تبدلات سياسية وتداخل فـي الخطاب يفرض تساؤلات
الانتخابات اللبنانية من “المصيرية” الى “المفصلية” .. فتوافقية؟
يترقب اللبنانيون الانتخابات النيابية المقبلة بعد شهرين و بضعة أيام ،على وقع مواقف داخلية متنوعة،واجواء خارجية إقليمية ودولية، فرضت عبر اللقاءات العربية-العربية و المتغيرات الاميركية اتجاهات جديدة لم يحصد اللبنانيون نتائجها عملياً حتى الان…
وبالانتظار يستعد الافرقاء السياسيون للانتخابات التي يختلفون على تصنيفها بين “المصيرية” و”المفصلية”.
ومن خلال عملية استعراض للمواقف السياسية الحالية في لبنان، فان الخطاب السياسي ينحو باتجاه التغيير في البنية والتوجه وربما التحالفات في مرحلة مقبلة، لا يمكن ان تكون قبل الانتخابات -كما يؤكد المعنيون- لكن على الاقل تترك تساؤلات ابرزها: ماذا بعد؟؟
وبعملية استعراضية بسيطة، يمكن ادراج المواقف في اربع خانات يمكن التأسيس عليها:
– الاولى: مواقف تندفع باتجاه التهدئة والحوار وتؤيد بدء الترجمة عملياً فوراً، كل من موقعه.
ويندرج في هذه الخانة احد ابرز قياديي فريق “١٤ اذار” النائب وليد جنبلاط، وابرز سياسيي المعارضة رئيس مجلس النواب نبيه بري.
– الثانية: مواقف تؤيد التهدئة والحوار، دون ان تندفع في المواقف المترجمة، وتفضل التريث قليلاً، ويندرج في هذه الخانة “حزب الله”.
– الثالثة: مواقف تؤيد التهدئة والحوار، دون ترجمة عملية ، بل تندفع في بعض الاحيان باتجاه تصعيد الخطاب و اطلاق السهام السياسية بطرق عدة، و يندرج في هذه الخانة تيار النائب سعد الحريري (المستقبل).
– الرابعة: مواقف عالية النبرة، تحت شعار “اخطاء الاخر” و”سوء ادائه السياسي”، و تندرج في هذه الخانة الاحزاب المسيحية في كلا الفريقين المتنافسين.
المراقبون يرصدون توجهاً جديداً في خطاب النائب جنبلاط، اولا باتجاه سوريا: “العداء لسوريا ضد المنطق والتاريخ والجغرافيا…” يضاف الى ان جنبلاط الداعي لترجمة الانفتاح الداخلي، دعا لحل ازمة موازنة مجلس الجنوب، ويعمل لعدم استفزاز الثنائي الشيعي “امل”-“حزب الله”، انتخابياً (دعم مرشح كتلة الرئيس بري في حاصبيا النائب انور الخليل، ويدعو لدعم مرشح الكتلة نفسها في البقاع الغربي النائب ناصر نصرالله، ويعارض دعم أي مرشح شيعي يستفز هذا الثنائي). كما انه يعمل لفتح قنوات اتصالية ونسيان الاشكالات الماضية،وترك مقعد درزي شاغر في عاليه لمصلحة الوزير طلال ارسلان… هذه المواقف التي ينتهجها جنبلاط الى جانب قضايا اخرى مماثلة بالجملة، تتناقض مع تصرفات حليفه الاساسي النائب سعد الحريري الذي يصر على ان الانتخابات مصيرية، ويرفض المشاركة في الحكم في حال فوز المعارضة، ويعارض ترك مقاعد شاغرة، ويدعم مرشحين يستفزون “الثنائي الشيعي” (تسريب معلومات عن ترشيح احمد الاسعد في بيروت عن المقعد الشيعي)، بل ان احد نواب كتلته عبّر في الاونة الاخيرة عن رغبة في عدم انتخاب الرئيس بري مجدداً لرئاسة مجلس النواب، في الوقت الذي يتقارب فيه جنبلاط و بري اكثر… ويبشر بري بالتوافق بعد الانتخابات بين مختلف القوى عبر حكومة وحدة وطنية.
اما الاحزاب المسيحية في فريقي المعارضة و”١٤ اذار” فتستعد للانتخابات على وقع مواقف عالية، هي “لزوم المعركة الحامية في مناطقهم”، فالمعارضة المسيحية تعتبر منافسيها على الساحة نفسها مجرد اداة للنائب الحريري، وشخصيات “١٤ اذار” المسيحية تتهم منافسيها بالتنازل عن مصلحة لبنان.. واستيلادٌ متواصل لتهم وتوضيحات ومواقف، لا يخلو الحديث عن المال والرشوة والمغتربين منها.
لكن معلومات جديدة تتحدث عن ايقاف الدعم المالي الخارجي، وبالتالي يعني تبدلا في المسارات وصولا الى النتيجة، خصوصا اذا ثبتت الاتهامات ان مغتربين سيأتون للمشاركة في الانتخابات لقاء بدلات مالية وتغطية لكلفة السفر، وهذا محور حديث المقيمين ومغتربين، والانتظار سيد الموقف… حتى موعد الانتخابات.
اياً يكن وامام حجم هذه المواقف وتأثيرها، معطوفة على تغييرات خارجية قريبة وبعيدة، لا يمكن اغفال ان واقعاً جديداً بدأ في لبنان، وعليه تطفو الى السطح اسئلة عدة، ابرزها: ما هو حجم التغييرات في لبنان؟ لمصلحة من؟ وهل يكون فعلاً التوافق هو سيد الموقف”، “لا قاتل و لا مقتول”… وهذا ما دعا احد السياسين للقول: انها مرحلة تشبه مرحلة ما بعد الطائف، أي التسعينيات فسأله احدهم وأين سوريا؟ رد عليه مبتسما: “نسأل وزير خارجيتها وليد المعلم بعد ان ينهي زيارته للعراق”.
Leave a Reply