هل يكون الحديث عنه لفتح موضوع سلاح المقاومة؟
ارتفعت في الفترة الاخيرة التصريحات التي يطلقها قادة احزاب وسياسيون لبنانيون، عن ظاهرة التسلح في لبنان من قبل اطراف لبنانية، وان الاتهامات متبادلة بين الموالاة والمعارضة عن ان كل فريق يقوم بالتدريب والتسليح.وكانت تقارير امنية قد اشارت عن تدريب وتسليح يقوم بهما فريق السلطة، حيث كشفت المعلومات منذ حوالي العامين، بأن «تيار المستقبل» يرسل عناصر منه الى الاردن للتدرب هناك، وكذلك الى الولايات المتحدة، وكان الرد على ذلك انه يجري تدريب وتأهيل عناصر الحراسة الخاصة برئيس «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري ونواب ووزراء منه اضافة الى مسؤولين فيه، لحمايتهم من الاغتيالات، ولا علاقة لهذه التدريبات بإنشاء ميليشيا، الا ان الصراع المحتدم بين قوى 14 شباط و 8 آذار، واستخدام الشارع من الطرفين، وحصول صدامات وعمليات قتل متبادلة، رفع من منسوب لجوء كل طرف الى التدريب والتسلح.وقد رفعت اجهزة الامن لاسيما المخابرات العسكرية في الجيش اللبناني، معلومات الى المسؤولين عن عمليات تدريب وتسليح، ودخول اسلحة الى كل الاطراف اللبنانية، وبعض التقارير تحدثت عن تغطية جهات امنية رسمية لبنانية وصول الاسلحة، وتشير بعض التقارير الى ان احد الاجهزة الامنية المحسوب على تيار سياسي حاكم، يقوم بتطويع عناصر امنية واعطائها سلاح مرخص، حيث ينتمي هؤلاء الى لون سياسي ومذهبي معين، وهذا ما اثار التساؤلات حول هذا العمل.وقد اتهمت احزاب لبنانية في المعارضة فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، انه يقف وراء استحداث مجموعات امنية مدنية مسلحة تحت غطائه، وقد اشار الى ذلك علناً العماد ميشال عون وسأل عن دور فرع المعلومات، وكذلك تساءل الرئيس نبيه بري في حديثه التلفزيوني الاخير عن عمل هذا الفرع الذي تعتبره اطراف في المعارضة ان انشاءه غير شرعي لانه لم ينشأ بقانون.وتكشف اوساط في المعارضة الى ان «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي، بدأوا قبل اكثر من سنة بالتدريبات وتوزيع السلاح، حيث تشير الى ان النائب وليد جنبلاط جهّز حوالي الفي عنصر امني من حزبه في مناطقه واقام امناً ذاتياً ومربعات امنية، تحت ذريعة حمايته من الاغتيال بعد ان تلقى تهديدات بذلك.وذكرت تقارير حزبية للمعارضة، الى ان الاشتراكيين يتدربون في مناطق الشوف وعاليه، وهم تسلحوا وفتحوا مخازن الاسلحة، التي لم يتم تسليمها الى السلطة الشرعية بعد وقف الحرب وحل الميليشيات في العام 1990.اما «القوات اللبنانية» فانها تجري تدريبات في بشري وجرود البترون وجبيل وكسروان، وقد تم رصد مركز تدريب واعتقلت مخابرات الجيش عناصر منها بالجرم المشهود في ادما قبل اشهر. وقد ظهرت العناصر المسلحة من «القوات» والاشتراكيين و«المستقبل» في اثناء الاضراب الذي نفذته المعارضة في 23 كانون الثاني الماضي، وقامت بمواجهة احزاب المعارضة واطلقت النار على عناصرها لمنعها من اقفال الطرقات واشعال الاطارات، وقد سقط عدد منها قتلى وجرحى، كما قتل ايضاً عناصر من فريق السلطة، بالرد عليها.وكان يوم 25 كانون الثاني، هو الذروة حيث وقع الصدام المسلح في احداث جامعة بيروت العربية وسقط عدد من القتلى والجرحى، وكاد ان يتحول الى صراع مذهبي، لانها وقعت بين عناصر من «تيار المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة وحركة «امل» و«حزب الله» من جهة ثانية، وتم حصر الاشتباكات ووقفها بقرار خارجي من السعودية وايران.ومنذ ذلك الوقت، بدأت عمليات التدريب والتسليح تتصاعد، اذ بات كل طرف يعتبر نفسه مهدداً، وتحديداً «التيار الوطني الحر» الذي تم الاعتداء على مكاتبه ومقراته واعضائه في اكثر من منطقة لاسيما يوم الاضراب وقبل ذلك بعد اغتيال بيار الجميل، مما اضطر التيار الى اتخاذ اجراءات للدفاع عن اعضائه ومكاتبه، والقيام ببعض التدريبات وهذا الامر لم يخفيه العماد عون الذي اكد ان تياره هو في حالة الدفاع عن النفس وليس ميليشيا، وانه هو من كشف التدريبات التي تقوم بها احزاب السلطة وبرعايتها، وعندما كان وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت يُسأل عن التسلح كان يرد بأن السلاح الفردي موجود في كل بيت لبناني، ويبرر عمليات التسليح لا سيما عندما كان الاتهام يوجه الى اطراف قوى 14 شباط.والتحذير من التسلح كان اول من اشار اليه الرئيس بري قبل اكثر من سنة، واعاد التحذير منه في ذكرى الامام موسى الصدر في بعلبك، ونبه الى ان البلاد قادمة على الخراب، اذا لم يحصل توافق في انتخابات رئاسة الجمهورية، وقيام شراكة في حكومة وحدة وطنية، حيث سيضطر اي طرف اذا شعر انه معزول عن السلطة والقرار، وان بعض الطوائف مهمشة، سيندفع هؤلاء اولاً الى اللجوء للاعتصام كما فعلت المعارضة في ساحة رياض الصلح، واذا استمر الفريق الحاكم في ادارة الظهر، ولم يرف جفن للرئيس فؤاد السنيورة، فان الوضع الامني سينفجر، وهذا ما تنبه منه كل الاطراف. والتسلح لدى الاطراف اللبنانية، نابع من عدم الثقة التي تسود بين اللبنانيين، والخلاف السياسي العميق والحاد بينهم، وعلى الخيارات الوطنية الاساسية، وصراع المحاور الاقليمية والدولية التي يدورون فيها، وهو ما وقع به اللبنانيون، اذ لم يعد سراً ان كل القوى تعيش حالة القلق على الوجود السياسي والطائفي والمذهبي، وهذا هو المشهد نفسه الذي كان عشية الحرب الاهلية في العام 1975.وان التخويف الذي تقوم به اطراف السلطة من سلاح المقاومة هو الاخطر في الحديث عن التسلح، وان طائفة في لبنان هي الطائفة الشيعية هي الوحيدة المسلحة، وهذا ما اشار اليه بيان المطارنة الموارنة الاخير، وهو موضوع خطير، قد يبرر التسليح لاحزاب وطوائف اخرى، وهذا ما تم تبريره مع تدريب وتسليح حزب الكتائب والاحرار في مطلع السبعينات بوجه السلاح الفلسطيني، ووصل الامر الى الحرب الاهلية.وقد يكون اثارة موضوع السلاح والتسليح لاستكمال تنفيذ القرار 1559 في بند نزع سلاح الميليشيات، وهو ما سيكون عليه برنامج عمل الحكم الجديد مع انتخابات رئاسة الجمهورية، وهذا ما قد يتسبب بحرب وفتنة داخلية.
Leave a Reply