كلينتون تتقدم على أوباما ديمقراطياً.. ولكن الحسم مؤجل
مع مرور عاصفة «الثلاثاء الكبير»، حيث جرت تمهيديات الرئاسة الأميركية في 21 ولاية للجمهوريين و22 للديمقراطيين، لم تخرج النتائج عن التوقعات. فجمهوريا استطاع جون ماكين ان يؤكد مركزه على رأس المرشحين بفارق كبير جدا فاق حتى توقعات فوزه، وهذا ادى الى تلاشي اي بارق امل للمركز الثاني الذي يشغله ميت رومني الذي اعلن انسحابه الخميس الم.يضي وديمقراطيا لم تسفر النتائج، كما كان متوقعا ايضا، عن تقدم احد المرشحين على الآخر حيث حصل المرشحان على اعداد مفوضين متقاربة لم تخول احدهم تأكيد مركزه.
وتنتظر المرشحين جولات في لويزيانا وواشنطن (للحزبين)؛ كنساس ونبراسكا (جمهوريين فقط) وذلك يوم الجمعة 9 شباط (فبراير). بينما تجري جولة واحدة في ماين (ديمقراطيين) في 10 الجاري؛ وثلاث جولات في ميريلاند، فرجينيا، ومقاطعة كولومبيا (الحزبين). في 12 من الجاري
النتائج العامة
ديمقراطيون
اوباما: 861 مفوضا
كلينتون: 855 مفوضا
جمهوريون
ماكين 721 مفوضا
رومني 278 مفوضا
هاكوبي 195 مفوضا
نتائج الثلاثاء الكبير
جاءت النتائج طبقا لربح الولايات على الشكل التالي:
ديمقراطيا:
اوباما: الاباما، الاسكا، كولورادو، كونيتيكيت، ديلاوير، جورجيا، ايداهو، الينوي، كانساس، مينيسوتا، ميسوري، نورث ديكوتا، يوتا.
كلينتون: اريزونا، اركنسو، كاليفورنيا، اوكلاهوما، ماساتشوسيتس، نيوجيرسي، نيويورك، تينيسي.
جمهوريا:
ماكين: اريزونا، كاليفورنيا، كونيتيكيت، ديلاوير، الينوي، نيوجيرسي، ميسوري، نيويورك، اوكلاهوما.
رومني: كولورادو، ماساتشوسيتس، مسنيسوتا، مونتانا، يوتا، الاسكا، نورث ديكوتا.
هاكوبي: الاباما، اركنسو، جورجيا، وتينيسي وست فرجينيا.
قراءة النتائج ديمقراطيا:
لم تنته عمليا اجراءات عد الاصوات. لذلك، ورغم النتائج التي اوردتها قناة «ان بي سي»، والتي تمت طبقا لمنهجها في حساب المفوضين الا ان العد الرسمي النهائي لم يتم بعد. كما ان نظام حساب المفوضين ديمقراطيا معقد الى درجة كبيرة: قسم من المفوضين يتم توزيعهم نسبيا على المرشحين طبقا لاعداد الاصوات التي ربحوها في الولاية. وقسم آخر يتم حسابهم طبقا لمجمل نتائج المقاطعات الانتخابية في داخل الولاية. والامر معقد ويحتاج الى توضيح:
ففي ولاية كاليفورنيا مثلا نوعان من التوزيع: الاول نسبي على الشكل التالي: لدينا 129 مفوضا. إذا حصل المرشح على 52 بالمئة من الاصوات فتكون النتيجة (52% × 129) = 67 مفوضا. لكن هناك ايضا 241 مفوضا يتوزعون نسبيا بحسب الاصوات التي يربحها المرشح في المقاطعات الانتخابية الـ 53 في الولاية. والعبرة هي في حساب هذه الاصوات الذي لا يمكن ان يتم الا بعد الانتهاء من حساب كل الاقلام وذلك قد يأخذ اسبوعا كاملا. هذا في حساب الانتخابات التمهيدية في الاقتراع السري (برايماري) اما في التمهيديات العلنية (كوكاس)، كما في مينيسوتا وايوا وكانساس، فيصبح امر المفوضين اكثر تعقيدا.
