قرية كالكاسكا .. ترفض الصبغة العنصرية وتندّد بتصريحات عمدتها
على بعد مئات الكيلومترات من تجمعات المسلمين الأميركيين الرئيسية في ميشيغن، شهدت قرية كالكاسكا في شمال غربي الولاية، منتصف أيلول (سبتمبر) الجاري، ندوة حوارية ضمت مروحة واسعة من المسؤولين والنشطاء ورجال الدين المعارضين لخطاب الكراهية الذي أطلقه عمدة القرية ضد المسلمين داعياً عبر «فيسبوك» إلى إبادتهم.
الندوة جاءت بدعوة من منظمة غير ربحية نشأت حديثاً في كالكاسكا لنشر التوعية والتفاهم، رداً على مواقف عمدة القرية، جيف سيتينغ، الذي يصر على عدم الاعتذار عن تصريحاته العنصرية وحضّه على العنف ضد المسلمين.
وتأسست منظمة «كالكاسكا من أجل السلام» (كاي أف بي) في تموز (يوليو) الماضي، واضعة في صلب أولوياتها «تبديد الصورة السلبية عن القرية وتصحيحها»، وفقاً لرئيسة المنظمة إليزابيث دونهام (٢٧ عاماً) التي أشارت إلى أن أعضاء المنظمة أدركوا «الحاجة الشديدة للبدء في تعزيز التوعية والتواصل» للتصدي للعنصرية المتمثلة بتصريحات عمدة القرية الذي تسببت «بمغالطات وسوء فهم خطير بين الجيران وأبناء المجتمع المحلي حول الجماعات الدينية والعرقية المختلفة»، على حد قول دونهام لـ«صدى الوطن».
وتقع قرية كالكاسكا التي يقدر عدد سكانها بحوالي ألفي نسمة في شمال غربي ميشيغن وهي المركز الإداري لمقاطعة كالاكاسكا التي يقطنها زهاء ١٧ ألف نسمة، كما هي تعد جزءاً من منطقة ترافيرس سيتي السياحية المطلة على بحيرة ميشيغن.
وكان سيتينغ قد نشر تعليقات معادية للمسلمين، حض في إحداها -في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي- على «قتل جميع المسلمين حتى آخر واحد منهم».
وفي شباط (فبراير) الماضي، رد سيتينغ على الانتقادات والمطالبات له بالاعتذار بالسخرية عبر فيسبوك قائلاً: «إذا أردت أن تقتني مسلماً أليفاً لكي تشعر بالدفء والحميمية تجاه نفسك.. أرجوك، اذهب واحصل على واحد منهم واشحطه إلى منزلك ليبقى فيه.. بهذه الطريقة يمكننا أن نخفف عن القلوب النازفة للراغبين بأن يكونوا ليبراليين».
ويصر سيتينغ على عدم الاعتذار رغم تحريضه الواضح على العنف ضد المسلمين متسبباً بانقسام بين أبناء المنطقة، وهو ما دفع المنظمة الجديدة إلى تعزيز جهودها لمواجهة المغالطات والأفكار العنصرية المنمطة التي بنى عليها العمدة مواقفه.
وتتلخص مهمة «كاي أف بي» بحسب بيان نشر على موقعها الالكتروني، بـ«العمل نحو تطوير مجتمع آمن وشامل ومرحب من خلال تشجيع المصالح التجارية، وفرص التعليم والانخراط السياسي غير العنصري».
وقد نشر أعضاء المنظمة في آب (أغسطس) الماضي عريضة إلكترونية لجمع التواقيع عبر موقع «تشاينج.أورغ»، طالبوا فيها المجلس البلدي لقرية كالكاسكا بشجب خطاب الكراهية الذي يبثه سيتينغ، وقد وقّع على العريضة ما يزيد على 1200 شخص.
