ديترويت – خاص “صدى الوطن”
يعرف عن مدينة ديترويت، إضافة الى تفشي الجريمة، انتشار المخدرات على نطاق واسع بين سكانها، ولطالما كانت الماريجوانا والكوكايين المصنع (كراك) والحبوب المخدرة أكثر أنواع المخدرات انتشاراً في ديترويت وضواحيها، لكن تقريراً نشرته صحيفة “ديترويت فري برس” كشف عن انتشار سريع للهيروين بدأ يظهر الى العلن في المنطقة بعد تفشي الادمان على الحبوب المخففة للألم المرتبطة بالأفيون مثل “أوكسيكونتين” و”فايكودين”.
فحسب الصحيفة، قالت السلطات في مقاطعات وين وماكومب واوكلاند أنهم شهدوا 50 بالمئة زيادة في عدد الأشخاص الطالبين للعلاج من الادمان على الهيروين الذي يحمل آثاراً مدمرة على متعاطيه أسرع من أنواع المخدرات الأخرى. فمادة الهيروين تدفع مدمنيها الى فعل المستحيل لتوفيرها وتفادي الآلام الناتجة عن توقف تعاطيها. كما أن مادة الهيروين تسبب الإدمان السريع حيث أن متعاطيها قد يدمن عليها بعد تجربتها لمرتين أو حتى لمرة واحدة.
إلى ذلك قال رقيب المباحث في شرطة تشسترفيلد ديرون مايرز “ليس عندي أرقام محددة، لكننا نعرف أننا نعاني من هذه المشكلة، ونحن مندهشون تماماً لصغر سن المتعاطين”، وقال “قبل عدة سنوات لم نكن لنصادف أشخاصاً متعاطين للهيروين في عمر 15، 16، و17 عاماً، كانت المشكلة محصورة في منطقة “كاس كوريدور” في وسط ديترويت”.
لكن منذ الخريف الماضي فقط أبلغ عن تلقي تسعة أشخاص في وورن أبلغ عن تلقيهم جرعات زائدة من هذه المادة، ما دفع السلطات تعيين ضابطين سريين لمراقبة تهريب المخدرات واستعمالها في المدينة، وقد ألقت شرطة وورن القبض على 54 شخصاً خلال ثلاثة أشهر بتهمة حيازة وبيع وتوزيع الهيروين. لكن الظاهرة مستمرة حسب التقرير.
ويبدو أن مدمني الهيروين الجدد بدأوا مسيرة الإدامان عبر الحبوب المهدئة من الصيدليات وحالما نفذت هذه الكميات اتجه هؤلاء إلى الشارع حيث تكلف الحبة الواحدة 80 دولاراً، في حين أن الهيروين رخيص. خمسة دولارات لوجبة التعاطي الواحدة (٢٠ دولاراً للغرام). وهذا ما جعل الوباء ينتشر خلال العامين الماضيين بحسب ريك أساكسون وهو ضابط فدرالي في شعبة مكافحة المخدرات في ديترويت.
وقد أوردت “ديترويت فري برس” قصة شون ماكغرو الذي أفلت من الإدمان على الهيروين بعد سنوات من تعاطيه. القصة، حسب الصحيفة، بدأت عندما كان ماكغرو بعمر 23 عاماً حيث أجرى عملية جراحية في الركبة، بدأ بعدها بتعاطي حبوب “فايكودين”، وأساسها الأفيون، ليدمن عليها بعد أشهر معدودة وليتحول لاحقاً إلى تعاطي الهيروين. وقال ماكغرو “كنت أفضل الحبوب المخدرة للآلام، لكنها أصبحت غالية الثمن”.
الآن، ماكغرو عمره 35 عاماً ويقول “وصلت في مرحلة ما إلى نقطة إما أن أقتل نفسي أو أقلع عن الادمان” ولقد نجح ماكرو فعلاً في الاقلاع.
حالياً يتابع ماكغرو، حسب الصحيفة، دراساته للحصول على درجة الماجستير في العلوم الاجتماعية، وهو يشارك منزله في روزفيل مع المتلقين لعلاجات للاقلاع عن الادمان. وقال “استطيع النظر الآن إلى الخلف وأنا ممتن لأني ما زلت حياً” مؤكداً أن رحلة الاقلاع استغرقت منه وقتاً وجهداً جباراً.
