حسن خليفة – «صدى الوطن»
فـي خطوة تهدف الى النهوض بأسعار المنازل فـي أحياء ديترويت، أعلنت بلدية المدينة الشهر الماضي عن إطلاق مبادرة جديدة تعود بموجبها خمسة مصارف كبرى إلى التسليف العقاري فـي ديترويت وذلك لأول مرة منذ أزمة العام ٢٠٠٨ التي أدت الى انهيار أسعار المنازل فـي المدينة. وقال رئيس البلدية مايك داغن فـي معرض إعلانه عن المبادرة، إن هذه الخطوة من شأنها إن «تغير قواعد اللعبة فـي المدينة».
وبموجب المبادرة الجديدة، سوف يكون بإمكان الراغبين بشراء منازل فـي المدينة الحصول على قرض عقاري (مورغدج) من خلال برنامج «ديترويت هوم مورغدج»، كما سيتاح لأصحاب المنازل الحاليين فرصة الحصول على قرض لإصلاح ممتلكاتهم أو إعادة تمويلها عبر المصارف الخمسة المنضوية تحت المبادرة.
وأكد المسؤولون أن تصميم البرنامج يهدف لإزالة واحدة من أكبر العقبات أمام ملكية المنازل فـي ديترويت، والمتمثلة بغياب صفقات بيع يمكن المقارنة بها لتخمين سعر المنزل (أبرايزل)، حيث تلجأ المصارف عادة الى مقارنة العقار المعروض للبيع بأحدث الصفقات التي اتمت فـي المنطقة المحيطة للتوصل الى سعر تقريبي، ولكن بما أن المصارف تمتنع منذ سنوات عن توفـير القروض فـي ديترويت فإن ذلك يعني تقريباً أنه لا وجود لمنازل يمكن المقارنة بها أصلاً. وهذه الثغرة جعلت من الصعب على الناس شراء منازل فـي ديترويت، بغض النظر عن الدخل أو تاريخهم الائتماني، كما أكد داغن فـي مؤتمر صحفـي فـي منزل بيع مؤخراً فـي شمال غربي ديترويت مع مسؤولين من المصارف المشاركة للإعلان عن المبادرة الجديدة.
وأحاط بداغن ممثلون عن البنوك الخمسة وهي: «تالمر» و«ليبرتي» و«فـيرست ميريت» و«هانتنغتون» و«فلاغستار» ومندوب عن مؤسسة «كريسغي» التي سوف تقوم بتغطية القروض البنكية.
وكشف داغن عن ان ٣٠٠٠ من المنازل تم بيعها فـي ديترويت خلال عام ٢٠١٥، ٥٠٠ منها فقط بيعت عبر «المورغدج».
خطوة حاسمة
وقال داغن «نحن على ثقة بأن البرنامج الجديد سيزيد من وتيرة تملك المنازل فـي ديترويت وهذه المبادرة هي حاسمة لإعادة بناء أحياء المدينة». وأضاف أنه «مع فرصة الحصول على قرض عقاري لأصحاب المنازل والمشترين الجدد المؤهَّلين، تكمن فرصة حقيقية لشراء وترميم المنازل فـي المدينة وجعلها بيوتاً صالحة للأسر والعائلات».
وأردف «إن قيمة العقارات (المنخفضة) تثير الإحباط مقارنة بعودة النهضة الاقتصادية لمدينتنا».
واستطرد داغن بالقول ان «القروض ستكون تقليدية وهي مصممة لذوي الدخل الثابت الذين يتمتعون بمجموع إئتماني (كرديت) يتخطى ٦٤٠ نقطة». وأضاف أن هؤلاء «يمكنهم بسهولة شراء المنازل فـي الضواحي ولكنهم يتعثرون فـي ديترويت»، حيث لا تزال قيمة المنازل اليوم دون ٥٠ بالمئة عما كانت عليه فـي عام ٢٠٠٧.
وتدعم القروض العقارية الجديدة بضمانات من شركة «فورد» ومؤسسة «كريسغي» وغيرها من المجموعات المالية، التي أنشأت صندوق تعاضد بقيمة ٧٥ مليون دولار لتعظية القروض الأولى (فـيرست مورغدج) و٤٠ مليون دولار للقروض الثانية (سكند مورغدج). ومن خلال هذا البرنامج، سيتمكن المشترون المؤهلون من الذهاب إلى أي من البنوك الخمسة والحصول على قرض عقاري بما لا يقل عن نصف قيمة المنزل قبل العام ٢٠٠٨.
ومن الشروط المفروضة على المشترين أن يتوفر لديهم دفعة أولى لا تقل عن ٣،٥ بالمئة من قيمة القرض المطلوب.
اما الأربعون مليوناً الاخرى فمصدرها المؤسسات والمجموعات الأخرى لتوفر الحماية للمقرضين اذا ما قرر أصحاب المنازل التخلي عن دفع قروضهم لأسباب طارئة مثل فقدان الوظيفة أو وقوعهم فـي مرض خطير.
