي بشكل طفيف في آب (أغسطس) الماضي مسجلاً نسبة 8.3 بالمئة، في مقابل 8.5 بالمئة في تموز (يوليو) السابق، بفضل تراجع أسعار الوقود، لكن الإيجارات وأسعار الأغذية واصلت الارتفاع.
وكان التباطؤ أقل مما توقع المحللون، الذين رجحوا أن يتراجع معدل التضخم إلى 8 بالمئة.
وقال باول «يجب أن ننهي أزمة التضخم ونضعها خلف ظهرنا، أتمنى لو كانت هناك طريقة غير مؤلمة للقيام بذلك». وأضاف: «معدلات الفائدة المرتفعة، والنمو البطيء وسوق العمل الضعيف، كلها عوامل مؤلمة للعامة، لكنها ليست بنفس قدر الألم الذي قد يحدث في حال الفشل في استعادة استقرار الأسعار».
وتوقع مسؤولو الفدرالي وصول معدل الفائدة لمستوى 4.4 بالمئة بحلول نهاية العام الجاري و4.6 بالمئة في عام 2023، ما يتجاوز التوقعات السابقة لذروة الفائدة.
غير أن «بنك أوف أميركا» رفع توقعاته بشأن معدل الفائدة الأميركية، مشيراً في مذكرة بحثية، إلى وصول نطاق الفائدة إلى 4.75 بالمئة و5 بالمئة بحلول شهر مارس المقبل.
صورة قاتمة
خفض الاحتياطي الفدرالي توقعاته للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة بشكل حاد، مع رفع تقديراته لمعدل البطالة والتضخم.
وتوقع الاحتياطي الفدرالي في تقرير عقب قرار السياسة النقدية، نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 بالمئة في العام الجاري، مقابل تقديرات سابقة بنمو 1.7 بالمئة.
كما قلص الفدرالي رؤيته للنمو الاقتصادي في العامين المقبلين إلى 1.2 و1.7 بالمئة على التوالي، مقابل توقعات سابقة بنمو 1.7 بالمئة و1.9 بالمئة.
ورفع الاحتياطي الفدرالي توقعاته لمعدل البطالة في الولايات المتحدة هذا العام إلى 3.8 بالمئة مقارنة بتقديرات سابقة عند 3.7 بالمئة، كما توقع وصول معدل البطالة إلى 4.4 بالمئة في العامين المقبلين مقارنة بتوقعات سابقة عند 3.9 بالمئة و4.1 بالمئة على التوالي.
وفيما يتعلق بتوقعات التضخم، توقع الفدرالي ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين خلال العام الحالي بنسبة 5.4 بالمئة مقارنة بتقديرات سابقة عند 5.2 بالمئة.
لكن البنك الفدرالي يعتقد أن المؤشر سوف يرتفع 2.8 بالمئة في العام المقبل مقارنة بتقديراته السابقة عند 2.6 بالمئة، مع وصوله إلى 2.3 بالمئة في عام 2024 مقابل توقعات سابقة بتسجيل 2.2 بالمئة.
استمرار التضخم
وقال سكوت بريف، كبير اقتصاديي الإنفاق الاستهلاكي في «مورنينغ كونسالت»، في تحليل جديد: «تظهر قراءة مؤشر أسعار المستهلكين الأعلى من المتوقع بأنه لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه قبل أن يعود التضخم إلى مستويات طبيعية أكثر».
وأضاف بريف: «في حين أن الانخفاض الأخير في أسعار الوقود قد وفر فترة راحة مرحب بها للمستهلكين، إلا أنه يمثل جزءاً واحداً فقط من سلة المستهلك الأكبر، وتستمر أسعار معظم هذه السلة في الارتفاع بمعدلات تتجاوز الدخل بكثير».
بل يرى آخرون أن مستويات التضخم ربما ستواصل صعودها خلال الفترة القادمة، وسط توقعات بارتفاع أسعار الوقود مجدداً مع حلول الشتاء وانتهاء مفاعيل سياسة السحب من مخزون النفط الاستراتيجي.
وإذ انخفض متوسط أسعار البنزين على مستوى البلاد إلى ما دون 3.70 دولار للغالون خلال الأسبوع الماضي، بعد أن وصل لمستوى قياسي فوق خمس دولارات في منتصف شهر حزيران (يونيو) المنصرم، وفقاً لبيانات جمعية السيارات الأميركية AAA.
وأعلنت وزارة الطاقة الأميركية أنها ستبيع ما يصل إلى 10 ملايين برميل من احتياطات النفط بحلول شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، في إطار خطة إدارة بايدن للسحب من المخزون الاستراتيجي للسيطرة على الأسعار.
وكانت إدارة بايدن قد أعلنت في شهر آذار (مارس) الماضي خطة لبيع نحو 180 مليون برميل بحلول نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، في مسعى لوقف الارتفاع القياسي لأسعار البنزين في الولايات المتحدة.
وأوضحت الوزارة الأميركية أنه تم بيع 155 مليون برميل حتى الآن، ما سيرفع الإجمالي بعد عملية البيع المقبلة إلى 165 مليون برميل، أي ما يعادل حوالي نصف احتياطي البلاد.
ومع توقع ارتفاع أسعار الطاقة في ظل استمرار الحرب الأوكرانية، تهدف سياسة البنك الفدرالي في زيادة معدلات الفائدة إلى السيطرة على التضخم عبر الحد من إنفاق المستهلكين من خلال دفع المصارف التجارية إلى تقديم قروض مكلفة أكثر لزبائنها أفراداً أو شركات، مما سيجعلهم أقل ميلاً للاستهلاك والاستثمار، مما سيساهم في تخفيف الضغط على الأسعار.
Leave a Reply