نك ماير – «صدى الوطن»
في إطار الجهود المبذولة لمكافحة معضلة التلوث البيئي في الطرف الجنوبي من مدينة ديربورن، عقد مسؤولون منتخبون وحكوميون اجتماعاً مفتوحاً في «إعدادية سالاينا»، الثلاثاء الماضي، للبحث في سبل معالجة المشاكل الناجمة عن مستويات التلوث القياسية المنبعثة من المصانع الثقيلة المحيطة بحيّ الـ«ساوث أند» في جنوب شرقي المدينة.
وحي الـ«ساوث أند» –أو «ديكس»– هو جيب سكني معزول في قلب منطقة صناعية هي الأكثر تلوثاً في مقاطعة وين التي وصفتها «وكالة حماية البيئة» EPA بأنها فاشلة في تطبيق المعايير الفدرالية المتعلقة بجودة الهواء، في الوقت الذي تنشط فيه منظمات حقوقية ومجتمعية من أجل تعزيز الوعي لدى السكان وتفعيلهم عن طريق توزيع منشورات بأسماء الشركات والمصانع المسببة للانبعاثات السامة، مع إرشادات حول كيفية التواصل مع «وكالة حماية نوعية الهواء»، للتعبير عن معاناتهم من الكابوس الذي تتفاقم مخاطره الصحية، عاماً بعد عام.
وضم الاجتماع الذي أداره الناشط صلاح علي، كلاً من عضو الكونغرس الأميركي النائبة ديبي دينغل (ديمقراطية–ديربورن)، والعضو العربي في مجلس نواب ميشيغن، عبد الله حمود (ديمقراطي–ديربورن) ورئيسة مجلس بلدية ديربورن سوزان دباجة، وعضو المجلس إيرين بيرنز، وعضو مجلس مفوضي مقاطعة وين سام بيضون، إضافة إلى السناتورة في مجلس شيوخ الولاية ستيفاني تشانغ (ديمقراطية –ديترويت)، والمسؤولة في «مكتب العدالة البيئية بميشيغن» ريجينا سترونغ، إلى جانب ملاحظ من مكتب الادعاء العام بالولاية.
وأكد حمود –خلال الاجتماع– على أن «مشكلة التلوث مستمرة منذ عقود في منطقة الساوث أند»، لافتاً إلى أنه يعكف على إعداد مجموعة من مشاريع القوانين لتقديمها إلى مجلس ميشيغن التشريعي، هذا الصيف، «للمساعدة في التصدي للمشكلة» التي يعاني منها سكان الحي، وأغلبيتهم من أصول يمنية.
وأشار إلى أنه سيعقد مؤتمراً صحفياً خلال الأسابيع القادمة، لإلقاء مزيد من الضوء على قضايا المنطقة التي لا تقتصر مشاكلها على التلوث البيئي فقط، وإنما تعاني أيضاً من تهالك البنى التحتية والطرقات، وفي مقدمتها شارع ميللر الذي يتضرر باستمرار من جراء حركة المرور المزدحمة لشاحنات النقل الكبيرة.
ووفقاً لوثائق حصل عليها عضو مجلس ديربورن التربوي عادل معزب، والمحامي كريس بزدوك، فإن مصانع «أي كي ستيل» للصلب مسؤولة لوحدها عن حوالي 532 نشاطاً صناعياً تسبب بزيادة الانبعاثات السامة بنسبة 20 بالمئة، خلال الفترة الأخيرة.
وتعتبر سُحب الأدخنة التي تملأ سماء الساوث أند منظراً مألوفاً واعتيادياً في الحياة اليومية لسكان جنوب شرقي ديربورن، وقد نشرت «صدى الوطن» في 2015 سلسلة من التقارير حول هذه الظاهرة ومخاطرها الصحية المتفاقمة على حياة الناس، تحت عنوان: «النضال من أجل هواء نظيف».
