ناهز سعر تنكة البنزين في لبنان هذا الأسبوع الأربعين الف ليرة، أي ما يعادل 8 في المئة من نسبة راتب أجير يتقاضى الحد الأدنى للأجور! ومع ذلك لم تتحرك الدولة ولا الشعب باتجاه إحداث تغيير في ملف معيشي حيوي تطال تبعاته كل عائلة لبنانية.
وكأن الغلاء وارتفاع الأسعار لا يكفي اللبنانيين الذي اكتشفوا مؤخرا أن رواتب جميع الموظفين في القطاع العام في مهب الضياع نتيجة التأخر في بت مشروع القانون المعجل المتعلق بالإجازة للحكومة إنفاق مبلغ 8900 مليار ليرة، بعدما حال تعطيل قوى “14 آذار” النصاب في مجلس النواب دون إقراره خلال مهلة 40 يوما من تلاوته، بالتوازي مع رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان التدخل واستخدام صلاحيته الدستورية بتوقيعه وإصداره بمرسوم.
امام هذا الواقع الذي يتكشف يوما بعد يوم عن غياب مفهوم الدولة في ادراك المسؤولين، امام أصحاب الربط والحل حلا أحلاهما مر: إما الإعلان عن عجز الدولة عن صرف الرواتب، وإما الصرف وفق مخالفة دستورية جديدة قد لا يُمكن تفادي تداعياتها على النظام المالي الرسمي.
ويتولى تيار الإصلاح والتغيير مثلا بشخص رئيس لجنة المالية النائب ابراهيم كنعان الضغط باتجاه حلحلة الموضوع دستوريا في موازاة الحراك على خط القصر الجمهوري لتشجيع الرئيس على ممارسة صلاحياته، في حين لم يصدر مواقف صريحة عن أقطاب الرابع عشر من آذار تُبرر فعلتهم بتطيير نصاب جلسة النواب التي كانت مخصصة لمناقشة قانون الاجازة للحكومة بانفاق موازنة العام 2012.
في هذه الأثناء، بلغ سعر تنكة البنزين 39 الفاً و700 ليرة مرتفعةً في غضون أربعة أشهر بـ7500 ليرة (٥ دولارات). امام هذا الارتفاع المجنون في سعر البنزين يستعد السائقون العموميون للاضراب والتظاهر في 19 نيسان (أبريل) الجاري، في حين تقدم الاتحاد العمالي العام باقتراح للحكومة من خمسة بنود:
– أولاً: تعزيز خطة النقل العام والشامل في العاصمة والمناطق كافة، والعمل على إطلاقها عاجلاً.
– ثانياً: إعادة قطاع المشتقات النفطية للدولة، وسحب احتكاره من أيدي تكتل شركات النفط.
– ثالثاً: اعتماد استخدام البنزين الأقل كلفة مثل الـ90 أوكتان و92 أوكتان. بعدما اتضح أن هذه النوعية من البنزين تناسب محركات السيارات الصغيرة في لبنان.
– رابعاً: إجازة السيارات العاملة على المازوت والغاز، كونها الأقل كلفة بالسعر وبالنسبة لأضرارها على البيئة.
– خامساً: الغاء الرسوم على البنزين، خصوصا نوعية 95 أوكتان، ريثما يصار الى تنفيذ الاقتراحات الأربعة أعلاه.
غير ان هذا الإقتراح لا يبدو انه لقي صدًى لدى الحكومة التي لم تُحرك ساكنا لمعالجة هذا الملف.
على صعيد آخر، بقي ملف “داتا الاتصالات” مادة للسجال الداخلي، بعد إعادة فتحه في أعقاب محاولة الاغتيال المزعومة لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، حيث يتعرض وزير الاتصالات نقولا صحناوي لهجوم مركّز من قبل قوى “14 آذار” التي تطلب بتسليم كافة المعلومات الموجودة في شبكة الاتصالات لأجهزة التحقيق، في حين يشترط القانون تحديد مطلب واضح وداتا محصورة في هكذا حالات.
بدوره، تناول الرئيس نبيه بري، خلال دردشة مع الإعلاميين، الأوضاع السياسية في البلاد فشدد على ان “قضية النفط في لبنان يجب أن تكون قضية اللبنانيين الأولى”، مؤكدا على أنه من حق المقاومة انتزاع “أي شريط حدودي آخر يقام في البحر إذا لم نستطع بالدبلوماسية أن نصل الى نتيجة ما”.
وعن الأوضاع في سوريا سأل: “ألا تُعتبر إسرائيل عدوا كافيا.. لماذا نحاول إيجاد عدو آخر لنا على الحدود الشمالية؟”.
قضية استشهاد المصور في “قناة الجديد” علي شعبان عند الحدود مع سوريا نالت ايضا حصة واسعة في السجال السياسي المحلي، بعد ان تحول الى عنوان مستجد للمشروع السياسي لقوى “١٤ آذار” التي وجدت في استشهاد شعبان مطية للتصويب باتجاه سوريا، في حين توالت الوفود الرسمية والشعبية الى القناة ومنزل ذوي الفقيد للتعزية، وسط ادانة من جميع قوى “٨ آذار” للحادثة والمطالبة بفتح تحقيق شامل لمعرفة حقيقة ما جرى. وكان لافتا بيان العلاقات الإعلامية في “حزب الله” التي أعربت عن حزنها العميق، مستنكرة “الاعتداء على الإعلاميين الذين يدفعون ضريبة شجاعتهم في تغطية الأحداث”.
Leave a Reply