ديترويت – خاص “صدى الوطن”
استقبلت الجالية العربية الاميركية في منطقة ديترويت، الأسبوع الماضي، البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك اللاتين في الاراضي المقدسة، الأردن، فلسطين، بالاضافة الى قبرص. وأقيمت على شرف الضيف، الذي استمرت زيارته ليومين، عدة مناسبات شارك فيها العديد من الشخصيات والممثلين عن الجاليات العربية المختلفة وفي مقدمتها الجاليات الاردنية والعراقية والفلسطينية، اضافة الى رئيس وأعضاء “مجلس اتحاد رام الله”.
وتسلم غبطة البطريرك مفتاح مدينة ساوثفيلد من رئيسة البلدية بريندا لورنس، في حفل استقبال أقيم في المدينة، كما وجه عضو الكونغرس الاميركي غاري بيترز رسالة ترحيبية للبطريرك قرأتها المحامية كاثي قاقيش.
وفي بداية الاحتفال، ألقى المطران ابراهيم ابراهيم، مطران الكلدان في أميركا الشمالية، كلمة ترحيبية اعرب فيها عن سعادته الفائقة بالزيارة موكداً ضرورة استمرار التواصل بين الجالية في أميركا من جهة والأوطان الام من جهةٍ اخرى، وان مثل هذه اللقاءات تساهم بتقوية وتمتين العلاقات التي تربط المغتربين باوطانهم الاصلية.
وتتابع على الحديث امام غبطة البطريرك مجموعة من الشخصيات العربية الاميركية من بينهم الاب الدكتور جورج شلهوب، راعي كنيسة “سانت ماري” للروم الارثودوكس، الدكتور راتب حداد، المهندس كايد مصاروة، جوزيف حتر، ورئيسة اتحاد رام الله في الولايات المتحدة وكندا السيدة تيري الأحول.
وألقى غبطة البطريرك الطوال كلمة جامعة استهلها بمعلومات عن سبب الزيارة التي جاءت للمشاركة في مؤتمر لجنة رؤساء الاديان في الشرق الاوسط بدعوة من الخارجبة الاميركية (في واشنطن)، وتشمل اللجنة ممثلين عن الاسلام والمسيحية واليهودية، وتم تأجيل المؤتمر في الايام الاخيرة بسبب عدم قدرة ممثل وزارة الاوقاف الفلسطينية على المشاركة في المؤتمر، لقرب موعد تقديم العضوية في الهيئة العامة للامم المتحدة. كما ترأس الطوال في زيارته الى أميركا حفل تنصيب “فرسان القبر المقدس” في ولاية ساوث داكوتا.
وقال الطوال في كلمته “فضلنا القيام بزيارة رعوية تفقدية لرعايانا في كل من لوس انجلوس وسان فرانسيسكو وهنا اليوم في ديترويت، وذلك وفقاً لتوصيات سينودس أساقفة الشرق الاوسط الذي عقد في روما السنة الماضية والذي دعى الرعاة لتفقد رعاياهم في المهجر، وتوصيته للمؤمنين في المهجر بعدم نسيان كنائسهم الام والمحافظة على روح الانتماء وترجمته واقعيا وعمليا من خلال الزيارات والمساندة المعنوية والمادية”.
وتابع الطوال “قمنا باعطاء العشرات من المحاضرات خلال الايام الماضية، وعقد الكثير من جلسات النقاش اضافة الى العظات في الصلوات اليومية التي خصصناها للحديث عن الارض المقدسة ونستطيع وحدنا ان نغطي مثل هذه التحديات لايصال الصوت العربي للمجمتع الاميركي، وان كانت وسائلنا من انجح الوسائل لأنها تتم من خلال الكنائس في الغرب، والكنائس الغربية هي متضامنة معنا ومع قضايانا بالكامل، الا بعض الجماعات التي تستند الى رؤية مخالفة”.