لذلك نرى فوارق كبيرة في الارقام التي توردها القنوات الاخبارية او الصحف حيث لكل قناة او صحيفة منهجا في حساب وتقدير المفوضين. فقناة «ان بي سي» اوردت تقدم اوباما على كلينتون؛ اما نيويورك تايمز، ففي حساباتهم ان كلينتون تفوقت على اوباما؛ وكذلك فعلت «اي بي سي». وتحتاج النتائج الرسمية النهائية ربما الى اكثر من اسبوع.
هذا من جهة احتساب المفوضين اما من ناحية حسم المركز الاول فليست الصورة الديمقراطية واضحة بعد، وربما نحتاج الى مزيد من الجولات المقبلة لنقف على المرشح الفائز.
وسبب ذلك ان طريقة توزيع المفوضين على الفائزين ديمقراطبا تختلف عن تلك الجمهورية. فأغلبية الولايات، كما رأينا اعلاه، توزع المفوضين نسبيا. وقليلة هي الحالات التي تتبع فيها اسلوب «الرابح يحصد الكل» كما في اغلبية التمهيديات لدى الحزب الجمهوري، لذلك يتأخر الحسم عند الديمقراطيين وتكون النتائج متقاربة مما ينتج توزيعا متساويا للمفوضين. ناهيك عن قاعدة النسبة المرجحة التي تحتسب عبر المثال التقريبي التالي:
في اغلب الولايات، اذا حصل المرشحان على نسب متقاربة يوزع المفوضون عليهم بالتساوي، وحتى لو حصل احدهم مثلا على 62 بالمئة مقابل 38 بالمئة يبقى توزيع المفوضين مناصفة ما بين المرشحين. ولكن ان تجاوز احدهم خصمه مثلا بفارق كبير وتخطى عتبة 63 بالمئة، مثلا، يستطيع عندها ان يحصل على مفوض او مفوضين اثنين علاوة او «بونس». لذلك، تمركز الصراع في كثير من الولايات على هؤلاء المفوضين خصوصا في الولايات التي تتقارب فيها قوة المتنافسين.
هذا كله فيما يخص المفوضين الملتزمين بمرشح معين (pledged delegates). وهؤلاء يتميز التزامهم بأنه سياسي اكثر منه قانوني بمعنى ان القانون لا يعاقب المفوض على عدم الادلاء بصوته للمرشح الذي انتخب لأجل التصويت له، لكنه من الصعب مخالفة هذا الالتزام السياسي نظرا لعدم قوة المفوض ليتخذ قرارا مثل هذا بمعزل عن رغبة المرشح الا في حال انسحب المرشح كما الـ26 مفوض الذين ربحهم جون ادواردز حيث يحق لهم في المؤتمر الوطني ان يصوتوا لأحد الاثنين اوباما او كلينتون دون اي مسؤولية سياسية. ورغم ان ادواردز قام بتسريح هؤلاء المفوضين معنويا من الالتزام السياسي بالتصويت لأحد معين بعد انسحابه الا ان ذلك لا يعد الا اجراء شكليا.
اما فيما يخص النوع الآخر من المفوضين وهم المفوضون الممتازون (super delegates) فلا يتم انتخابهم كما في النوع الاول بل هم يمتلكون، بحكم موقعهم المميز في الحزب، سلطة التصويت في المؤتمر الوطني. ويتكون هؤلاء من الديمقراطيون الذين يشغلون مناصب مهمة كأعضاء الكونغرس وقيادات الحزب وغيرهم. وهؤلاء ليس عليهم التزام سياسي بالتصريح عمن سيمنحون صوتهم له.
