د. عبد الإله الصائغ
العيد عودة الحنين أو العلة، والمُعيِّد الرجل القوي المجرب، والعِيدُ عند العرب الوقت الذي يَعُودُ فيه الفَرَح أو الحزن! وعلة العيد هو التواصل بين الناس بما ينفعهم ويطوِّر حياتهم، فيا أخي في عشق السلام والتعايش اسمح لي أن أخاطبك بمناسبة العيد المبارك!
أخي نحن جميعاً نسعى إلى حياة راقية لكننا نشتغل على تعديل الظل بينما العود معوج.
إن الخوف من تشغيل العقل، والخوف من منهج النقد بات مرضاً عضالاً ومع أننا مسلمون والحمد لله لكننا نخشى تكفيرنا من أبناء ديننا، وذلك يعني نمو الغدة السرطانية يوماً بعد يوم. المذهب عامة –مذاهب كل الملل والنحل والأديان– يقاس على الدين ولا يقاس الدين على المذهب، والدين يقاس على الله ولا يقاس الله على الدين، والله غني عنا وعن طقوسنا المبالغ فيها.
والله محبة والله مغفرة والله قبول كل خلقه والتعامل مع الجميع بروح الله أي بالمحبة والتسامح والاحترام.
إن الغاء الآخر وفق منطق العقل لا يُرضي الله إطلاقاً. وإن إراقة دم الإنسان –أي إنسان– مهما كان المسوغ لا يُرضي الله. الأديان السماوية كلها تُختصر بما يلي: لاتكذب لا تسرق لاتخن لا تغدر لا تغترّ لا تحتقر الضعيف لا تنس الفقير إن كنت ذا مال، لا تنس المحتاج إن كنت ذا حول فلا تنس الضعيف.
هكذا ينبغي فهم الله، نفهمه على أنه يحبنا ولا مسوغ لأن نطلب إليه أن يرزقنا فهو يرزق دون دعاء ولا مسوغ، أن نقول لله إعطنا الصحة فهو رؤوف حنّان غير منّان لا تقاس به محبة الأم المرضعة لرضيعها، إنه الرب ونحن الرعية، فهو كما يقول العقل راع لرعيته لا يغفل مقدار رمشة عين.
نحن نعبد الله بالمحبة والصدق والتسامح واحترام مشاعر الخصم بله دم الآخر.. الرجال تحتاج إلى دين الله ودين الله لا يحتاج أخصائيين بعبادته ولا سفراء ينطقون باسم الرب. لله المشرق والمغرب فلنكلم الله في سرنا فهو يصغي إلينا ولا يشغله عنا شاغل!
هذا العيد، بل طقوس الحج كما يشاع أنها توحد القلوب والخطى، ولكن الواقع أن العداء مستحكم بين أبناء المذاهب الاسلامية (ثمة استثناءات ضئيلة). العداوة مستحكمة منذ ظهور الاسلام، والحروب بين المسلمين أكثر من الحروب بينهم وبين غيرهم! ثم هذه الملايين التي تدخل جيوب العائلة المالكة ونحن ندري كيف تنفق… والعراق واليمن وسوريا وليبيا شواهد عتيدة؟ ماذا لو جمع الحجاج هذه الملايين وبنوا مستشفيات ومياتم وبيوتاً للأرامل والمعوقين وكبار السن ريثما يتم ترشيد أموال الحج؟ ليكن الحج وفق المعتاد ولكن كم حاجاً قبل أن يحج إذا كان مقتدراً وضع مبلغاً في ظرف ووضعه تحت باب رجل محتاج أو عائلة محتاجة؟ هل فكر المسلمون بعمل صندوق مدني قانوني تجمع فيه التبرعات التي تساعد المحتاجين كي يمارسوا حيواتهم مثل بقية خلق الله؟ لا نريد إثارة الحساسيات ونقول انظروا ماذا تفعل الأمم المتحضرة مع المحتاجين (حتى مع من يخالفهم في الدين أو اللسان أو القومية)، الأمم المتحضرة، المتدينة والوثنية!
قال أبو الطيب المتنبي (تُوفيَ 354 هـ) وهو المسلم الكوفي:
عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ
بما مضى أم لأمرٍ فيكَ تجديدُ
Leave a Reply