الخلاف حول الحكومة ورئاستها وحقائبها ارجأ انتخاب سليمان رئيساً للجمهوريةهل يدخل الاستحقاق الرئاسي مرحلة التدويل عبر الفصل السابع؟
انتخابات رئاسة الجمهورية التي تخطت المهلة الدستورية، لعدم حصولها في موعدها قبل 24 تشرين الثاني الماضي، ودخل لبنان في الفراغ الرئاسي، تبدو انها مؤجلة الى موعد غير محدد مع سقوط كل التواريخ التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ 25 ايلول وعلى مدى ثمانية دعوات، حيث لم يتأمن النصاب القانوني لجلسة الانتخاب، بحضور ثلثي اعضاء مجلس النواب، لحصول عملية الانتخاب وفق النص الدستوري الذي لن يسمح بخرقه، كما حاول بعض اطراف 14 شباط من خلال التهويل اللجوء الى انتخاب رئيس من مرشحيها بالاكثرية المطلقة، لكن هذه المحاولة فشلت بسبب عدم تمكن جمع النصف زائداً واحداً، لان نواباً ينتمون اليها رفضوا حضور جلسة غير دستورية او ممارسة الانتخاب، مما اثر على اندفاعه الفريق الحاكم، وتراجع عن توجهه، واعلن احد اقطابه النائب وليد جنبلاط رفض الانتخاب من دون التوافق على مرشح، بعد ان كان يدعو الى وصول مرشح من «ثورة الارز»، وعدم التنازل تحت هذا السقف، وكل من يقبل بالتسوية يكون خائناً ويجب اعدامه سياسياً ومعنوياً، وقد تراجع عن موقفه بعد تطورات اقليمية ودولية وحصول نوعاً من التقارب الاميركي-السوري بعد مؤتمر انابوليس.وقد تعثرت الانتخابات الرئاسية، لاسباب سياسية ودستورية، ولم يشكل اسم العماد ميشال سليمان عائقاً امام اتمام العملية الانتخابية، فهو يحظى باجماع لبناني حول ترشيحه، ونال دعماً دولياً وعربياً واقليمياً، وقد كشف وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما، ان وزراء «الترويكا» الاوروبية، رشحوا قائد الجيش اثناء زيارتهم لبيروت قبل اسابيع، وفاتح كل من داليما ووزير الخارجية الفرنسي برنانر كوشنير والاسباني ميكائيل موراتينوس، الاطراف اللبنانية باسم العماد سليمان، وتحديداً قوى 14 شباط التي لم تعط موافقتها، في وقت لم ترفضه المعارضة واعتبرته احد مرشحيها بعد العماد ميشال عون، ولكن الموالاة لم تقبل به لانه بحاجة الى تعديل للدستور، وهذا خط احمر لا يمكن ان تتخطاه، كما انها ضد وصول عسكري الى رئاسة الجمهورية بعد تجربة الرئيس اميل لحود، وقبله الرئيس فؤاد شهاب وقد ابلغ النائب وليد جنبلاط العماد سليمان شخصياً انه ضد ترشيحه.لكن بعد اسبوعين من مغادرة وفد «الترويكا» الاوروبية لبنان، عادت الاكثرية ووافقت فجأة على العماد سليمان دون ان تذكر الاسباب التي دفعت اقطاب فيها الى العدول عن موقفهم سوى انهم ضد الفراغ الرئاسي وحصول فوضى سياسية ودستورية وتجدد الحرب الاهلية، وقد لاقت المعارضة هذا الموقف بايجابية، ورحب العماد ميشال عون بترشيح قائد الجيش اذا اجتاز التعديل الدستوري، وهو كان يضع الفريق الحاكم امام انكشاف مناورته حول قبوله بهذا الترشيح، حيث تبين ان اصراره على مرور التعديل الدستوري عبر الحكومة التي لا تعترف بشرعيتها المعارضة، وهو وضع العصي في دولاب انجاز الاستحقاق الرئاسي، وقد توقفت الالية حول هذه النقطة، في حين لم يحصل تقدم في المفاوضات حول المواضيع السياسية، لا سيما تلك التي عرضها العماد عون في مبادرته، والتي اعتبرها فريق السلطة انها تعجيزية وغير قابلة للتطبيق وتحديداً في مسألتي ترؤس سعد الحريري للحكومة المقبلة وولاية رئيس الجمهورية الجديد، التي طالب عون ان تنتهي بعد الانتخابات النيابية عام 2009، لافساح المجال امامه للترشح لرئاسة الجمهورية، وفي ظنه ان الاغلبية النيابية ستكون لصالح المعارضة الحالية له ولحلفائه.