بلال شرارة
آخر الحروب الاحتلالية الاسرائيلية ضد الفلسطينيين هي حرب «السعتر» إذ لا يكفـي سلطات الاحتلال الاسرائيلي احتلال المناطق الفلسطينية واعتقال نحو 6000 فلسطيني وتدمير قطاع غزة خلال حرب 51 يوماً قبل عامٍ من الآن واطلاق المشاريع الاستيطانية المدانة دولياً، حتى كانت آخر الحروب ضد «السعتر» الفلسطيني الذي ينتشر على مساحة عدد من القرى الفلسطينية، وحيث يحاول الفلاحون الفلسطينيون زيادة امكاناتهم ومصادر دخلهم عبر زراعة مساحات من أراضيهم التي سلمت من المصادرة والاستيطان.
زراعة الحمضيات كانت تطغى على الاراضي الفلسطينية، ولكن كلفة هذه الزراعة لم تعد تعوض الانتاج حتى أن الأرباح الضئيلة لم تعد تكفـي كمصدر رزق.
زراعة مساحات واسعة من السعتر هو اكتشاف لبناني-فلسطيني يستلزم العمل لساعات طويلة ليؤدي الى انتاج محصول جيد.
العمل الزراعي فـي «السعتر» أغنى الكثير من المزارعين الفلسطينيين عن العمل فـي «إسرائيل»، واسرائيل من جهتها لا تكتفـي بمصادرة الاراضي لمنع الانتاج الفلسطيني، وانما تقوم بمنع زراعة بعضها بدعوى تعريض أمن جزر الفصل العنصري للخطر.
نشير الى إقدام المزارعين الفلسطينيين على استصلاح المزيد من الاراضي وقلع اشجار باتت لا تغني من جوع، وتحويلها الى مساحات لزراعة السعتر، حتى أن قرية مثل قرية «فلامية» الفلسطينية الواقعة فـي قضاء قلقيلية شمال الضفة تستوعب نحو 150 يد عاملة من القرى المجاورة للعمل فـي موسم القطاف.
لقد بات السعتر عنواناً للصمود الفلسطيني فـي الارض وهو تحول من مادة جبلية كنا نسعى فـي جنوب لبنان وفلسطين للبحث عن «جبوبها» بين («صرابيخ» الصخور وهي اليوم باتت زراعات مروية صالحة للبيع والتصدير.
المصادر الفلسطينية ومثلها فـي جنوب لبنان تؤكد ان محاصيل السعتر زادت خمس مرات وأصبح السعتر مطلوباً ليس للأفران والمناقيش فحسب، بل للتعاونيات، وكمادة طبية، حيث أن للسعتر فوائد جمة اضافة الى احتوائه على كميات من الزيوت.
ثلاثة مواسم من «السعتر» المروي كل عام وفق عمل منظم، والشتلة تقطف نحو سبع مرات حيث تقطف الشتلة مرتين فـي فترة اخضرارها وخمس مرات فـي فترة جفافها ليصار الى طحنها وبيعها بأسعار جيدة.
يقال ان انتاج الدونم الواحد من السعتر بين شقيه الاخضر واليابس يصل الى ثلاثة اطنان ونصف، ويصل دخل الدونم الى نحو ستة آلاف و500 دولار.
«السعتر الجنوبي» وصل الى اسواق ديربورن، وربما وصل ايضاً السعتر الفلسطيني.
الآن سلطات الاحتلال الاسرائيلية تحاول تعويض هذه الزراعة وتحاول أن تضع يدها عليها وتحويلها الى «منتج اسرائيلي»، أما فـي لبنان فلا أحد يدعم هذه الزراعة.
من شتلة التبغ فـي جنوب لبنان الى شتلة السعتر فـي فلسطين، هل ينتصر الاخضرار على اليباس والعقم السياسي؟
Leave a Reply