وقالت دوائر الصحة في المقاطعات الثلاثة أن نسبة الادمان على الهيروين زادت بشكل لافت، وذلك ظاهر من المترددين على مصحاتهم العلاجية مؤكدين أن أساس الادمان هو الأفيون من خلال “فيكودين” و”أوكسيكونتين”. ففي مقاطعة ماكومب كانت نسبة مدمني الهيروين في مصحات المقاطعة، قبل ثلاث سنوات، يشكلون عشرة بالمئة من مجمل مدمني المخدرات، أما اليوم أصبح مدمنو الهيروين يشكلون نصف مدمني المخدرات في ماكومب، حتى أن إدمان الهيروين تفوق على إدمان المشروبات الكحولية ليصبح المخدر رقم واحد بحسب راندي أوبراين من شعبة الصحة النفسية في المقاطعة.
وقال أوبراين أن طريق الإدمان يبدأ حين يحصل الشباب على الحبوب المخدرة، وبمجرد التعود عليه لفترة وجيزة، يبدأون بالبحث عنها لتأمين الجرعة المطلوبة، ولكن هؤلاء يجدون هذه الحبوب غالية جداً في الشارع، فيلجأون الى مخدر بديل.. والهيروين يلبي طلبهم بسبب رخصه وتوفره بشكل كبير في المنطقة خاصة في الآونة الأخيرة.
في مقاطعة أوكلاند ارتفعت نسبة متلقي العلاج من الادمان على الهيروين من 13 بالمئة من مجمل المدمنين إلى 23 بالمئة خلال أربع سنوات ما يدل على أن الهيروين مازال مضبوطا في هذه المقاطعة الغنية رغم ارتفاعه الملحوظ العام الماضي، حيث سجلت وفاة مراهق في مدينة أوبيرن هيلز بعد تناوله جرعة زائدة.
وحسب كريستينا نيكولاس مسؤولة المواد المخدرة في مقاطعة أوكلاند “يظل الهيروين ثاني أكثر مخدر انتشاراً في أوكلاند بعد الكحول” وتؤكد نيكولاس أن قسماً كبيراً ن مستخدمي الوصفات الطبية المحتوية على الأفيون انتلقوا إلى الهيروين.
أما في مقاطعة وين لم يقدم التقرير أرقام محددة، لكنه أكد أن تعاطي الهيروين في ازدياد في الأحياء، مع أن الكحول لا تزال في المقدمة.
ومن ناحيتها، تقول دارلين أوينز مديرة تحالف الخدمات العلاجية في جنوب شرق ميشيغن أن “الهيروين أصبح الموضة الآن ويزداد استهلاكه سنوياً”.
ويكشف التقرير أن متابعة الإدمان على الهيروين ومواجهته مهمة صعبة للغاية، خاصة مع نقص البيانات الدقيقة حولها. فبعض من يلاقون حتفهم بسبب جرعات زائدة، لا يتم تحديد ما هو المخدر الذي تسبب بالوفاة حيث لا تُركز الفحص لكشف أي نوع من المخدرات تسبب بموتهم. ولكن يمكن للبيانات للصادرة من المستشفيات وعيادات الطوارئ أن تكون مفيدة وكذلك من العيادات النفسية ولكن هذه الجهات ترفض الافصاح عن هكذا بيانات.
من جانبه، كشف مكتب شريف مقاطعة أوكلاند أن “حجم الهيروين الذي صودر في ازدياد هذه السنة والسنة الماضية”. وقد توفي عدد من المدمنين في المقاطعة على مدى السنوات الأخيرة خاصة حين خلط مراهقون الهيروين بمادة الفينتانيل. وتمنى الناطق باسم المكتب على الأهل والمراهقين ادراك خطورة الهيروين والحبوب المهدئة مثل “أوكسيكونتين” و”فايكودين”، وقال أن معظم الوفيات لم يعلن ضحاياها بخطورة هذه المواد.
وتختم صحيفة “ديترويت فري برس” تقريرها ناقلة عن ماكغرو قوله أن الناس باتوا يعرفون أكثر عن الهيروين ومشاكله ويضيف “حين كنت في الثانوية كانت الحكمة تقول أنه ما دمت غير متعاط للهيروين أو الكراك فأنت غير مدمن” أما اليوم، حسب ماكغرو “الأمر ليس كذلك فالهيروين منتشر أكثر من الماريجوانا”.
Leave a Reply