قروض بأعلى من سعر السوق
الهدف، كما أشار داغن، هو توفـير القروض العقارية للأشخاص الذين كانوا محرومين من المشاركة بسوق الإسكان فـي المدينة، ولكن أيضاً البرنامج يهدف على المدى البعيد الى رفع أسعار المنازل فـي أنحاء المدينة حيث سيتم توفـير قروض بسعر أعلى من أسعار السوق الحقيقية.
مؤكداً أن «هذا البرنامج هو مخصص للأشخاص الذين يمكنهم أن يحصلوا بسهولة على القرض العقاري فـي ساوثفـيلد أو وورن أو فارمينغتون أو ريدفورد والذين يجبرون على الابتعاد عن ديترويت لأن البنوك لا توفر قروض «المورغدج» فـيها». ويمكن الاطلاع على تفاصيل برنامج القرض المنزلي فـي ديترويت على الموقع الالكتروني: www.detroithomemortgage.org.
أطراف متنوعة
وقد سلك المشروع حسبما قال المشاركون، مساراً معقداً للغاية قبل ان يصل الى بر الأمان ويصبح المشروع الأول من نوعه.
وتبلورت الفكرة بعد يومين من الاجتماعات فـي دنفر الصيف الماضي من ضمن مؤتمر «مبادرة كلينتون العالمية»، وهو برنامج وضع من قبل مؤسسة كلينتون، وهي منظمة خيرية أسسها الرئيس السابق بيل كلينتون. وحضرت عضوة فريق كلينتون السابقة وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية، دونا شلالا، وهي الرئيسة الحالية للمؤسسة، المؤتمر الصحفـي الذي عقده داغن.
فـي دنفر، اجتمع ممثلون عن البنوك والجهات الحكومية والمؤسسات فـي لقاءات مغلقة مكثفة حول كيفـية معالجة مشكلة تقييم العقارات فـي ديترويت. وقال ستيفن ستيناور، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفـيذي لبنك «هانتنغتون» فـي نهاية المطاف، انه بعد أشهر من التحقيق والذي ضمن طلب المراقب المالي الفدرالي بالتخفـيف من صرامة قواعد الإقراض العقاري بعد انهيار سوق الإسكان».
«هذا هو الحل لبلوغ نهاية سعيدة» صرح ستايناور، وأضاف «تعاني القيمة العقارية من الانخفاض الشديد بالأسعار. وبمجرد الحصول على سوق عقاري فـي الاحياء تعود القيم العقارية إلى ما كانت عليه بشكل طبيعي وأعتقد أنها سوف تعود للانتفاخ… المدينة بحاجة إلى وجود سوق عقاري مزدهر من اجل الحفاظ على مستقبل عظيم على المدى الطويل».
«هذا هو الحل الإبداعي لتنشيط الأحياء فـي ديترويت»، أضاف ستايناور، وتابع «ومن خلال شراكتها مع المدينة، انضمت البنوك المحلية لجهود إعادة إعمار أحياء ديترويت وجعلها صالحة للسكن عبر إزالة عقبة التمويل للشراء والتصليح».
وقال ساندرو دينيللو الرئيس التنفـيذي لبنك «فلاغستار» إن المصرف -ومقره ميشيغن- حقق أرباحاً بقيمة ٣٠ مليار دولار من القروض العقارية فـي جميع أنحاء البلاد خلال العام ٢٠١٥. وتابع بالقول «إنه أمر مثير للسخرية ألا نوفر القروض العقارية فـي ديترويت».
أما فرانك ألتمان، الرئيس والمدير التنفـيذي لـ«صندوق مينيابوليس»، والذي سوف يدير البرنامج، فوصف الجهود العقارية المبذولة حالياً بأنها «ستغير قواعد اللعب فـي ديترويت وغيرها من المدن الأميركية التي تتعامل مع أزمة انهيار أسعار الممتلكات العقارية». وصرح ريب رابسون رئيس مؤسسة «كريسغي»، الذي تعهد بستة ملايين دولار للبرنامج، ان المشروع هو «ابتكار لطريقة جديدة للعمل فـي ديترويت، حيث كل قطاع من قطاعات المجتمع وكل مستوى من مستويات الحكومة يبذل الجهد للتغلب على مشكلة كبيرة».
من جهته اعرب الحاكم ريك سنايدر عن اعتقاده بأنّ برنامج التمويل العقاري الجديد يمثِّل نقطة تحوَّل هامة فـي الانتعاش فـي ديترويت معتبراً أن الإعلان عن البرنامج يعتبر «رسالة كبيرة».
وأشاد حاكم الولاية بالبرنامج فـي بيان صحفـي، مشيراً إلى «أن المبادرة هي مثال على ما يحدث عندما يتكاتف القطاعان العام والخاص معاً لمساعدة الأحياء وازدهارها».
ويجب على المقترضين من برنامج القرض السكني فـي ديترويت حضور صفوف تدريبية حول شراء البيوت وتتضمن الدروس معلومات عن المخاطر المالية المعنية بالاقتراض بأكثر من القيمة الحقيقية للمنزل.
Leave a Reply