وفي حين أن المشكلة الكبرى لاتزال تتمثل باستمرارية التلوث الذي تسببه المصانع المحلية، فقد أكدت السناتور تشانغ على أن مواصلة الناس العمل من أجل حل هذه المسألة، يمكن أن يساعد في إحداث تغييرات أسرع، وقالت: «ما أعتقده هو أننا بحاجة فعلاً للتأكد من أن الأموال التي تدفعها الشركات (بسبب مخالفتها لمعايير جودة الهواء) تذهب إلى المجتمعات الأكثر تأثراً». وفي الوقت الحالي، تصب الأموال المشار إليها آنفاً في صندوق عام بولاية ميشيغن.
وأشارت تشانغ إلى أن تأسيس صندوق مجتمعي من الأموال التي تدفعها الشركات المخالفة لمعايير الجودة البيئية يمكن أن تستخدم في تقديم خدمات وإحداث تغييرات، تشمل مراقبي جودة الهواء، وإنشاء مصدات خضراء مثل النباتات والأشجار لامتصاص الانبعاثات الملوثة، وكذلك تقييم التأثيرات الصحية، بحسب السناتورة الديمقراطية التي أكدت على أهمية تعيين الحاكمة غريتشن ويتمر للناشطة البيئية ريجينا سترونغ في مكتب العدالة البيئية، المنشأ حديثاً، والذي من شأنه أن يوفر إمكانيات وموارد جديدة لمكافحة التلوث.
من جانبها، أكدت سترونغ تطلعها للعمل مع «فريق يضم جميع إدارات الولاية»، لافتة إلى أنه من الممكن الاستفادة من أمر تنفيذي من الحاكمة لتطبيق برنامج لتفحص جودة الهواء والبيئة بحسب المعايير المعمول بها على المستوى الوطني، وذلك لتحديد الأماكن التي تعاني من الأعباء البيئية المرتفعة، والتي يتأثر سكانها بشكل أكبر، من مخاطر التلوث.
وكانت مجموعة عمل قد التأمت في ميشيغن –العام الماضي– لمناقشة تنفيذ مثل هذه التوصيات، بحسب سترونغ التي أضافت: «إننا ندرك أن هذا المجتمع (الساوث أند) هو واحد من المجتمعات التي –للأسف– تتأثر بشدة من كثافة التلوث»، مؤكدة أن هدف الإدارة الحالية في لانسنغ هو جعل ميشيغن رائدة على المستوى الوطني في مجال الصحة البيئية.
في السياق ذاته، كان التلوث وتهالك البنية التحتية عنواناً حاضراً في العديد من المناقشات والاجتماعات التي جمعت –في عدة مناسبات– مسؤولين محليين، مثل دينغل وبيضون وحمود وآخرين، للبحث في إيجاد حلول لمعاناة السكان المستمرة، وفيما لاتزال بوادر الحلول غير منظورة في المدى القريب، فإن بعض المسؤولين أنفسهم باتوا ضحية لمستويات التلوث المرتفعة في مقاطعة وين بشكل عام.
وبهذا الخصوص، أشارت دينغل التي تقيم بديربورن، إلى أنها أصيبت بمرض الربو قبل نحو عامين. وقالت: «لا أظن أن إصابتي جاءت من العدم» لافتة الانتباه إلى ارتفاع تكاليف علاج الربو في الوقت الذي يعيش فيه معظم سكان الساوث أند تحت خط الفقر.
وأوضح حمود بأن الإجراءات القانونية يمكن أن تشكل وسائل استباقية لتخفيف آثار التلوث، مؤكداً بأنه يعمل على صياغة مشاريع قوانين تلزم بمراجعة مواقع المصانع بيئياً قبل الموافقة على إنشائها. وقال: «إننا نعمل على ذلك، ولكن من الصعب جداً تحقيق تقدم في هذا المضمار، ولهذا فإن تحقيق التقدم من خلال الدعاوى القضائية هو أحد الطرق الرئيسية التي يمكن اتباعها لإحداث بعض التغييرات».
وأضاف: «آمل بأن تكون وزارة البيئة صديقة للمجتمع.. بوجود الحاكمة الجديدة التي يمكن لها أيضاً أن تقوم ببعض التغيير» في إشارة إلى سلطتها التنفيذية.
Leave a Reply