وهناك قرابة 800 مفوض ممتاز في الحزب الديمقراطي، 260 منهم قرروا التصويت لـ كلينتون، و170 لـ اوباما، حتى الآن (كما اوردت «ان بي سي») والباقي لم يقرروا بعد. وهؤلاء المفوضون الممتازون يستطيعون ان يغيروا قرارهم فيمن سيمنحون صوتهم له حتى لحظة التصويت الفعلي على تسمية المرشح الحزبي. ويجري هذا التصويت خلال مؤتمر الحزب الوطني الذي يعقد بعد انتهاء التميهيديات في دنفير، كولورادو، في 25 – 28 آب القادم.
وطبقا لما تقدم في النوعين السابقين من المفوضين فانه وحتى لو استطاع المرشح الديمقراطي التفوق على منافسة بمئة او مئتي مفوض عادي، يبقى لديه فرصه كبيرة بقلب النتيجة فيما اذا استطاع كسب هؤلاء المفوضين الممتازين فهم يشكلون حوالي 40 بالمئة من اعداد المفوضين الذين يتطلب ربحهم للفوز بتسمية الحزب.
وجاءت احصاءات قسمة الاصوات بعد الثلاثاء الكبير على الشكل التالي:
اصوات البيض: كلينتون 53 بالمئة، اوباما 41 بالمئة
اصوات البيض الذكور: اوباما 48، كلينتون 46
اصوات السود: اوباما 82، كلينتون 16
اصوات الشباب تحت سن 30: اوباما 57، كلينتون 41
اصوات المسنين فوق سن 60: كلينتون 57، اوباما 37
اصوات اللاتينيين: كلينتون 63، اوباما 35
والانجاز الذي حققه كل من المرشحين طبقا للارقام اعلاه هو كسب اوباما اصوات الذكور البيض في وقت لم تستطع كلينتون ان تكتسح قلعة اوباما الانتخابية وتكسب نسبة معتبرة من اصوات السود. لكن كلينتون تبلي حسنا وتكسب اصوات المسنين واللاتينيين.
قراءة النتائج جمهوريا
استطاع المرشح جون ماكين وهو مقاتل ومعتقل سابق في فيتنام وعضو لجنة مجلس الشيوخ للقوات المسلحة، ان يحقق نصره المتوقع بعد الثلاثاء الكبير ويكرس نفسه الاول دون منازع بفارق كبير من اصوات المفوضين الذين جمعهم. وكانت غنيمته الكبرى ولاية كاليفورنيا حيث ربح جميع المفوضين (152 مفوضا) بعد حصوله على 42 بالمئة من اصوات الناخبين ولم يترك الا 6 مفوضين للثاني ميت رومني (34 بالمئة). كما استطاع ماكين ربح عدد من الولايات السمينة بالمفوضين كـ نيويورك، الينوي، واريزونا. وشكل المستقلون والجمهوريون المعتدلون اغلبيات في جميع هذه الولايات وهي النوعية التي يعتمد عليها ماكين في كسب اصواتها. وكان انسحاب جولياني واعلان دعمه لماكين ساعده على حيازة اصوات المعتدلين والمستقلين الذين كان ينافسه عليهم الاول رغم عدم قدرة جولياني على تشكيل قوة جذب لتلك الاصوات لكنه امتلك قوة سلب من نتائج ماكين قبل انسحابة.
اما منافسه رومني، الحاكم السابق لولاية ماساتشوسيتس، الذي تأخر عنه بفارق كبير فلم يربح الا بضع ولايات ببضع مفوضين. ربح رومني ولايته ماسوشوسيتس، كما ربح ولاية يوتا موطن كثافة كبيرة من اتباع المذهب المورموني. وكانت الهزيمة قاسية لـ رومني لدرجة افقدته الفرصة للمضي قدما ففضل الانسحاب وحفظ ماء الوجه المتبقي لديه بعد اعلانه وقف حملته الانتخابية الخميس ظهرا.
