“ويكيليكس-بري” يعصف بـ “14 آذار”.. وترقب لتموضع جنبلاطي جديد
بيروت – خرق البطريرك الماروني بشارة الراعي جدار السجال السياسي الروتيني في لبنان فشغل الأطراف المحلية والدولية (بوسائل إعلامها) بتصريحاته اللافتة من فرنسا، والتي تصب في خانة قراءة عقلائية لوضع الأقليات في الشرق على ضوء الاحداث الجارية في المنطقة وخصوصا في سوريا.
وعلى الرغم من الحملة التي شنتها الأقلية والضغوط الدولية التي بدت واضحة في كلام السفير الفرنسي في بيروت حين أعلن انه سيستوضح بطلب من حكومة بلاده مواقف الراعي، بدا البطريرك متمسكا بأقواله رافضا التراجع عنها، ما يؤكد قناعاته بالخيار الذي اتخذه والذي من شأنه ان يرسم توازنا جديدا في المشهد المسيحي في الشرق عموما.
وكان الراعي قد أطلق سلسلة مواقف خلال زيارته الى فرنسا كان أبرزها تأييده للإصلاح في سوريا ورفض العنف، معربا عن تخوفه من ثلاثة امور بما يخص الوضع في دمشق:
– وصول تنظيمات متشددة الى السلطة في سوريا.
– نشوب حرب اهلية في سوريا.
– التقسيم وتفتيت العالم العربي الى دويلات مذهبية.
أما في ما خص سلاح “حزب الله”، فكان الراعي حازما في القاء الكرة في ملعب “الاسرة الدولية” حين أعلن أن “المسؤولية تقع على الاسرة الدولية”، مضيفا “قوموا بواجبكم وانزعوا ذرائع الحزب بأن أرضنا محتلة وضد التوطين، وعلينا البقية”.
وكشف الراعي عن أنه توجه للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالقول: “هل محكوم علينا أن تبقى إٍسرائيل على قلبنا والفلسطينيون هنا؟ ترموننا في النار وتقولون لنا إنكم تحتـرقون؟” وأشار الى أنه لم يربط نزع السلاح بحق العودة، “وإنما حزب الله يقول إنه ضد التوطين فليقم إذاً المجتمع الدولي بمهمته ويطبق القرارات الدولية وينزع ذرائع حمل السلاح”. واستغرب الراعي اتهامه بالتخلي عن ثوابت بكركي، لافتاً الانتباه الى “ان بكركي لم تقل يوماً بالعداء لسوريا والبطريرك صفير لطالما طالب بأحسن الجيرة معها”.
وبعد عودته من باريس، أعرب الراعي عن اسفه لكون معظمنا “ينظر الى الأمور بسطحية”، في رد غير مباشر على اصوات علت من قوى “14 آذار” تنتقد مواقفه الأخيرة، علما ان هجوم الأقلية على البطريرك لم يلبث ان يصطدم بتحفظ “حزب الكتائب” وعدد من الشخصيات المسيحية، بينما كان الجنرال ميشال عون اول المسارعين لاحتضان موقف بكركي السياسي بزيارته الراعي فور عودته الى البلد. كما حظيت مواقف الراعي بدعم من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي اعتبر ان مواقف الراعي “تصب بمصلحة لبنان وهو ليس بحاجة الى احد للدفاع عنه”.
وفي امتدادات احداث سوريا وتأثيرها في المشهد المحلي، برز لقاء الرئيس السوري بشار الأسد بوزير الدفاع فايز غصن وتقدير الأول “للجهود الكبيرة التى يقوم بها الجيش اللبناني بالتنسيق مع نظيره السوري لضبط الحدود بين البلدين والتي أسفرت مؤخرا عن افشال الكثير من محاولات تهريب شحنات من الأسلحة التي تستهدف أمن واستقرار البلدين”.
على مسار مواز، كان الرئيس نجيب ميقاتي يقطع الباب امام احتمال استغلال قوى “14 آذار” لقضية تمويل المحكمة الدولية، مؤكدا التزامه بالقرارات الدولية “حتى قيام الساعة”، في حين نشطت المساعي لاخراج ملف تمويل المحكمة بشكل يتناسب ومصلحة السلطة الحالية وبما يحمي علاقة لبنان بالمجتمع الدولي.
وكان لافتا صمت “حزب الله” تحديدا حول ملف التمويل حتى الساعة، في حين شنّ العماد ميشال عون هجوماً حاداً على الرئيس نجيب ميقاتي رداً على ما أورده الأخير في مقابلة تلفزيونية حول الموظفين من الطائفة السنّية.
ويبدو ان عون يتجه لتسجيل موقف معترض في ملف تمويل المحكمة الدولية التي اعتبرها بمثابة “تهريبة، لم تمر لا على رئيس الجمهورية، ولا على مجلس النواب، إضافة الى أنّها أُقِرَّت وفقاً للبند السّابع”.
استدارة جنبلاطية جديدة؟
مرة جديدة، يشغل النائب وليد جنبلاط اللبنانيين الذين اعتادوا تقلباته واساليبه. هذه المرة قرر جنبلاط ان يقترب “بضعة سينتمرات فقط” باتجاه طروحات قوى “14 آذار” ازاء سلاح المقاومة وأحداث سوريا، حيث رفض ربط مصير لبنان بتحرير مزارع شبعا.
ولئن اختلفت تقييمات الاكثرية ازاء موقف جنبلاط ما بين داعٍ الى التريث بانتظار تكشف حقيقته وبين غامزٍ من تكتيكاته المعروفة، اكتفى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، في رد غير مباشر على جنبلاط، بالدعوة الى عدم الانسياق “وراء معادلات الآن لا تسمن ولا تغني من جوع”.
في هذه الأثناء، وكما كان متوقعا، شرع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في كشف المفاوضات السياسية إبّان حرب تموز 2006، ناقلا الى الرأي العام صفحات جديدة مما اراده بعض الداخل آنذاك ومما كان يخطط للبنان. ويحظى كل من سمير جعجع وفؤاد السنيورة وسعد الحريري بحصة الأسد من “ويكيليكس بري” الذي كشف أن جعجع كان قد “تنبأ” في احدى جلسات الحوار في 14 آذار 2006 بقرب وقوع حرب اسرائيلية، بينما لم يخفِ سعد الحريري امتعاضه من ما أسماه “اختراع مزارع شبعا”.
اما السنيورة فكان قائد جوقة خصوم المقاومة في الداخل، الى حد اتهامه السيد نصر الله بأنه “خدعنا” عندما علم بعملية اسر الجنديين الاسرائيليين.
Leave a Reply