سيدني – أفادت دراسة أسترالية حديثة بأن الاكتئاب يأتي في المرتبة الثانية من بين أهم أسباب الإصابة بالإعاقة على مستوى العالم، وذلك بعد آلام الظهر التي تأتي في المرتبة الأولى.
وعملت الدراسة على مقارنة الاكتئاب السريري بأكثر من 200 مرض وإصابات أخرى تسبب الإعاقة.
وقالت أليز فيراري، الأستاذة بكلية الصحة السكانية بجامعة كوينزلاند الأسترالية، والتي أشرفت على هذه الدراسة: «يعتبر الاكتئاب واحدا من المشكلات الخطيرة، ونحن بالتأكيد في حاجة لأن نوليها اهتماما أكبر». وأضافت: «لا يزال هناك الكثير لنقوم به من حيث التوعية بهذا المرض، والخروج بطرق ناجحة لعلاجه».
وتابعت فيراري: «يتفاوت هذا العبء بالاختلاف بين الدول. ففي الدول الفقيرة ومتوسطة الدخول، يكون ذلك العبء أكبر بكثير من الدول ذات الدخول المرتفعة».
فعلى سبيل المثال، شهدت أفغانستان أعلى معدلات للاكتئاب العام، بينما اعتبرت اليابان هي الأقل من حيث تلك المعدلات. وفي بريطانيا، جاء الاكتئاب في المرتبة الثالثة من حيث عدد السنوات التي يعاني خلالها المريض من الإعاقة.
وأردفت فيراري قائلة إن السياسيين بذلوا جهدا في تسليط الضوء على مرض الاكتئاب، إلا أنه لا تزال هناك حاجة للقيام بمزيد من الخطوات.
وأوضحت قائلة: «قد تختلف نظرة الأفراد بل وحتى الدول إزاء فكرة الإعاقة، فهناك العديد من الإشارات والتفسيرات الثقافية حيال تلك الفكرة. وذلك هو ما يؤكد على أهمية زيادة الإدراك لحجم المشكلة وطريقة التحقق منها».
وتأتي تلك البيانات التي جمعت عام 2010 لتتبع دراسات مماثلة أجريت في أواخر القرن الماضي وبداية الحالي، والتي كانت تبحث موضوع الاكتئاب على المستوى العالمي. وتقول منظمة الصحة العالمية إنه وعلى المستوى العالمي، لا يحصل على العلاج سوى نسبة ضئيلة من المرضى. ونقلت مجلة «بلوس ميديسن» الطبية عن الخبراء قولهم إنه يجب التعامل مع هذا المرض على أنه أولوية للصحة العامة على مستوى العالم.
.. ويؤدي إلى «شيخوخة» الخلايا
أمستردام – أظهرت دراسة حديثة لباحثين في قسم الطب النفسي في المركز الطبي التابع لجامعة «فو» في أمستردام، أن تعرض الأشخاص إلى أشكال حادة من الاكتئاب في مراحل حياتهم يساهم في إسراع «شيخوخة» الخلايا لديهم.
وبالرغم من أن العلماء يشكون دائماً بوجود ترابط بين «هرم» الخلايا والاكتئاب، إلا أنها المرة الأولى، التي يتم فيها تثبيت هذه النظرية علمياً على مستوى «الكرموزومات» في خلايا الحمض النووي.
ومن المتعارف عليه أن المكتئبين، أو الذين يتعرّضون إلى انهيار عصبي في حياتهم، يطوّرون أكثر من غيرهم أمراضاً مرتبطة بتقدم العمر كمرض السكري من الفئة الثانية أو مرض السرطان أو الخرف، كما يزيد سلوكهم الصحي سوءاً، فيتخلون عن ممارسة الرياضة ويفرطون في شرب الكحول وتناول الطعام، ما يتسبب بإصابتهم بالعديد من الأمراض. إلا أن الباحثين حاولوا دائماً إثبات حصول عملية بيولوجية متصلة بالإكتئاب. وهذا ما ساعدت عليه الدراسة الهولندية الحديثة.
فمن خلال دراسة طول «التيلومير»، وهو منطقة من تسلسل نووي كثير التكرار عند نهاية الكروموزومات تحميها من التدهور، توصل العلماء إلى نتيجة تفيد بأن الاكتئاب يسارع في عملية تدهورها. ويتقلص طول «التيلومير» في كل جيل يمر على الخلية الجسدية ويؤدي إلى انقسامها، وهذا الطول يعكس تحديداً العمر، الذي وصلت إليه الخلية.
وقارن الفريق العلمي هياكل الخلايا لدى 2407 أشخاص بعضهم يعاني من الاكتئاب. ووجدت الدراسة أن «التيلومرات» لدى من عانوا الاكتئاب أقصر بحوالي 84 زوجاً من قاعدة الحمض النووي مقارنة بمن لم يعانوا الاكتئاب من قبل.
وقال العلماء إن هذا الفارق يشير إلى شيخوخة مبكرة في الخلايا تقدر بأربع إلى ست سنوات، وقد تصل إلى عشر سنوات، إذا كان الاكتئاب حاداً أو استمر لفترة طويلة.
وبحسب الباحث في معهد العلوم الجينية الإنسانية في مونبيليه جيروم دوجاردان فإن الدراسة اقتصرت على خلايا الدم، ولم تشمل الخلايا الجسدية. ولذلك فمن الصعب معرفة إذا كانت الخلايا والأعضاء جميعها تتعرض للشيخوخة المبكرة الناجمة عن الاكتئاب، حسبما أوردت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية.
إلا أن المعطيات المتوفرة من الدراسة تفتح المجال أمام محاولة إيجاد الحلول وإعادة عمر الخلايا إلى الوراء. وكانت دراسة سابقة أجراها باحثون أميركيون في ولاية كاليفورنيا أكدت أن تيلوميرات مجموعة من الأشخاص عانوا من الاكتئاب وقرروا تغيير نمط حياتهم خلال خمس سنوات، كانت أطول من تيلوميرات العينة التي فضّلت البقاء على حالها.
وفي الانتظار، تسعى شركات أميركية خاصة لإيجاد العلاجات التي تساعد على تطويل التيلوميرات بهدف عرض عقاقير «لإعادة الشباب» في الأسواق.
Leave a Reply