زار الأردن وفلسطين المحتلة
البابا فـي الأراضي المقدسة:
دعوة الى التسامح والتمسك بالجذور
عمان، القدس المحتلة – اختتم البابا بنديكتوس السادس عشر يوم الجمعة ١٥ أيار (مايو) زيارة استمرت لأسبوع كامل الى الأراضي المقدسة شملت الأردن والأراضي المحتلة.
ووصل الحبر الأعظم الأردن الجمعة الماضي حيث أقام قداساً حاشداً في العاصمة عمان وقال البابا خلال عظته في قداسه الاول في ستاد عمان الدولي امام نحو خمسين الفا من المؤمنين من الاردن ومن دول الجوار وخصوصا سوريا ولبنان والعراق “لقد طال انتظاري لهذه الفرصة لاقف امامكم لاشجعكم على المثابرة في الايمان والامل والحب”.
واشاد البابا بـ”الشجاعة الخاصة” للطائفة المسيحية المتناقصة العدد في الشرق الاوسط وحث المسيحيين على “الوفاء لجذورهم”.
واضاف ان “المجتمع الكاثوليكي هنا متأثر جدا بالصعوبات والتقلبات التي تؤثر على جميع شعوب الشرق الاوسط”. ودعا البابا مسيحيي الشرق الاوسط ان يكونوا اوفياء لجذورهم.
واوضح البابا ان “التشبث بالجذور المسيحية الخاصة بكم، والاخلاص لرسالة الكنيسة في الاراضي المقدسة، يتطلب من كل واحد منكم نوعا خاصا من الشجاعة: شجاعة الاعتقاد التي تولد من الايمان الشخصي، وليس من التقاليد الاجتماعية أو العائلية”.
وحاول الحبر الأعظم محو المرارة المتبقية في العالم الاسلامي من كلمة له عن امبراطور بيزنطي ربط الاسلام بالعنف، حيث قام بزيارة مسجد الملك حسين بن طلال وألقى كلمة امام زعماء دينيين مسلمين واعضاء السلك الدبلوماسي ومثقفين اردنيين.
كما زار البابا جبل نبو (٤٠ كلم جنوب-غرب عمان) حاجاً على خطى النبي موسى الذي شاهد من على هذا الجبل ارض الميعاد. واستقبل البابا في اليوم الثاني من رحلته الى الاراضي المقدسة وفي اول زيارة له لدولة عربية رجال دين مسيحيين اضافة الى نحو ٣٠٠ شخص تجمعوا قرب الموقع للترحيب بالحبر الاعظم.
فـي الأراضي المحتلة
وتوجه الإثنين الماضي البابا بنديكتوس السادس عشر الى الأراضي المحتلة وقام بعدة جولات على مواقع دينية مسيحية وإسلامية ويهودية.
وأثار خطاب البابا حول محرقة اليهود (الهولوكوست) الثلاثاء الماضي خيبة امل وجدلا في إسرائيل حيث اعتبرها الإسرائيليون “فاترة” و”مبهمة”.
وعبر الحاخام مئير لاو رئيس نصب محرقة اليهود (ياد فاشيم) في القدس ان “البابا لم يذكر ان الالمان او النازيين شاركوا في المجزرة ولم يقل كلمة واحدة ليطلب الصفح او يعبر عن الندم وعن التعاطف مع الضحايا”.
واشار الحاخام لاو وهو احد الناجين من معتقلات الموت النازية الى ان البابا تحدث في تصريحاته في المتحف عن يهود “قتلوا” وليس عن يهود “اغتيلوا”وبدون ان يحدد عددهم.
من جهته، قال وزير الداخلية الاسرائيلي ايلي يشائي “خلال المحرقة لم يقتل ستة ملايين قديس بل اغتيلوا”.