واما مايك هاكوبي، الحاكم السابق لولاية اركانسو، فقد صمد في السباق وربح خمسة ولايات رغم انه حل ثالثا. وكان المفترض ان يفقد هاكوبي اي بارقة امل لولا انسحاب رومني الذي اعاد املا لا بالفوز بتسمية الحزب للرئاسة وانما للفوز بالتسمية على نيابة الرئيس في حال ربح الجمهوريين الانتخابات.
وماكين يحتاج الى 470 مفوضا ليفوز بتسمية حزبه، بينما يحتاج هاكوبي، وهو افتراض نظري، الى 997.
ولقد ظهر ان ماكين ربح اكثر مما كان متوقعا من اصوات الانجيليين، واظهرت نتائج الاستطلاعات ان اصوات هؤلاء توزعت بالتساوي بين المرشحبن الثلاثة.
ويثير ماكين ازمة في السياسات التي ينادي بها حيث يدعوا الى منح الجنسية للمهاجرين غير الشرعيين ودعم اصلاح قانون تمويل الحملات الانتخابية حيث رفع معارضون كثيرون اصواتهم ضده وحاول منافسه المنسحب رومني قبل الثلاثاء الكبير ان يستثمر الامر مدعيا ان ماكين ليس جمهوريا بما فيه الكفاية وتم اتهامه ايضا في بعض الاعلانات بمطابقته لـ هيلاري كلينتون الديمقراطية.
ويرى مراقبون ان على ماكين ان يعدل من خطابه السياسي حتى لا يخسر اصوات متشددي الجمهوريين وقد طرح الاخير فكرة تمديد خطة بوش في خفض الضريبة وافكارا اخرى عن حماية الحدود قبل الاقدام على منح المهاجرين غير الشرعيين فرصة الحصول على الجنسية وذلك في استراتيجيات كسب غير الراضين عن خطه السياسي من حزبه.
ويدعي ماكين انه الاقدر على توحيد الحزب الجمهوري. ولقد منح الحاكم الحالي لولاية كاليفورنيا ارنورد شوارزينيغير دعمه لـ ماكين.
المال الانتخابي
وفي وقت تمضي حملة اوباما بنجاح في جمع المال الانتخابي قامت كلينتون بادانة حملتها مبلغ 5 ملايين دولار. اوباما استطاع جمع 3 ملايين دولار عبر الانترنت في يوم واحد الاسبوع الماضي.
كلينتون كانت جمعت قرابة 14 مليون دولار في الشهر الماضي ولكن هذا المبلغ يبقى اقل من نصف ذلك الذي استطاع اوباما جمعه عن تلك الفترة (32 مليون، اي اكثر من مليون دولار يوميا).
ويعد 47 بالمئة من المتبرعين لحملة اوباما من الطبقات الفقيرة (مقدار التبرعات 200 دولار او اقل) بينما لا يشكل هؤلاء عند كلينتون اكثر من 14 بالمئة وهذا يشير الى الطبقات الاجتماعية ونوعية المتبرعين. ويفتقر اوباما الى دعم المجموعات القوية ذات القدرة على الدعم والضغط في وقت تأتي نصف تبرعات حملة كلينتون من هذه المجموعات.
ويعد رومني المرشح الاول في استخدام ماله الشخصي عبر إقراضه حملته الانتخابية حيث وصلت الاموال التي قدمها حتى الآن كقرض الى 35 مليون دولار منذ اعلانه ترشيحه.
ويظهر جمهوريا ان المال وحده لا يصنع القيادات فـ ماكين، الذي بدأ بتواضع والذي منحه الفوز المتتالي دفعا كبيرا لجمع مبالغ تعينه في الحملات التي واجه بها الثلاثاء الكبير، لم يجمع الا 38 مليون دولار مقارنة بمنافسه المنسحب رومني الذي صرف حتى انسحابه 86 مليون دولار ولقد استطاع ماكين ان يحسم بفارق كبير جدا مسألة تسميته للترشح للرئاسة من قبل حزبه.
Leave a Reply