وعن المساعي القائمة للحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق الاوسط والأراضي المقدسة، قال غبطته: “سينودس الاساقفة للشرق الاوسط حدد آلية العمل على زيادة وعي وادراك المؤمنين لهويتهم كعرب مسيحيين، وعلى ضرورة قبولهم لهويتهم رغم الصعوبات والتحديات التي يواجهونها”. وأضاف “منذ اعادة تأسيس البطريركية اللاتينية في القدس في العام 1843 الى يومنا هذا، تعيش الكنيسة ومؤسساتها على مساندة الكنيسة الكاثوليكية في العالم كما هي الحال مع جمعية فرسان القبر المقدس، ومؤسسة “كاريتاس” الكاثوليكية، وبعض المؤسسات الكنسية الكاثوليكية الاخرى، ولكننا في الاساس نعتمد على مشاركة ابنائنا في تحمل مسؤولية كنيستهم ودعمها ومساندتها. من خلال جولاتنا المتعددة، لاسيما هنا في الولايات المتحدة، قمنا بالاتصال المباشر مع رعايانا في المهجر ودعوناهم لاخذ دورهم في دعم ومساندة الكنيسة المحلية للقيام بواجباتها تجاه ابنائها وتجاه الوطن، وقد وجدنا تجاوبا ايجابيا نأمل ان يتحقق عمليا في دعم برامجنا لاسيما مشروعنا الكبير في تأسيس وبناء الجامعة الاميركية في مأدبا”.
وعن اوضاع وأحوال المسيحيين في الاراضي المقدسة، قال غبطته: “يجب التذكير بأن المسيحيين ليسوا جالية وانما هم جزء لا يتجزأ من الشعب ككل، ولا نقبل المزايدة علينا في المواطنة، وبالتالي على المسيحي ما على اخيه المسلم من واجبات وله ما لهم من حقوق، وبالتالي من الطبيعي ان يتألم المسيحي اسوة باخوته المواطنين من واقع الظلم والاحتلال ومن الضائقة الاقتصادية وعليه قبولُ دعوته ضمن هذا السياق. دعوتنا لهم (المسيحيين) هي لقبول هويتهم والثبات فيها مهما كانت الصعاب، لأن هنا تكمن جذور إيماننا، وهنا علينا الشهادة لها”.
اما فيما يخص حجم الوجود المسيحي في الشرق الاوسط عامة فهناك ما يزيد عن 16 مليونا موزعين في كافة دول الشرق الاوسط، حسب الطوال، الذي قال انه “في المملكة الاردنية الهاشمية هناك ما يزيد عن 250 الف مسيحي أردني، عدا عن الاجانب والعاملين في المملكة من مختلف الجاليات، بينما في فلسطين المحتله (تحديدا في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة وغزة هناك حوالي 50 الف مسيحي، وفي اسرائيل يوجد حوالي 150 الف مسيحي من عرب اسرائيل عدا عن الاجانب العاملين في البلاد”. وقال الطوال “عدداً، نحن قلةٌ ونسبتنا لا تتجاوز 4 بالمئة في الاردن، ١.٥ بالمئة في فلسطين، وهنا تكمن رسالتُنا رغم قلة العدد اذ ان دعوتنا ان نكون نورا للعالم وبمثابة الخميرة في العجين وملحاً للارض”، واختتم غبطتهَ عما يتردد من ازديادٍ للمخاوف التي تهدد الوجود المسيحي في الشرق الأوسط قائلاً: “مشاكلنا ليست نابعة من اساس ديني وانما هي انعكاس لحالة عدم الاستقرار والشعور بالغبن والظلم والفقر في معظم بلاد الشرق الاوسط وهذا ما دل عليه ما يسمى بالربيع العربي، وحالات القتل العشوائية في العراق مثلا، هي حالة فوضى امنية ضحيتها المسلم قبل المسيحي، ومعظم حالات ما يسمى بالاضطهاد في مصر هي عبارة عن نزاعات قبلية بين قرى وفي اغلبها ناتجة عن حالة احتقان اجتماعي وليس دينياً، وعليه فاننا نرفض مقولة الاضطهاد الديني في الشرق، ونرجع كافة المشاكل الموجودة الى اسباب اجتماعية بحته، آملين ان يفرز ما يسمى بـ”الربيع العربي” حالة استقرار سياسي واجتماعي لجميع المواطنين، اضافة الى بناء اطر الدولة الحديثة المبنية على الحقوق، والمشاركة والديمقراطية”،
وأثناء حفل العشاء الذي اقيم على شرف غبطة البطريرك في ساوثفيلد، أدت الطفلة الاردنية الاميركية مادلين حداد مجموعة من المعزوفات والألحان والترانيم على البيانو نالت إعجاب الحضور. كما اقيم احتفال ديني كبير بعد ظهر يوم السبت الماضي، شاركت فيه الجاليات الاردنية والفلسطينية وعدد من الأميركيين. وكانت رسالة البطريرك الطوال لهم جميعاً بالاستجابة لدعوته لهم لزيارة الاراضي المقدسة، الأردن وفلسطين.
Leave a Reply