وتضمنت العريضة رسالة مفتوحة إلى حاكم ولاية ميشيغن، ريك سنايدر، جاء فيها «لقد اتخذنا موقفاً صلباً ضد خطاب الكراهية الذي ينشره ويتشاركه عمدة قرية كالكاسكا جيف سيتينغ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يصرّ على عدم التراجع والاعتذار عنه». وتابعت «إننا نؤمن بأن الدعوة إلى الإبادة الجماعية والعنف لا يمكن التساهل معها».
ودعت الرسالة سنايدر إلى اتخاذ موقف واضح ضد منشورات سيتينغ حتى يتنسى لمجلس القرية اتخاذ موقف مماثل ضده استناداً إلى المعايير الأخلاقية المعتمدة في مراسيم القرية.
ندوة موسعة
وعقدت منظمة «كالكاسكا من أجل السلام» في 15 أيلول (سبتمبر) الجاري، ندوة لحوار الأديان، بالتعاون مع «مائدة ميشيغن المستديرة» للتنوع والشمولية، و«مجلس الجالية الإسلامية في ميشيغن» (أم أم سي سي)، وتميزت الفعالية بحضور كثيف من المسؤولين والقيادات الروحية والشخصيات من خلفيات متنوعة.
وشارك في الندوة التي أدراها رئيس «مائدة ميشيغن المستديرة» ستيف سبريتزر، كل من: القس آندي براتون من «كنيسة المسيح بكالكاسكا»، والأب نورم ديكسون من «كنيسة القديسة مريم الكاثوليكية في وودز»، وبام أوفشينسكي من «معبد بيناي إسرائيل» في بيتوسكي، وسكوت بلير من «غراند ترافيرس هيومانيستس»، وسيسيليا لابوينت من «الدائرة الحمراء للاستشارات»، والمحامي العربي الأميركي من ديترويت، تيم (حاتم) عطا الله، الذي أكد للحضور على إيمانه بأهمية الحضور إلى كالكاسكا «للتواصل مع السكان المنددين بالكراهية والتعصب، والقول لهم: شكراً».
عطا الله الذي كان قد عينه حاكم ميشيغن السابق جون إنغلر عضواً في لجنة «الحقوق المدنية في ميشيغن» (1991-1998)، أضاف قائلاً «لقد توصلت إلى أنه من المهم جداً بالنسبة للمسلمين الأميركيين أن يتواصلوا مع من يناهضون التعصب والإسلاموفوبيا».
وكانت زيارة المحامي العربي الأميركي لقرية كالكاسكا -التي تبعد عن ديترويت حوالي ٢٤٠ ميلاً- هي الثانية من نوعها منذ ظهور تصريحات العمدة العنصري، حيث كان عطا الله قد قصد القرية سابقاً لحضور اجتماع للمجلس البلدي تم إلغاؤه بسبب تغيب ستة من أعضائه السبعة، وكان سيتينغ واحداً منهم.
ولكن ذلك لم يمنع في تلك الزيارة عطا الله من التواصل مع السكان المحليين الرافضين لمواقف سيتينغ المعيبة، بحسب ما أدلى به لـ«صدى الوطن»، مؤكداً أن الجميع كانوا «ديبلوماسيين» ولم يجادلوا حول عدم صوابية مواقف عمدة القرية.
ومن ناحيته، كشف مدير الندوة سبريترز أن سيتينغ كان ينوي الحضور «مما كان سيهدد سلامة الاجتماع». وأضاف «لقد عملنا مع وكالات إنفاذ القانون وشرطة الولاية وشريف المقاطعة للتأكد من أن مكان الاجتماع آمن»، مشيراً إلى أن سيتينغ «حاول إفشال الفعالية».
وكان مجلس قرية كالكاسكا قد أصدر قراراً في 28 آب (أغسطس) الماضي قراراً يؤكد على «حقوق وحماية جميع الأشخاص». وقد أشادت منظمة «كالكاسكا من أجل السلام» بالقرار مؤكدة أنه «لا يغفر خطاب الكراهية الذي قيل، ولا يزيل آثاره السلبية عن المجتمع، كما أنه لن يكون بديلاً عن الاعتذار»، بحسب بيان نشرته على مدونتها الالكترونية.
Leave a Reply