واشنطن – فيما لا يزال الحذر والترقب يسيطران على المراقبين والخبراء في الاقتصاد الأميركي مع التخوف من ازياد العجز الاقتصادي المالي وارتفاع الدين نذر ركود جديد أبدى مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي الأسبوع الماضي استعداده للتدخل إذا كان هناك تباطؤ أكثر للانتعاش الاقتصادي مع أنه لم يعلن عن إجراءات تحفيز فورية، في وقت أظهر فيه استطلاع أن غالبية الأميركيين تفضل خفض العجز في الموازنة على زيادة الإنفاق.
وفي ختام اجتماع استغرق يوما واحدا، أبقى الاحتياطي الفدرالي على أسعار الفائدة الرئيسة عند مستويات قياسية منخفضة بين صفر بالمئة و0,25 بالمئة لتظل سياسته النقدية بلا تغيير. كما أبقى أيضا الباب مفتوحا أمام ضخ أموال لمساعدة الاقتصاد على التعافي من حالته الراهنة.
وفي البيان الذي صدر عن اجتماع لجنة السياسات فيه، وهو آخر اجتماع دوري لها قبل انتخابات التجديد النصفي لمقاعد الكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، قال المجلس إنه سيواصل متابعة التوقعات الاقتصادية وتطورات القطاع المالي. وأعلن استعداده لتقديم إجراءات إضافية إذا اقتضت الضرورة لدعم التعافي الاقتصادي، وإعادة التضخم بمرور الوقت إلى مستويات مريحة بما يحول دون تهاوي الأسعار. بيد أنه أبدى في الوقت نفسه قلقه من تباطؤ وتيرة الانتعاش، ومن ضعف سوق العمل في الأشهر القليلة الماضية، بالإضافة إلى تراجع التضخم إلى مستوى منخفض ينذر بانكماش كبير للأسعار. وكان يشير في هذا السياق إلى تراجع معدل نمو الاقتصاد في الربع الثاني من هذا العام إلى 1,6 بالمئة من 3,4 بالمئة في الربع الأول، وارتفاع معدل البطالة إلى 9,6 بالمئة في ظل فقدان مزيد من الوظائف.
وحذر مجلس الاحتياطي في بيان من أن وتيرة النمو في المدى القريب ستكون متواضعة، وهو رأي يتبناه أغلب خبراء الاقتصاد الأميركيين الذين لا يستبعد بعضهم أن يتعرض أكبر اقتصاد في العالم لنكسة جديدة في ظل التراجعات المستمرة التي تزيد احتمالات تجدد الركود الذي خرج منه نهاية العام الماضي وفق ما أظهرته بيانات رسمية نشرت الثلاثاء الماضي.
وبالتزامن مع اجتماع الاحتياطي الفدرالي، أظهرت نتائج استطلاع أن أغلبية الأميركيين ترى أن تحسين وضع الاقتصاد يكون من خلال خفض العجز في الموازنة، وليس عبر زيادة الإنفاق. وقالت وكالة “رويترز” إن نتائج الاستطلاع الذي أجرته بالاشتراك مع معهد “إبسوس” الفرنسي لاستطلاع الآراء ربما يقوي دعوات الجمهوريين الذين يشددون على خفض الإنفاق بدلا من إنفاق مزيد من الأموال الحكومية لتنشيط الاقتصاد.
وقالت إن تلك النتائج ربما تشكل ضغطا على الرئيس باراك أوباما الذي يحاول من جهته تمرير برامج لحفز الاقتصاد من بينها تمويل مشاريع لتعزيز البنية التحتية بنحو خمسين مليار دولار، وتمديد العمل بتخفيضات ضريبية أقرت في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، على أن يُستثنى منها الأغنياء. ووفقا للنتائج ذاتها، أعلن 57 بالمئة من المستطلعين تأييدهم خفض الإنفاق في ظرف اقتصادي عصيب كالذي تمر به بلادهم الآن، في حين رأى 39 بالمئة أنهم مع زيادة الإنفاق الحكومي حتى لو أدى ذلك إلى زيادة العجز.
يشار إلى أن العجز في الموازنة الأميركية يبلغ حاليا 1,47 تريليون دولار، في حين أن الدين العام تجاوز ١٣,٤ تريليون دولار، وهو ما يفرض مزيدا من الضغوط على الاقتصاد الأميركي الذي يعاني من معضلات أخرى تؤخّر تعافيه، من أخطرها البطالة.
Leave a Reply