ألقى الباحث في التاريخ بدري حجل محاضرة مساء الخميس التاسع من كانون الثاني (يناير) الجاري، في النادي اللبناني الأميركي» بمدينة ديربورن بعنوان «الأمة السورية بين الماضي المجيد والواقع المريض» بتنظيم من «نادي الجيل الجديد»، حيث قدم الباحث لمحة عن تطور الانسان في هذه المنطقة بدءاً من اعتماده على الطبيعة ثم الانتقال الى حالة الصيد والرعي واستخدام الأدوات والبحث عن المكان الافضل والمناخ المعتدل للعيش فكانت سوريا الطبيعية من أوائل الأمكنة التي سكنها الانسان القديم وأنشأ فيها الحضارة، نظراً لاعتدال مناخها وتوفر المياه فيها وخصوبة أرضها.
جانب من الحضور في قاعة «النادي اللبناني» |
وقدم حجل في الأمسية، التي حضرها العشرات من الناشطين العرب الأميركيين، عرضاً عن سوريا الطبيعية وتاريخها الذي يمتد الى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، والتي غزيت عبر تاريخها الطويل من قبل الفرس واليونايين والرومان والعثمانيين إلى أن جاءها الفرنسيون والانكليز وقسموها باتفاقيات سايكس بيكو الى خمس دويلات (سوريا، العراق، لبنان، فلسطين والأردن).
وقد استعان المحاضر بخرائط توضح حدود البلاد السورية والتي اتخذت شكلها الهلالي بدءاً من جبال طوروس شمالاَ وانتهاء بالصحراء على حدود الحجاز جنوباً ليطلق عليها «الهلال الخصيب»، لخصوبة أراضيها، حيث يجري فيها عدد من الأنهار الكبيرة كدجلة والفرات والخابور والعاصي، مما جعلها مقصدا للناس للعيش في هذه البقعة الخصبة ومنبتا للحضارات القديمة.
وقال حجل «لقد عاش في سوريا السومريون والأكديون والآشوريون والعموريون والكنعانيون والآراميون والفينيقيون والانباط. وأنشأوا فيها حضارات امتدت الى أصقاع العالم، وكانت المنطقة بسبب رخائها وغناها مطمعا للغزاة القادمين من خلف حدودها الطبيعية». لافتاً الى أن الشعوب تلقبوا بأسماء المدن التي سكنوها، فالبابليون نسبة الى بابل والأكديون نسبة الى مدينة أكد (بغداد حالياً) والاشوريون نسبة الى آشور ونينوى، والعموريون نسبة الى آمور.
وتحدث الباحث عن وحدة «الأمة العربية» عبر مناطقها الطبيعية الأربع، من «بلاد الشام»، و«بلاد النيل» التي تضم مصر والسودان، و«الجزيرة العربية» التي تضم دول الخليج والسعودية واليمن، ودول «المغرب العربي»، وبهذه المناطق يمكن اطلاق وحدة عربية متكاملة اقتصاديا وسياسيا وتكون قوة لها مكانتها بين الامم. مشيراً الى أن بعضهم يعمل على استبدال القومية بالإسلام، «وهذا خطأ فالإسلام هو دين، ولابد من فصل الدين عن الدولة، لأن الدين يقف عائقا أمام الإتحاد».
وخلص الباحث الى القول أن سوريا هي منبت القومية العربية ومنها نشأت أفكار اليقظة العربية بعد سنين الانحطاط في ظل الحكم العثماني للمنطقة والذي عمل على ترسيخ الطائفية والعشائرية والقبلية ليأتي بعده الفرنسيون والإنكليز ليكرسوا هذه النزعات في المجتمع السوري ودويلاته. وفي ختام محاضرته أجاب على أسئلة الحضور التي تمحورت حول فكرة إعادة الوحدة لسوريا الطبيعية باعتبارها الحامل الرئيس للمشروع النهضوي العربي.
Leave a Reply