وجاءت هذه الانتقادات مع ان البابا بنديكتوس السادس عشر دان بحزم عند نزوله من الطائرة في مطار بن غوريون معاداة السامية وانكار المحرقة ورأى انهما امران “مقيتان”. وصرح في نصب المحرقة “يجب الا تموت اسماء هؤلاء الضحايا، يجب عدم انكار او تشويه او نسيان معاناتهم. وعلى جميع اصحاب النيات الطيبة ان يزيلوا من قلب الانسان كل ما يمكن ان يؤدي الى مآس مماثلة”.
ويعتبر البابا الذي يملك معرفة واسعة باليهود، انهم “اشقاؤه الكبار”. وعندما كان كاردينالا زار المونسنيور يوزف راتسنيغر اسرائيل مرات عدة من اجل التوصل الى ابرام “الاتفاق الاساسي” الذي وقع في ١٩٩٣ حول اقامة علاقات دبلوماسية العام التالي بين الفاتيكان واسرائيل.
البابا يدخل قبة الصخرة للمرة الأولى فـي التاريخ
وشهدت الزيارة حدثاً بارزاً بأن اصبح بنديكتوس السادس عشر الثلاثاء اول بابا يدخل مسجد قبة الصخرة في باحة المسجد الاقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وكان في استقبال البابا عند مدخل المسجد مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين.
وصلى البابا امام حائط المبكى في القدس الشرقية، اهم مكان مقدس لدى اليهود.
ووقف الحبر الاعظم امام حائط البراق بضع دقائق بعدما وضع ورقة في احد شقوق الجدار، عملا بالتقاليد اليهودية.
ودعا البابا في خطاب في الحرم القدسي الى تجاوز نزاعات الماضي وفتح الطريق لحوار “جاد” بين الديانات.
وقال “في عالم تمزقه الانقسامات، يكون هذا المكان بمثابة حافز يضع الرجال والنساء ذوي النية الطيبة امام تحد يحتم عليهم العمل على تجاوز الخلافات ونزاع الماضي”.
ودعا الى “فتح الطريق لحوار صادق يهدف الى بناء عالم من العدالة والسلام للاجيال المقبلة”.
البابا يستذكر النكبة
وبدا تعاطف البابا مع قضية الشعب الفلسطيني لافتا خلال زيارته إلى بيت لحم، رغم الحيادية السلبية، التي لعبها الفاتيكان منذ عام النكبة تجاه مهد المسيح. حيث أعرب عن أسفه للبناء “المأساوي” لجدار الفصل العنصري، الذي تقيمه إسرائيل في فلسطين المحتلة متوقعاً سقوطه، فيما دعا في مستهل زيارته للضفة الغربية إلى وطن للفلسطينيين ذي سيادة، معلناً أنه يصلي لإنهاء الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة.
وخلال وقوفه أمام جزء من جدار الفصل في بيت لحم، قال البابا في كلمة ألقاها أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس: “رأيت الجدار الذي يقتحم أراضيكم ليباعد بين الجيران وليشتت العائلات، ومع أن الجدران يمكن أن تبنى بسهولة، فإننا نعلم أنها ليست دائمة ويمكن أن تسقط”، مشدداً على “أن نزيل الجدران من حول قلوبنا، وأن نزيل الحواجز القائمة ضد جيراننا”.
وقال البابا، في مخيم عايدة للاجئين في بيت لحم: “يرتفع فوق رؤوسنا رمز يذكّرنا بالجمود الذي يبدو أن الإسرائيليين والفلسطينيين وصلوا إليه في علاقاتهم، ألا وهو الجدار”، مشيراً الى معاناة اللاجئين بقوله: “لقد كنت والحزن يعصر قلبي شاهداً على وضع اللاجئين الذين أجبروا مثلهم مثل العائلة المقدسة على الفرار من منازلهم”. وأعرب البابا، في يومه الثالث لزيارته إلى “الأراضي المقدّسة”، عن “التضامن مع كافة الفلسطينيين المشردين الذين يتطلعون إلى العودة إلى مسقط رأسهم، أو العيش دائماً في وطن لهم”.
Leave a Reply