ديترويت – يواجه طبيب عربي أميركي سابق تهماً بتعمد تشخيص إصابة طفلة بمرض الصرع في العام 2003، من أجل التربح مادياً.
وفي التفاصيل، كانت الطفلة ماريا مارتينيز في التاسعة من عمرها، عندما أخبرها طبيب الأعصاب ياسر عوّاد، في مستشفى «أوكوود» بديربورن، بأنها مصابة بمرض الصرع.
ولكن بعد أربع سنوات من تناول الأدوية المضادة للنوبات وإجراء فحوص دورية لكهرباء الدماغ والالتزام بتعليمات الطبيب بتجنب الأنشطة المثيرة للقلب، اكتشفت والدة الطفلة أن ابنتها التي تبلغ الآن 26 عاماً، لم تكن مصابة بالمرض أصلاً، وذلك بعد فحصها من قبل طبيب آخر عام 2007. وقد تساءلت حينها الأم لورا عبد الساتر: «كيف يمكن لذلك أن يحدث؟ فالصرع مرض لا يمكن الشفاء منه».
وباشرت محكمة مقاطعة وين، الاثنين الماضي، بتشكيل هيئة المحلفين التي ستنظر في الدعوى التي تقدم بها محامو مارتينيز، والتي قد ينضم إليها مرضى سابقون آخرون ضد الطبيب عوّاد ومستشفى «أوكوود» («بومانت» حالياً)، بتهمة سوء ممارسة المهنة والإهمال.
والصَّرع هو اختلال عصبي داخلي ينتج عن اضطراب الإشارات الكهربائية في خلايا المخ، ويسبب نوبات متفاوتة من أعراضها فقدان الوعي وما قد يرافقه من تشنجات مختلفة وفقاً للحالة.
ويعاني نحو ثلاثة ملايين شخص في الولايات المتحدة، أو 1.2 بالمئة من السكان، من اضطراب الصرع، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (سي دي سي).
انطلاق المحاكمة
وبحسب المحامين عن مارتينيز، أمر عوّاد خلال سنوات عمله في «أوكوود» بإجراء اختبارات على مئات الأطفال من منطقة ديترويت الكبرى، وأساء عمداً قراءة النتائج، بتشخيص إصاباتهم بالصرع أو باضطرابات دماغية أخرى، مثلما حصل مع مارتينيز التي زارته لأول مرة بعمر التاسعة، بسبب شعورها بصداع متكرر.
وأضافوا «لقد عطلت تلك التشخيصات حياتهم، وأجبرتهم على تناول الأدوية غير الضرورية والخضوع لمزيد من الاختبارات أثناء الزيارات المتكررة» مشيرين إلى أن موكلتهم عانت من تأثير الأدوية والفحوص المتكررة التي أدت إلى تباطؤ حركتها وانزوائها وتحولها إلى محط سخرية زملائها في المدرسة.
ويزعم المحامون أن إدارة مستشفى «أوكوود» كانت تغض الطرف عن تشخيصات عوّاد الخاطئة، بسبب الأرباح الطائلة التي كانت تدرها اختبارات تخطيط كهرباء الدماغ EEG. وقالوا إن الإدارة كانت «منتشية» من إنتاجية عوّاد المرتفعة «لأن كل ما يهمها هو كسب المال»، وفقاً للدعوى.
وكان عوّاد قد التحق بمستشفى «أوكوود» عام 1999 كأول طبيب أعصاب للأطفال. وعلى مدى ثماني سنوات تقريباً، ارتفع راتبه من 185 ألف دولار إلى 300 ألف دولار سنوياً، كما كان مؤهلاً للحصول على مكافآت بقيمة 220 ألف دولار، عند استيفاء الأهداف المحددة له في الفوترة، حسب وثائق المحكمة.
وغادر عوّاد مستشفى «أوكوود» عام 2007 للعمل في المملكة العربية السعودية. عندما تم فحص مرضاه السابقين من قبل أطباء جدد، تبين أن العديد من التشخيصات كانت خاطئة.
وتشير وثائق المحكمة إلى أن عوّاد قال لمحامي مارتينيز خلال مواجهة قضائية مسجلة عام 2017، إنه كان يشخص الحالات بأقصى إمكانياته وربما يكون قد أخطأ، نافياً أن يكون قد خدعهم عمداً لإيهامهم بأنهم مصابون بالمرض.
واندمجت مستشفى «أوكوود» في ديربورن ضمن مجموعة مستشفيات «بومانت» عام 2014، أي بعد سنوات من رفع الدعوى الأولى.
وقال مارك غيري، المتحدث باسم «بومانت»، «رغم أننا لا نستطيع التعليق على تفاصيل هذه القضية بسبب الإجراءات القانونية المعلقة وقوانين خصوصية المريض، إلا أنه لا يزال موقفنا هو أن المرضى عوملوا بشكل مناسب».
يشار إلى أنه في عام 2012، أبرم عوّاد صفقة مع سلطات الولاية لتسوية اتهامات بوصف أدوية مضادة للنوبات لأربعة أطفال من دون مبرر طبي. وقد دفع حينها غرامة قدرها عشرة آلاف دولار ووافق على مراجعة عمله من قبل طبيب آخر لفترة من الوقت.
وفشل محامو 300 مريض سابق لدى عوّاد، في التوافق على جعل القضية دعوى جماعية، وبالتالي فإن المحاكمة الأولى ستركز فقط على قضية مارتينيز.
وطلب محامو المستشفى من القاضي تحديد محاكمة منفصلة عن محاكمة عوّاد، لكنه رفض.
وقال القاضي روبرت كولومبو: «لا يمكنك أن تنظر إلى الممارسات الخاطئة ولا تفكر بأنه كان بوسع أوكوود فعل شيء ما لإيقاف ما كان يحدث»، مشيراً إلى أن بعض الأدلة «مقلقة للغاية».
Leave a Reply