ولم ينجح الطرفان في التوصل الى اتفاق سياسي، حول المواضيع الاساسية وهي: المشاركة في الحكومة وفق نسب الكتل النيابية، وتوزع الحقائب السيادية مناصفة لاقامة توازن في السلطة، واقرار قانون انتخاب على اساس القضاء، واقفال ملف المهجرين، واعادة هيكلة مؤسسات الدولة والبحث في التعيينات داخلها، اضافة الى البحث في قرارات الحكومة الحالية والتي بلغت 2500 قرار.وتوقفت المساعي الدولية والعربية عند استمرار الخلاف بين السياسيين حول السلطة، بعد ان اعلنت المراجع الدولية والعربية المؤثرة تأييدها للتوافق اللبناني حول قائد الجيش، وبقيت العقدة في الحكومة ورئاستها وبيانها الوزاري، والمراكز الادارية والعسكرية والامنية والقضائية في الدولة، حيث لم تنجح الاتصالات والمساعي قبل سنة من تمكين اطراف الصراع في الموالاة والمعارضة، للتوصل الى اتفاق بينهما عندما قرر وزراء «امل» و«حزب الله» الاستقالة من الحكومة والاعتصام امام السراي الحكومي في ساحة رياض الصلح.وقبل حوالى العام اعلن الرئيس نبيه بري، ومن خلال لقاءاته مع اطراف في السلطة وتحديداً سعد الحريري، ان قوى 14 شباط لا تريد الشراكة في الحكم بل الاستئثار به، وهي لن تتنازل عنه، وان قبولها بالعماد سليمان مكرهة انما لتكرار تجربة الرئيس اميل لحود معه، كما تقول المعارضة التي تركز على الحكومة وتأمين مشاركتها فيها، وهي لم تحصل على موافقة الاكثرية، مما ترك ازمة الرئاسة مفتوحة، الى اجل غير مسمى، وفي اقل تقدير حتى اذار المقبل، موعد الدورة العادية لمجلس النواب اذا لم تحصل الانتخابات الرئاسية قبل نهاية العام الحالي، مع انتهاء الدورة العادية الحالية لمجلس النواب، ولان فتح دورة استثنائية منوط بعد فراغ موقع رئاسة الجمهورية بالحكومة، وحكومة السنيورة لا تعترف بها المعارضة التي لن تقبل ان تفتح هذه الحكومة دورة استثنائية، والتي لن يفتح الرئيس بري امامها مجلس النواب، وهو سيتعامل معها كما تعامل مع موضوع المحكمة الدولية التي لم تتمكن الحكومة من ان تمررها عبر مجس النواب فذهبت الى مجلس الامن، وقد تكون انتخابات رئاسة الجمهورية، تتجه الاتجاه نفسه، اذ ثمة من يتحدث عن تدويل هذه الانتخابات، واول الاشارات جاءت من خلال اصدار بيان رئاسي عن مجلس الامن الدولي الذي دار خلاف داخله حول لبنان، حيث تقدمت فرنسا بمشروع بيان يشير الى الدعم الكامل لحكومة لبنان في ادارة شوؤن الدولة، مما يكشف عن ان الفراغ الرئاسي سيستمر وستملأه الحكومة الحالية، وهذا سيزيد الامور تعقيداً وانقساماً ويؤكد ان الولايات المتحدة وفرنسا، لا تمانعان في استمرار حكومة السنيورة، وقد نبهت روسيا الى خطورة هذا التوجه لدى مجلس الامن، الذي قد يفجر الاوضاع في لبنان.وفي هذا الاطار فان مصادر دبلوماسية كشفت عن ان هناك توجه كان جرى الحديث عنه سابقاً، ان يتخذ مجلس الامن قراراً باجراء الانتخابات الرئاسية في ظل قوات دولية، تحت عنوان مساعدة لبنان، ووفق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.فهل تدخل الانتخابات الرئاسية مرحلة التدويل، اذا ما اخفق اللبنانيون في الاتفاق؟ التطورات الداخلية والاقليمية والدولية المقبلة سترد على السؤال.
Leave a Reply