بلال شرارة
على طاولة الحوار احتشدت الدولة, انعقد الاجتماع الاول والثاني والثالث بناءً لدعوة دولة الرئيس نبيه بري. كذلك انعقد مجلس الوزراء. فليس أمام السياسيين الا الحوار (حوار الضرورة).
وفـي الشارع، العديد من مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والبيئية تستعد لتلبية الدعوات الشعبية للتظاهر فـي الويك أند.
إذن لبنان -كل لبنان- الرسمي والشعبي، احتشد فـي مقامات الدولة وفـي الساحات..
القوى الأمنية تسد الشوارع المؤدية الى مجلس الحوار النيابي والمؤسسات الحكومية.. أما بقية الجماهير (الغفورة) فقد انكفأت الى منازلها هرباً من عواصف الطقس والرائحة وحبست أنفاسها أمام الشاشات.
أعتقد -بل أجزم- أنه لن تكون هناك أية حلول سحرية لأي عنوان. لا النفايات ولا الكهرباء ولا انتخابات الرئاسة ولا قانون الانتخابات.. فنحن لا نحتاج الى اختراعات فـي مجال الاستحقاقات والتشريعات بل يكفـي ان نتطلع الى اي بلد مستقر لنرى ما اجترحه من حلول تشريعية لقوانين الانتخابات النيابيه واللامركزية الادارية والاحزاب وحقوق الجنسية، لنرى كيف يمكن انعاش البلد و«لم شمل» الحكومة.
انظروا كيف تم حل قضايا النفايات فـي مدن كبرى (القاهرة، اسطنبول، ساو باولو ونيويورك..) وهي مدن تعج بملايين مضاعفة تفوق عدد سكان لبنان. نحن بحاجة الى حلول جذرية، لأن المخارج المطروحة حالياً مؤقته وستعلّق الوطن على مسمار جدار الأزمات القادمة فـي بلد مثل لبنان يفتقر حتى الى توحيد المفاهيم الأساسية: الوطن والمواطن والمواطنية والعاصمة والحدود…
أزعم ان كل الصخب القائم والتداولات ستؤدي الى أمر واحد هو للاسف ترسيم وتشريع الفدراليات القائمة، وبعد ذلك سيؤدي الاحباط الفلسطيني والارهاق اللبناني والوقائع السورية والقلق الاردني الى القبول بالتوطين!
لماذا هذا الاستنتاج؟ وهل هو استنتاج متسرع؟
لماذا إذن يتفق الجميع على حل تقسيمي لمشكلة مثل النفايات عبر معالجتها بواسطة البلديات؟ ولماذا حل مشكلة الكهرباء بتوزيعها بين المتعهدين والبلديات؟ ولماذا حل مشكلة مياه الشرب والاستخدام عبر (السيترنات) وخزانات المتنفذين؟ لماذا الامن الذاتي الوهمي مذهبي وطائفـي؟ ولماذا لم تقر سلسلة الرتب والرواتب على المستوى الوطني؟
واقع الأمر الآن أن أزمة الديون مركزية والرواتب والمال كذلك، وسيشمخ دائماً المصرف المركزي بأدواره فـيما المصارف الخاصة والشركات المالية وحتى مكاتب المستخدمات الاجنبيات تواصل حصادها بما فـي ذلك تبييض الاموال وايصالها لمن يلزم.
أزعم اننا سنتفق على بيروت عاصمة مفتوحة لفدراليات طوائف ومذاهب وفئات وجهات, ومجلس نواب نسبي موحد، وجيش موحد, أقول ذلك، لأن نفاد صبر اللبنانيين تأخر كثيراً لاسباب طائفـية ومذهبية وسياسية، ولأن القوى السياسية المشكِّلة للنظام تأخرت فـي انتاج الحلول، ولأن الفساد (الحزب اللبناني الأقوى) سيعمد الى إجهاض المحاسبة وفرفطة المشكلة على قاعدة المطالبة بمحاكمة جميع الرموز السياسية (كلن يعني كلن)، كما أن الدين العام الذي بلغ ٧٠ مليار دولار يدفع الى سياسة الهروب الى الأمام حتى تصبح المبادرة بيد الدول الراعية القادرة على شطب الديون مقابل.
أنا آسف، هذه ما انتجته مخيلتي…
أزعم، اننا نحن اللاشيء الذين نقيم فـي لبنان والمغترب وبين بين، لن يكون بإمكاننا الحفاظ على لبناننا موحد الارض والشعب والمؤسسات.
نحن نحتاج الى وطنٍ حقيقي ننتمي اليه، لا إلى وطن نتغنى فـيه وبالمنجيرة و العنزات، ومجد الارز التليد الذي اهدى الملك حيرام «البنـّاء الاول»، أخشابه الى الملك النبي سليمان مع ما يلزم من يد عامله ماهره لبناء «الهيكل»!
انا ازعم انني لست سارقاً ولا فاسداً بل شاعر حالمٌ لذلك سأتصرف بأنانية واحمي رأسي ما استطعت الى ذلك سبيلاً، وأثرثر عبر الامكنة الحرة والاعلام الورقي والمرئي والمسموع والصفحات الالكترونية من أجل وطن مزدهر قادم.
إلى اللقاء فـي وطنٍ مزدهر قادم!
Leave a Reply