ديربورن
أقام «المجمع الثقافي الإسلامي» و«اللجنة الثقافية في نادي بنت جبيل» بمدينة ديربورن، حفل تكريم للبروفسور الحاج طلال طرفة، تخلله توقيع أعماله الكاملة وسط حضور حاشد في قاعة «المجمع الثقافي الإسلامي»، يوم الجمعة الماضي.
وخلال الحفل الذي تضمن توزيع ثمانية كتب مترجمة إلى اللغة العربية بالمجان على الحاضرين، قدّم أمناء «المجمع الإسلامي» درعاً تكريمية للمؤلف اللبناني الأصل، الذي تعلم العربية بجهود شخصية، وتعمق في دراسة الدين الإسلامي على يد بعض الشيوخ المحليين، في مقدمتهم الشيخ باقر شري، والمرجع الشيخ عبداللطيف بري.
وكان طرفة قد أوقف جزءاً كبيراً من حياته على التعمق في فهم الدين الإسلامي، وبلورة المشتركات العقائدية والأخلاقية بين الأديان السماوية الثلاثة، لتعزيز العيش المشترك والسلام العالمي بين جميع البشر، لتثمر تجربته الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود عن إصدار ثمانية كتب باللغة الإنكليزية، تمت ترجمتها إلى اللغة العربية، وبعض اللغات الأخرى كالفرنسية والفارسية.
وتضمنت قائمة إنتاجاته، الكتب التالية: الوحدة في الإسلام، الصبر في الإسلام، الطاقة في الإسلام، إمامة علي والصراط المستقيم، القلب السليم، أبناء إبراهيم، فاذكروني أذكركم، ودليل مؤلفاته.
وفي سياق تقديم الضيف المحتفى به، أشاد عريف الحفل، رئيس «اللجنة الثقافية في نادي بنت جبيل»، الدكتور محمد ناصر، بحصاد طرفة الأدبي والمعرفي وإسهاماته في إثراء المكتبتين العربية والإسلامية، واصفاً أعماله الكاملة بأنها تشكل «موسوعة معرفية وفكرية شاملة تظهر في صيغة علمية ذات أبعاد رسالية».
وأوضح ناصر بأن كتب طرفة هي نتاج عقود من البحث والدأب لاستقصاء أعماق الأديان الثلاثة وأسرار الوجود والحياة والكون، وتوظيفها في تدعيم السلام بين جميع الأفراد والأمم.
وأشار ناصر إلى أن طرفة كان أول مسلم ينال جائزة «فارس الخير» التي يمنحها «المعهد الرسولي للبعثات في الفاتيكان» لجهوده العالمية في تعميم مفاهيم السلام والحوار بين الأديان، كما تم اختياره مع مئتي مفكر وقيادي حول العالم، لإلقاء محاضرات في الأمم المتحدة خلال مؤتمر «القمة الألفية للسلام العالمي» في نيويوك، عام 2000.
من جانبه، أشار إمام «المجمع الإسلامي الثقافي»، الشيخ باقر بري، إلى أن تكريم طرفة يندرج ضمن الاحتفاء بالثقافة في المجتمع العربي الأميركي بمنطقة ديربورن، لافتاً إلى أن المحتفى به «هو علم من أعلام ساحتنا الثقافية، ومفكر من مفكري جاليتنا الفاعلة المتفاعلة».
وأوضح بري بأن البروفسور طرفة ليس مجرد كاتب لامع، أو أستاذ جامعي مرموق، وإنما يرقى إلى درجة المفكر الإسلامي الملتزم، والعامل المخلص الدؤوب في أوساط جالياتنا العربية والإسلامية. وقال بري: «إن طرفة لا يشكل أبرز ملمح من ملامح حركتنا الفكرية الناهضة فحسب، بل هو من ألمع نجوم هذه الحركة الواعية والمتجددة».
وأثنى الشيخ بري على الأعمال الكاملة لطرفة، والتي استغرقت منه ثلاثة عقود من العمل والبحث والتفكير، من أجل إثراء نفوسنا وأرواحنا، وإثراء «مكتبتنا الإسلامية بهذه المنظومة الفكرية والعقائدية المتآزرة».
كما أشاد بري بأهمية التأليف باللغة الإنكليزية من أجل استقطاب الأجيال الجديدة من العرب والمسلمين الأميركيين، الذين لا تسعفهم قدراتهم العربية على دراسة الإسلام والتعمق فيه، من خلال مصادره الأصيلة، منوهاً بأن التأليف باللغة الإنكليزية في حقول الفكر والمعرفة والعقائد، كان «حلماً» للكثير من المؤسسات الإسلامية في منطقة ديترويت.
وأشار إلى أن إنتاجات طرفة تنطوي على العديد من المزايا والطروحات الإسلامية الأصيلة، وفي مقدمتها، نبذ العنف والتعصب والتفرق، والدعوة إلى التآخي والرحمة والتسامح، واصفاً طرفة بأنه «مهندس جسور بين الديانات، ومصمم طرق داخل الدين الإسلامي، بين المذهبين الشيعي والسني».
وتزداد أهمية النتاج الفكري والمعرفي لطرفة، من خلال تمرسه في الدراسات الأكاديمية، وتضلعه بدرجة مدهشة في البحوث العلمية للدراسات الإسلامية، التي لا تتأتى إلا لمن تعمق فيها في الجامعات والحوزات، بحسب بري.
وفي كلمة باللغة الإنكليزية، روى طرفة جانباً من طفولته التي شهدت أولى خطواته نحو تعلم العربية بدون معين، منوهاً بأن اهتمامه بدراسة الإسلام بدأ في مرحلة اليفاعة التي أصر خلالها على مواصلة التعلم والبحث رغم ندرة المصادر الإنكليزية والمؤسساتية في منطقة ديترويت، في ذلك الحين.
وقال: «لقد تعلمت الأبجدية العربية ولم يكن بمقدور والديّ مساعدتي كثيراً، لكن أبي أعانني على قراءة القرآن، وفيما بعد كان للشيخ باقر شري أكبر الفضل في مساعدتي على شق طريقي في هذا المجال الذي واصلت العمل فيه بعض المشايخ الآخرين، مثل الشيخ عبداللطيف بري».
وأكد بأن مبادئ الإسلام الصافية وعقيدته السمحاء كان لها الأثر الأكبر في مواصلة رحلة التأليف الفكري والمعرفي، منوهاً بأنه يضع –حالياً– اللمسات الأخيرة على كتابه التاسع، الذي سيصدر في أقرب وقت.
وشدد على أن مفهوم «الإيمان» في الأديان السماوية، وفي عموم الأديان الأخرى، هو ركن مركزي في الشخصية الإنسانية التي لن تستقيم بدونه، وقال: «إن الإيمان هو أحد العناصر الأساسية في استقرار الإنسان نفسياً وروحياً، وفي إحلال الإخاء والسلام بين البشر أجمعين».
Leave a Reply